مسؤول «إخوان الغرب» السابق لـ«الشرق الأوسط»: نحن في زمن الإخوان بمصر وغيرها اليوم

د. كمال الهلباوي: مشروع النهضة «إخواني» ومن ثم ينبغي أن يطرح على كل القوى الوطنية للاطلاع عليه وتعديله

TT

الدكتور كمال الهلباوي المتحدث السابق باسم «إخوان أوروبا»، والتنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين في الغرب، ينتقد الإخوان علانية في الداخل والخارج، وينتقد الهلباوي، الإخوان الذين يسعون إلى «التكويش» والسيطرة على كل شيء في مصر، ولما لم يجد آذانا صاغية من مكتب الإرشاد برئاسة المرشد العام للجماعة، أعلن استقالته على الهواء مباشرة، وفي حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أكد أنه لا عودة عن الاستقالة، بل باتت أمرا مقضيا، بل إنه يسعى في القاهرة اليوم إلى تشكيل جماعة دعوية مع المنشقين عن «الجماعة» تكون موازية للإخوان، مهمتها نشر المنهج الوسطي للإسلام الحنيف، كما قال الله تعالى في محكم التنزيل «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا».

والدكتور الهلباوي مؤسس «الرابطة الإسلامية» في بريطانيا وأمين عام منتدى الوحدة الإسلامية في أوروبا، ومستشار «جبهة إنقاذ مصر» التي حلت نفسها عقب ثورة يناير، يمثل رقما صعبا بين الإسلاميين في الغرب وفي مصر اليوم، فلم يبق له سوى قول الحق فقد انتقد جماعة الإخوان التي تربي في كنفها وبات واحدا من قياداتها ورموزها واستقال من تبوء المناصب القيادية في عام 1997 ثم استقال من عضوية الجماعة مطلع عام 2012 على أثر مواقف الإخوان المتناقضة، وأصبح من المغضوب عليهم في نظر البعض، لكنه خرج من عباءة التنظيم أقوى، فقد وجد فضاء الله أوسع وأرحم به من عباءة المرشد، وصدور البشر تتسع لما لا يتسع له التنظيم، وآثر الدكتور كمال الهلباوي أن يسير على الأشواك، كما الدعاة في سبيل الله، عملا بقوله تعالى: «وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ»، وبعد أن شاهد الهلباوي القادم من عاصمة الضباب إلى القاهرة بعد غياب 23 عاما، بسبب وجود اسمه على قوائم الترقب والوصول لأمن الدولة في عهد الرئيس السابق مبارك، الصفقات التي لا تتناسب مع ما دفع من دماء شباب الثورة قرر أن يترك الجمل بما حمل ويتفرغ للدعوة لدين الله ونهضة الوطن. وجاء الحوار معه على النحو التالي:

* هل عرفتم الدكتور محمد مرسي من قبل عن قرب؟ وما انطباعكم الشخصي عنه؟ ولماذا تصفونه «بالثوري».. وكيف تقيمون الصعاب التي سيواجهها خلال الـ100 يوم الأولى من حكمه؟

- الدكتور محمد مرسي معروف لجميع الإخوان ولكثير من السياسيين والبرلمانيين في مصر وخصوصا أنه كان أحسن برلماني مصري، وله انتقادات واسعة للنظام السابق تحت قبة البرلمان، وهو شخص طيب ومحترم نال من التربية في دوائر الإخوان المسلمين ما يؤهله لأن يكون شخصية متوازنة محبة للخير، فضلا عن تأهيله العلمي الدقيق مما يضعه في مقدمة الحكام المتعلمين، ومعرفته بالغرب كبيرة من خلال الدراسة والمتابعة. يوصف بأنه ثوري الهوى لوقوفه ومساندته لثورة 25 يناير، ولأدائه اليمين شعبيا أيضا أمام مليونية في ميدان التحرير، قبل أن يتوجه في اليوم التالي إلى المحكمة الدستورية العليا لأداء اليمين رسميا. ويواجه الرئيس مرسي مجموعة كبيرة من الصعاب والتحديات وخصوصا في ضوء التعهدات التي تعهد بها وعلى الأخص، عندما حدد علاج مجموعة من التحديات في المائة يوم الأولى من حكمه وهي الأمن، والنظافة، والوقود، والخبز، والمرور فضلا عن التعهدات الكثيرة الأخرى، وخصوصا تشكيل مؤسسة الرئاسة والحكومة من كل القوى الوطنية.

