«النشرة الجوية» تتصدر اهتمامات العراقيين أكثر من زيارة أوغلو

تسجل أعلى نسبة مشاهدة لا سيما خلال رمضان حيث بلغت الحرارة 50 درجة مئوية

أناس يحاولون تبريد أنفسهم ببعض الماء في أحد شوارع بغداد أول من أمس (أ.ب)
TT

نشرتان لم يعد يثق بهما العراقيون، وهما نشرة الأخبار التي هي على رأس كل ساعة في كل الفضائيات التي انتشرت في العراق بعد عام 2003 بصورة غير مسبوقة، والنشرة الكهربائية التي تعدها وزارة الكهرباء وتعلن من خلالها معدلات إنتاج الطاقة وكيفية توزيعها على المحافظات والمناطق. كلتا النشرتين السياسية والكهربائية لم تعد تسجل اهتماما لافتا لدى العراقيين لا سيما خلال شهر رمضان المبارك حيث يهيمن على العراقيين اهتمامان لا ثالث لهما، وهما الحر اللاهب في ظل انقطاع الكهرباء الدائم، ومسلسلات رمضان سواء كانت ترفيهية أو تاريخية.

وإذا كان مسلسل «باب الحارة» السوري قد استحوذ خلال السنوات الأربع الماضية على أعلى نسبة مشاهدة بين المواطنين في العراق، فإن الحارة السورية اليوم لم تعد قائمة على شوارب أبو شهاب المفتولة، وقفشات مدير المخفر أبو جودة، بل باتت الخبر الأول في كل الفضائيات على صعيد أعمال القتل والنزوح التي سبق للعراقيين أن مروا بها خلال سنوات العنف الطائفي (2005 - 2008).

النشرة الوحيدة التي باتت تستحوذ على اهتمامات المواطن العراقي هي النشرة الجوية التي باتت تسجل أعلى نسبة مشاهدة لا سيما خلال شهر رمضان، حيث سجلت درجات الحرارة ارتفاعات غير مسبوقة (معدل 50 مئوية) أجبرت الحكومة على تعطيل دوائر الدولة بدءا من يوم الخميس لكي يضاف إلى عطلة الجمعة والسبت. وعلى الرغم من أن العراقيين يرون أن درجات الحرارة أكثر من 50 مئوية فإنهم يرون أن النشرة الجوية ذات مصداقية أكثر بكثير من نشرات الأخبار السياسية التي لا تأتي بأي نتائج تذكر للشعب العراقي.

وأوضح الكاتب وارد بدر السالم، لـ«الشرق الأوسط»، أن «أفعال السياسيين وممارساتهم أجبرتنا على ألا نهتم كثيرا بأخبار الوطن حتى اختزلناه أحيانا إلى وطن من درجات حرارة فقط»، مضيفا أن «الحس الوطني يجب أن يكون حاضرا لدى حصول متغير سلبي، مثل زيارة مسؤول دولي لبلادنا من دون استئذان، لكن المستوى الذي يقدمه المسؤولون من حيث الأداء وتسجيل أكبر نسبة من الفساد المالي والإداري أجبر الناس على أن يكونوا أقل اهتماما وأكثر لامبالاة».

وقال المواطن ثائر محمد، سائق سيارة أجرة، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «نشرة الأنواء الجوية هي الأهم، خصوصا إذا كان اليوم التالي يوما مغبرا، لأن هذا يعني انخفاضا نسبيا في درجات الحرارة»، مضيفا بتهكم «تصور أننا بتنا نرحب بالغبار، وعلى الرغم مما يسببه من مشاكل صحية خصوصا لمرضى الربو، وهذا يعني أننا ومثلما يقول الشاعر: (كالمستجير من الرمضاء بالنار)».

وأضاف الشرطي بدن حالوب، الذي كان يقف في إحدى السيطرات، لدى سؤالنا له عما هو رأيه في زيارة أوغلو إلى كركوك، قال بلهجة جنوبية بحتة «جا.. هوه غير تركماني؟». حالوب لم يعرف أوغلو، وحين قلت له: أيهما أكثر اهتماما بالنسبة لك.. أخبار النشرة الجوية أم الحوارات السياسية؟ أجاب «اشحصلنا (ماذا حصلنا) من الحوارات؟.. حتى العدس ما حصلناه برمضان.. عمي النشرة الجوية أهم».

وبالفعل فقد باتت النشرة الجوية أهم، لا سيما أن الأخبار القادمة من هيئة الأنواء الجوية والرصد الزلزالي العراقي تحمل بشرى سارة للعراقيين قوامها أنه خلال اليومين المقبلين سوف تسجل درجات الحرارة انخفاضا إلى 44 درجة مئوية، يصاحبه غبار خفيف.. هذا الغبار الذي بات ينتظره العراقيون بفارغ الصبر حتى لو أدى إلى انعدام الرؤية بالكامل.