مصادر فرنسية: أجلنا اجتماع مجلس الأمن حول سوريا كي لا نشوش على القرار العربي

قالت لـ «الشرق الأوسط» انه من المرجح تأجيل اجتماع الرباط

TT

قالت مصادر فرنسية رسمية إن ثلاثة أسباب حدت بباريس إلى تأجيل دعوة مجلس الأمن للاجتماع بغرض النظر في تطورات الوضع السوري ومحاولة الحصول، أخيرا، على قرار منه يكون تحت الفصل السابع ويهدد بفرض عقوبات على النظام السوري في حال عدم التزامه ببنود القرار، التي منها وقف النار والعنف وسحب الأسلحة الثقيلة من القوات والمدن وتسريع عملية الانتقال السياسي. وبعدما كانت باريس «مستعجلة» للدعوة إلى جلسة لمجلس الأمن على مستوى وزراء الخارجية، مباشرة فور تسلمها رئاسة المجلس للشهر الحالي التي بدأت الأربعاء الماضي، فإنها غيرت رأيها وفضلت التريث. وقال وزير الخارجية لوران فابيوس في بيان صدر عصر الأربعاء إنه قام «بالاتصالات اللازمة من أجل أن يلتئم مجلس الأمن سريعا على المستوى الوزاري قبل نهاية شهر أغسطس (آب)». وأفادت مصادر فرنسية رسمية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» بأن الدبلوماسية الفرنسية قامت بجولة مشاورات واسعة مع الأعضاء الكبار في مجلس الأمن ومع أطرف عربية ومع الجامعة العربية، خلصت بنتيجتها إلى تفضيل خيار التأجيل رغم إعلان الوزير فابيوس عن رغبة بلاده في الدعوة إلى اجتماع للمجلس قبل نهاية الأسبوع الحالي. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الموعد «المبدئي» الذي كانت تعمل عليه فرنسا حدد يوم الأحد القادم. ويتمثل السبب الأول للتأجيل في رغبة باريس في تحاشي «التشويش» على المبادرة السعودية العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، خصوصا أنه أعلن عنها وبدأ التحضير لها قبل أن أعربت فرنسا عن نيتها دعوة مجلس الأمن للانعقاد. وخلال الاتصالات التي جرت في الأيام القليلة الماضية، ساق الجانب العربي عددا من الحجج التي تدفع باتجاه أولوية التوجه إلى الجمعية العامة قبل مجلس الأمن، ومنها أن قرارا يحظى بدعم واسع من الجمعية العامة «سيشكل رسالة سياسية قوية ووسيلة ضغط إضافية» في مجلس الأمن على الدول الرافضة أو المترددة «وعلى رأسها روسيا والصين»، التي حالت حتى الآن دون استصدار قرار واضح وقوي منه. وبتعبير آخر، فإن قرارا أمميا يحظى بدعم أكثر من 140 بلدا من شأنه «حشر» موسكو «وبكين» ودفعهما إلى إعادة النظر في مواقفهما، خصوصا أنهما لجأتا إلى استخدام حق النقض «الفيتو» في التاسع عشر من الشهر الماضي، للمرة الثالثة منذ اندلاع الأزمة السورية، لإجهاض قرار يخص سوريا وضع تحت الفصل السابع.

وتغلب على السبب الثاني الاعتبارات «العملية»، إذ تبين لباريس، بعد سلسلة من الاتصالات مع واشنطن والعواصم الفاعلة، أنه سيكون من الصعب جمع وزراء خارجية الدول الكبرى والدول الأعضاء الآخرين في المجلس يوم الأحد القادم لارتباط الكثيرين منهم بمواعيد سابقة. وعلى سبيل المثال، فإن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تقوم بجولة موسعة في أفريقيا، وسيكون بالتالي من الصعوبة بمكان بالنسبة إليها قطع جولتها والرجوع إلى نيويورك. وفي المقام الثالث تبين للدبلوماسية الفرنسية أنه على ضوء استمرار المواقف «الجامدة» للدول التي حالت حتى الآن دون أن يقوم مجلس الأمن بدور فاعل في الأزمة السورية، فإن الخطر أن يصل المجلس مجددا إلى طريق مسدود، وأن يبرز انقسامه إزاء ما تعتبره باريس مصدر تهديد لاستقرار كل الشرق الأوسط. ولذا، ظهرت الحاجة إلى مزيد من الاتصالات التي يجب أن تسبق التقاء وزراء الخارجية، خصوصا إذا كان الغرض وقف حد للعنف وتسريع عملية الانتقال السياسي.

وعلى صعيد موازٍ علمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية عربية أن الموعد المبدئي الذي حدد لاجتماع مجموعة أصدقاء الشعب السوري في الرباط بداية شهر سبتمبر (أيلول) سيتأجل على الأرجح هو الآخر «لعدم وضوح الرؤية وللحاجة إلى التحضير بحيث يخرج بقرارات عملية يمكن تنفيذها». كذلك تريد الجهات المنظمة انتظار ما سيصدر عن مجلس الأمن في اجتماعه المرتقب قبل نهاية الشهر الحالي.

وبعيدا عما يجري ميدانيا، تحولت الأزمة السورية إلى عملية «تصفية حسابات» بين الحكومة الاشتراكية والمعارضة اليمينية التي تتهم الرئيس فرنسوا هولاند وحكومته بعدم التحرك بالقدر الكافي لمواجهة التطورات الحاصلة في هذا البلد. وذهب جان فرنسوا كوبيه، أمين عام حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، إلى المقارنة بين ما فعله الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي تزعم مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حملة دولية أفضت إلى تدخل الحلف الأطلسي عسكريا في ليبيا عندما كانت مدينة بنغازي الليبية مهددة بالاجتياح وما يقوم به الرئيس الحالي لمواجهة الوضع في سوريا. ولكن «اتهامات» كوبيه تتسم بالكثير من التحامل، إذ إن سياسة هولاند إزاء سوريا لا تختلف كثيرا عن سياسة سلفه. وقد «عايش» ساركوزي، الذي يؤخذ عليه استقباله الرئيس الأسد في فرنسا أكثر من مرة، الأزمة السورية طيلة 14 شهرا قبل أن يخلي قصر الإليزيه للرئيس الاشتراكي الذي ركز بدوره على مجلس الأمن كمصدر للشرعية الدولية وأداة للتدخل في سوريا، وعلى تعبئة مجموعة أصدقاء الشعب السوري، فضلا عن تقديم الدعم والمساعدة للمعارضة السورية، وهي السياسة التي أرساها وزير الخارجية السابق آلان جوبيه.