* ما تعليقكم على التضارب الذي أثاره قرار الدكتور مرسي في عودة البرلمان المنحل ثم تعليق العمل بهذا القرار بقرار من المحكمة الدستورية.. هل يقلل هذا النوع من القرارات شعبية الإخوان في الشارع المصري؟

- أثار قرار الدكتور مرسي لانعقاد البرلمان المنحل تضاربا بين القضاة والمستشارين والمحاكم في مصر وبين دوائر ومختلف فئات الشعب، مما يوضح مجموعة من الأمور والقضايا تشير إلى أن فهم مؤسسات القضاء للقوانين والوقائع يتفاوت من محكمة لأخرى ومن مستشار إلى آخر. ولكن استجابة الدكتور مرسي وهو في كرسي الرئاسة لقرار المحكمة الدستورية وتعليق العمل لقراره شخصيا، يوضح أن الرئيس يقبل الرجوع إلى الحق والصواب، وأنه يحترم القانون. وإن وجد الحق أو الصواب في غير قراره فإنه يعود إلى الحق. هذه القرارات لا أظن أنها أثرت على شعبية الإخوان في الشارع المصري بل يمكن أن تكون قد زادت في شعبية الإخوان في الشارع، لأن الشعب لا يثق في القضاء ثقة عمياء. ويرى أن القضاء قد تخبط في بعض القرارات والأحكام بعد الثورة ومنها إبطال البرلمان وقانون العزل. وهناك أيضا قضاة ممن شاركوا في إصدار أحكام جائرة على السياسيين وخصوصا الإسلاميين أيام مبارك، ولا يزالون في مناصبهم.

* هل زيارة الدكتور مرسي إلى السعودية كأول محطة خارجية جاءت في وقتها ومعبرة عن مراحل تطور العلاقات المصرية السعودية على مر التاريخ؟ وما الدلالات التي تحملها تلك الزيارة.. وما تعليقاتكم على تصريحاته قبل وصوله بأن أمن الخليج خط أحمر؟

- جاءت زيارة الرئيس الدكتور مرسي إلى السعودية في أول محطة خارجية له، للقاء المسؤولين ولأداء العمرة التي أعلن عنها أثناء جولاته الانتخابية كأول شيء يعمله بعد توليه الرئاسة لما للعمرة من أثر روحي ومعنوي في الأداء لمن يعتبر. وكانت الزيارة قد لقيت ترحيبا من بعض الجهات المصرية الإعلامية وغيرها أملا في أن تحل هذه الزيارة أهم المشكلات القائمة ومنها الاستثمارات، وتحسين العلاقات وخصوصا بعد أزمة استدعاء السفير السعودي أحمد قطان وعودته إلى السعودية بناء على طلب من السلطات السعودية. وهناك من انتقد الزيارة باعتبار أنها لن تحل المشكلات القائمة ومنها مشكلة المحامي الجيزاوي والمعتقلين المصريين في السعودية. أما تصريحات الدكتور مرسي بأن أمن الخليج خط أحمر فهو يذكر جزءا واحدا من حقيقة أن أمن الخليج وجميع الدول العربية والإسلامية يجب أن يكون خطا أحمر لنا جميعا وليس أمن الخليج فقط، بحيث يمنع العدوان على الأمة ولا تستخدم أراضيها للعدوان على الآخرين. وبهذه الزيارة يمكن أن يتم تفعيل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وتعميق التعاون والتفاهم حتى نحمي أمن الأمة جميعا، والسعي لعودة العلاقات العربية والإسلامية إلى مجراها الطبيعي.

* هل الزيارة في حد ذاتها تعني أن مصر تقدم علاقاتها مع السعودية والخليج على علاقاتها مع إيران خصوصا أن إيران بلد غارق في المشكلات ويحتاج إلى من يساعده ولن يقدم لمصر شيئا؟

- جاءت قراءة الزيارة إلى المملكة العربية السعودية أولا، بما يدل على أن تحسين علاقات مصر مع السعودية والخليج واستمرار التعاون بعد الثورة والتنحي ومحاكمة الرئيس الفاسد كانا ضمن الأولويات الكبرى ولن يؤثر ذلك على الموقف من بقية الدول الإسلامية ومنها إيران واستعادة العلاقات مع إيران. إن إيران على الرغم من مشكلاتها الداخلية والهيمنة الأميركية والحصار عليها، إلا أنها استطاعت أن تتقدم علميا وتقنيا حتى أصبح لها برنامج نووي يخشاه الغرب ويتمنى زواله. وتقف إيران موقفا عظيما من الكيان الصهيوني وللأسف الشديد لا تقف موقفا إيجابيا من الثورة الشعبية في سوريا.

