أوباما يصدر مذكرة لدعم المعارضين السوريين بالتزامن مع طلب بتحديد «خط أحمر» للأسد

برنامج الأغذية العالمي: 3 ملايين سوري في حاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة

TT

وقع الرئيس الأميركي باراك أوباما وثيقة سرية تسمح بتقديم المساعدة للمقاتلين المعارضين السوريين، فيما يشكل خطوة في اتجاه التخلي عن «الحذر» في التعامل مع الساعين للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.

وجاء الكشف عن هذه المذكرة بينما رأى خبراء أميركيون في مجلس الشيوخ أنه يتوجب على واشنطن أن تزيد من دعمها للثوار من خلال تقديم أسلحة ودعم جوي لهم، لترسم «بوضوح» لنظام الأسد «خطا أحمر» لا يجوز تجاوزه تحت طائلة تدخل عسكري. وأفادت محطتا «إن بي سي» و«سي إن إن» نقلا عن مصادر لم تحدداها أن توقيع أوباما جاء في إطار ما يعرف بـ«التقرير الرئاسي» وهي مذكرة تجيز لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) القيام بتحركات سرية.

ولكن مسؤولين في البيت الأبيض رفضوا التعليق على هذه المعلومات، من دون أن يستبعدوا أن تكون واشنطن تقدم للقوات المناهضة للأسد المزيد من الدعم في مجال الاستخبارات مما تم الإقرار به.

ووردت هذه المعلومات عن توطيد العلاقة بين الولايات المتحدة والمعارضة السورية في وقت تدور فيه معارك طاحنة في حلب ثاني مدن سوريا بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة فيما وصف بـ«أم المعارك». حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

كما تتزامن مع تشديد الضغط السياسي على البيت الأبيض لحضه على تقديم المزيد من الدعم للمعارضة السورية على الرغم من تمنع الولايات المتحدة عن الانخراط في حرب جديدة في الشرق الأوسط.

وكانت واشنطن أعلنت سابقا أنها تقدم مساعدة طبية ولوجيستية لمقاتلي المعارضة السورية إلا أنها ترفض تقديم أسلحة، محذرة من أن المزيد من عسكرة النزاع الجاري في سوريا لن يكون مثمرا.كما رفضت واشنطن أي حديث عن تدخل عسكري أميركي واقتصر دعمها للمعارضة على تجهيزات اتصال بميزانية وصلت إلى 25 مليون دولار.

كما قدمت 64 مليون دولار كمساعدات إنسانية، وخصوصا المساهمة في إقامة مخيمات لعشرات آلاف النازحين من سوريا إلى جارتيها تركيا والأردن. وأعلنت الولايات المتحدة أمس تقديم مساعدات بقيمة 12 مليون دولار اضافي الى السوريين. وتتعاون إدارة أوباما في شكل وثيق مع تركيا في الموضوع السوري، وآخر أشكاله مكالمة هاتفية أجراها الرئيس الأميركي الاثنين مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، اتفقا خلالها على «تسريع الانتقال السياسي» في سوريا، بحسب ما أعلن البيت الأبيض.

ويأتي الدعم الاميركي المعلن في وقت تزداد المخاوف من تفاقم الازمة الانسانية في سورية. وفي تقريرها الأخير الذي أصدرته أمس، دقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ناقوس الخطر الإنساني والغذائي في سوريا، مشددة على ضرورة تأمين مساعدات زراعية وغذائية، لا سيما في المناطق التي طالها النزاع وأدى إلى نزوح السكان، لافتة إلى أن عدد المحتاجين سيشهد تزايدا في الأشهر المقبلة. وجاء في التقرير الذي قامت به «الفاو» بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي ووزارة الزراعة والإصلاح الزراعي السورية أن «3 ملايين سوري بحاجة إلى الغذاء والمساعدة في مجالات المحاصيل الزراعية والمواشي». وذكرت «الفاو» أنه من أصل الرقم المذكور هناك مليون ونصف المليون سوري يحتاجون إلى مساعدة غذائية عاجلة وفورية خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، لا سيما في المناطق التي طالها النزاع ونزوح السكان بصورة خاصة.

وأضافت المنظمة الدولية أن ما يقارب المليون شخص في سوريا أيضا سيحتاجون على مدى العام المقبل لمدهم بما يكفل ضمان سبل معيشتهم، وهؤلاء ممن يعيشون على الزراعة حيث يحتاج هؤلاء البذور والمواد الغذائية للحيوانات والوقود وإصلاح ماكينات الري، وغير ذلك من لوازم الزراعة. وفي سياق متصل، ذكر تقرير البعثة المشتركة لمنظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي لتقييم الاحتياجات في سوريا أنه، وبسبب انعدام الأمن وكذلك الجفاف الذي استمر لمدة طويلة، نحو ثلث سكان المناطق الريفية في سوريا أصبحوا بحاجة إلى المساعدة الفورية مع الوضع في الاعتبار أن العائلات الأكثر احتياجا في سوريا هي تلك التي تعتمد كليا أو جزئيا على الزراعة أو تربية الحيوانات، وحذر التقرير من أنه في حال عدم تقديم المساعدة إلى هذه الفئات وبسرعة، فإن حياتهم ستكون عرضة للانهيار خلال شهور قليلة. وأضافت أن قطاع الزراعة السوري خسر 1.8 مليار دولار هذا العام نتيجة الأزمة، وأن محصول القمح والشعير تضرر بشكل كبير. ويشير التقييم إلى وجود نحو 375000 أسرة ريفية في حاجة إلى مساعدات عاجلة على مدى 12 شهرا المقبلة. وقد خلص التقرير إلى أن هناك أعدادا كبيرة من أهالي المناطق الريفية في المحافظات الوسطى والساحلية والشرقية والجنوبية وفي المنطقة الشمالية الشرقية قد فقدت بشكل كلي أو جزئي مورد رزقها وأعمالها التجارية القائمة على الأصول الزراعية والثروة الحيوانية جراء استمرار انعدام الأمن، بالإضافة إلى موجة الجفاف التي طال أمدها. ويشكل المزارعون الذين يحتاجون إلى مساعدات عاجلة ما يقرب من ثلث السكان الريفيين ومن بينهم 5 إلى 10 في المائة أسر تعولها نساء. وقال ممثل الفاو في سوريا، عبد الله بن يحيى، إن الأسر الأشد فقرا في سوريا تعتمد بشكل كلي أو جزئي على الزراعة والثروة الحيوانية في الحصول على الغذاء والدخل. إنهم يحتاجون إلى دعم عاجل من الحبوب وإصلاح نظم الري وعلف الحيوانات والرعاية البيطرية.