* ما نصيحتكم إلى الدكتور مرسي اليوم.. وما الذي يحتاجه رئيس مصر خلال الشهور المقبلة من وجهة نظركم؟

- نصيحتي إلى الدكتور مرسي اليوم تتضمن 6 نقاط هي، أولا: العمل من أجل تحويل هدف الشراكة الوطنية إلى حقيقة مؤكدة من خلال تجديد الالتزام بحماية الثورة وأهدافها والتصدي للثورة المضادة، وكل محاولاتها للالتفاف على الثورة سعيا لإسقاطها.

ثانيا: التصدي لحالة ازدواجية السلطة واستمرار الدور السياسي السيادي للمجلس العسكري، من خلال السعي لإسقاط الإعلان الدستوري المكمل، والدفع باتجاه إصدار إعلان دستوري بديل ينهي هذه الازدواجية الخطيرة في القرار السياسي الوطني.

ثالثا: التحفظ على منهجية تشكيل الحكومية الجديدة التي تجاوزت كل ما اتفق عليه بخصوص آلية تشكيل هذه الحكومة من خلال حوار وطني موسع، يستوعب كل الطاقات الوطنية الداعمة للثورة، والالتزام بأن يكون رئيس الحكومة شخصية وطنية مستقلة مشهود لها بدورها الوطني وقادرة على تحقيق الوفاق الوطني، وأن يكون تشكيل الحكومة من شخصيات تعبر عن القدرة والكفاءة المهنية المشهودة من ناحية وأن تعكس من ناحية أخرى التعددية السياسية الوطنية.

رابعا: الدفع باتجاه تكوين الفريق الرئاسي من قيادات وطنية تعبر عن المعنى الحقيقي للشراكة الوطنية وتحقيق اختصاصات واضحة ومؤكدة لكل من نواب الرئيس.

خامسا: الإسراع بمراجعة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور حتى تصبح متوازنة في تكوينها ومعبرة عن كل القوى الوطنية، والتصدي لأي محاولات لإلغائها.

سادسا: أهمية تشكيل مجموعة إدارة الأزمات كما اتفق عليه سابقا من شخصيات وطنية تكون مهمتها المشاركة في صنع القرار الوطني بالكفاءة والسرعة اللازمة لدقة الأحداث الحالية تفاديا لما يحدث من ارتباك في الإدارة السياسية وعجز في مواجهة الأزمات.

وأنا أضيف إلى ذلك وضع خطة استراتيجية جديدة للحفاظ على أمن مصر الأمني والاقتصادي والتقدم العلمي والتقني ومواجهة الضغوط الخارجية التي تأتي إقليميا أو عالميا، والعمل على استعادة دور مصر الريادي الحضاري بالتعاون مع الأمة جميعا.

* من وجهة نظركم من رئيس الحكومة المؤهل لقيادة المرحلة المقبلة؟ هل كان من الأفضل أن يكون منتميا للإخوان؟ وما نسبة الإخوان في الحكومة المقبلة؟

- تم بالفعل اختيار الرئيس الجديد للحكومة وهو الدكتور هشام قنديل بعد استقالة حكومة الجنزوري ورئيس الوزراء الجديد بصدد تشكيل الحكومة. وقد تتم هذه المهمة قبل نشر هذا المقال. وقد انقسمت النخبة والتيار الوطني انقساما ملموسا حول تشكيل الحكومة المصرية الجديدة، بل إن بعضهم يرى أن رئيس الحكومة الجديد ليس هو الاختيار الأفضل، ولا يتفق مع التعهدات التي قطعها الرئيس على نفسه من اختيار شخصية وطنية مستقلة لها دورها الوطني المشهود، تستطيع تحقيق الوفاق الوطني التام والمساعدة في تحقيق التعهدات التي قطعها الرئيس على نفسه قبل انتخابات الإعادة.

* إن كان الرئيس المقبل من غير الإخوان فكيف سينفذ مشروع النهضة الذي روج له الإخوان كثيرا بأنه سيكون فاتحة خير ونهضة حقيقة للبلاد؟

- مشروع النهضة مشروع عظيم ولكنه مشروع الإخوان المسلمين وحزب «الحرية والعدالة»، ولو كنا في دولة مستقرة ديمقراطيا استقرارا تاما لتحمل الرئيس وحكومته مسؤولية تنفيذ برنامج النهضة هذا ثم يحاسبه الشعب من خلال البرلمان، ولكن مصر لا تزال في مرحلة انتقالية بعد الثورة الشعبية العظيمة، ومن ثم ينبغي أن يطرح مشروع النهضة على كل القوى الوطنية للاطلاع عليه وتعديله، إذا لزم الأمر أو إضافة ما يلزم إضافته حتى يتحول إلى مشروع نهضة للوطن. وبعد أن يكون موضع موافقة من القوى السياسية والوطنية والثورية جميعا، ومن ثم يتحمل الجميع مسؤولية إنجازه.

* وصول الدكتور مرسي إلى سدة الرئاسة في مصر هل سيكون دافعا ومددا في انتشار التنظيم العالمي في الغرب؟

- الحريات المتاحة في مصر حاليا فضلا عن وجود د. مرسي على كرسي الرئاسة، هي التي ستتيح فرصة قيام وانتشار التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وكذلك قيام ثورة تونس والثورة في ليبيا واليمن. وننتظر نجاح ثورة سوريا ليساعد نجاحها في انتشار الدعوة الإسلامية الوسطية ومشروع التنظيم العالمي، كل ذلك يساعد على قيام وانتشار تنظيم الإخوان المسلمين، إذ إن التنظيم كمشروع هو مشروع عظيم جدا، ولكنه لم ينجح بالكامل في الفترة السابقة نظرا للتضييق الأمني، والمنع من السفر، ووضع الإسلاميين في السجون والمعتقلات، والمطاردات للإسلاميين في الخارج والتضييق عليهم، وعلى تنقلاتهم، وتعاون كل وزراء داخلية الوطن العربي ضد هذا المشروع العظيم، ولذلك كان التنظيم الدولي سابقا - في ظني - جهاز تنسيق أكثر من تنظيم عالمي حقيقي فاعل.

* استقالتكم المثيرة من الإخوان على الهواء هل ستعودون عنها أم باتت أمرا مقضيا؟

- أنا لن أعود عن استقالتي من تنظيم الإخوان المسلمين بعد أن تغيرت الأوضاع السياسية، وأصبح رئيس الدولة في مصر إخوانيا، أو لأننا نمر عبر زمن الإخوان حاليا في مصر وغيرها من البلاد المجاورة. أنا لست من هذا النوع ولا أرضاه لنفسي ولا لغيري، والحمد لله تعالى لم أطمع يوما ما في ثمرة من ثمار الدعوة. الأسباب التي أدت إلى استقالتي لا تزال قائمة ومنها تردد قيادة الإخوان المسلمين في أدق اللحظات عن اتخاذ قرارات حاسمة في أسرع وقت ممكن. وبعض هذه الأسباب أصبح جزءا من التاريخ لا يستطيع الإخوان تصويبه أو تصحيح صورته حتى لو حكموا العالم، والمثال على ذلك يتمثل في الموقف من الثورة واللقاءات السرية مع عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية نائب رئيس الجمهورية الراحل، وقد أحدثت هذه اللقاءات ثورة وصدمة في شباب ومحيط الإخوان لأنها جرت دون علم مكتب الإرشاد، وجرت خلال أحداث الثورة المباركة، وملايين الشباب ينادون في ميدان التحرير بسقوط الرئيس السابق حسني مبارك، وأحد هذه اللقاءات لم يعلن على الإطلاق، وشارك فيه الدكتور سعد الكتاتني قيادي الإخوان رئيس مجلس الشعب لاحقا، وآخرون من قيادات الإخوان، وثار عدد من قيادات مكتب الإرشاد عندما علموا بأمر اللقاءات السرية مع عمر سليمان، ومن ضمن الذين غضبوا بشدة المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، الذي فصل من مكتب الإرشاد للجماعة ومن الإخوان نتيجة ترشحه الرئاسي، وسبب غضبة أبو الفتوح وكثيرين غيره، أنه كان في وسط ميدان التحرير مع شباب الثورة ينادون بأعلى صوتهم «الشعب يريد إسقاط النظام»، وعلى الطرف الآخر بعض قيادات الإخوان، تتفاوض مع عمر سليمان.

والحمد لله تعالى أنني سعيت بكل قوة وبكل ما أستطيع إلى أداء واجبي الدعوي والتربوي والنصح عندما كنت في التنظيم عضوا أو مسؤولا، وكنت أسمع وأطيع عن بصيرة وفهم وإدراك. ولن ينصلح حال الإخوان المسلمين بشكل كامل وأوضاع القيادة المتنفذة على هذا الوضع من التردد والهيمنة والاستقواء بالتنظيم أكثر من المشروع الدعوي العظيم الذي وضع أسسه ومعالمه الإمام البنا وشارك في تطويره الكثيرون. وهذا الأمر أراه واضحا ويعرفه الكثيرون وقد أضيف إلى ذلك سبب جديد يتمثل في إنكار بعض القيادات المتنفذة المترددة في تنظيم الإخوان حاليا لدوري في الإخوان أو حتى عضويتي، عندما استقلت في 31 مارس (آذار) 2012. فكيف أعود عن قراري للعمل مع مثل هؤلاء. ولكنني لن أترك الدعوة ولا المشروع الإسلامي الوسطي يوما ما، وأدعو الله تعالى أن يعينني في ذلك. وأسعى حاليا مع آخرين لتأسيس جمعية جديدة للدعوة تساعد في ملء الفراغ القائم، حيث إن الإخوان لا يملأون الفراغ القائم كله. وهناك تشدد وتسيب يحتاج إلى تقويم وتصحيح في المجتمع. مجال الدعوة كبير وواسع في المجتمع.

* من وجهة نظركم هل كان هناك صراع بين العسكري والإخوان بعد ثورة يناير؟

- لم يحدث أي صراع عميق بين الإخوان والمجلس العسكري منذ الثورة حتى اليوم، ولكن هناك تفاهم وحوار ونقاش وغضب وزعل وشد وجذب، واستخدام السلطات أحيانا في غير موضعها. لم يصل ولن يصل الوضع القائم إلى حد الصراع، إذ إن الطرفين يحرصان على شيوع السلام والهدوء وبعض الإصلاح وليس التغيير كما طلبت الثورة. وللأسف الشديد تحملت الثورة وتحمل الوطن نتيجة ذلك. خذ مثالا واحدا على ذلك تهريب الأميركيين الذين اتهموا في قضية التمويل الأجنبي لمؤسسات المجتمع المدني ولم يضغط الإخوان في هذا الأمر. وصدر قرار الإفراج عن الأميركيين والسماح لهم بالسفر مما يشير إلى تواطؤ واضح بين السلطة القائمة وبين القضاء كذلك، وحتى البرلمان الإسلامي برئاسة الكتاتني لم يهتم بهذه القضية ولم تتحرك القوى السياسية بما فيهم الإخوان وحزب الحرية والعدالة، تحركا مقبولا في هذا الصدد. ولا يمكن علاج هذا الأمر إذ إنه صار تاريخا اليوم.

* تعهد الرئيس مرسي في ميدان التحرير بإطلاق سراح الشيخ عمر عبد الرحمن.. هل كان متسرعا خصوصا أن الإدارة الأميركية على مستويات متعددة في وقت لاحق استهجنت الأمر باعتباره تدخلا في شؤون القضاء؟

- أرى أن تعهد الرئيس مرسي في ميدان التحرير بإطلاق سراح الشيخ عمر عبد الرحمن لم يكن متسرعا، بل كان معبرا عن رغبة أكيدة لاسترداد كرامة الوطن بما في ذلك جميع المواطنين وخصوصا أنه يعلم أن قضية الشيخ عمر عبد الرحمن قضية ملفقة مثل الكثير من القضايا التي تكون الأجهزة الأمنية الأميركية وراءها. وقد صدق الدكتور مرسي حتى اليوم على الرغم من قصر المدة التي قضاها في الرئاسة، في بعض تعهداته بإطلاق سراح كثير من السجناء والمعتقلين في مصر سواء من أعضاء الجماعة الإسلامية والجهاد أو ممن تم اعتقالهم أثناء الثورة أو بعدها. ولا يزال هناك مسجونون ومعتقلون مطلوب الإفراج عنهم منذ أيام مبارك، حيث إن بعضهم قضى 25 سنة في سجن العقرب ولا يزال في السجن فضلا عن أنهم جميعا مظلومون من أيام المخلوع وقضائه العجيب. كما نجح الدكتور مرسي في إطلاق الصحافية شيماء عادل التي كانت في معتقلات حكومة السودان واصطحبها معه عند عودته من أديس أبابا بعد مؤتمر القمة الأفريقية، كما أصدر مرسي قرارا بالعفو عن المتهمين ظلما في قضية التنظيم العالمي وهم الشيخ وجدي غنيم وإبراهيم منير ويوسف ندا وغالب همت وإبراهيم الزيات والشيخ فتحي الخولي رحمه الله تعالى، وكلهم اتهموا ظلما وعدوانا أيام الرئيس المتنحي مبارك. ويأمل المصريون من الرئيس مرسي السعي للإفراج عن كل المسجونين السياسيين في الداخل والخارج الآن، لأن هذا القرار يدخل في إطار إحقاق الحق والكرامة الإنسانية التي طالبت بها الثورة.