منظمة نسوية في كردستان: حكومة الإقليم عاجزة عن وقف العنف ضد المرأة

قالت إن القانون لا ينفذ بحق مرتكبي الجرائم

TT

مرة أخرى صعدت منظمات نسوية من انتقاداتها لحكومة الإقليم لاستمرار وتيرة العنف ضد المرأة في مختلف مناطق كردستان، واتهام المحاكم المحلية بالتلكؤ في تنفيذ القانون الخاص بمكافحة العنف الأسري، واستخدام قضية المرأة من أجل دعايات سياسية من قبل الأحزاب الرئيسية بكردستان. وقال بيان صادر عن منظمة «وارفين» المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة بمناسبة مرور 100 يوم من عمر حكومة الإقليم الحالية، إنه «بسبب التغييرات المتلاحقة على رئاسات الحكومة في السنوات الأخيرة، والصراع الدائر بين الحزبين الرئيسيين (الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني)، فإن قضية المرأة تحولت إلى قضية سياسية يتاجر بها الحزبان ويستخدمانها كدعاية لصالح تشكيلاتهما الحكومية، وهذا ما أثر سلبا على وضع المرأة في كردستان، وقد لاحظت المنظمات والتجمعات النسوية بكردستان أن حكومة الإقليم الحالية التي مضت مدة ثلاثة أشهر على تشكيلها لم تولِ أي اهتمام يذكر للوضع المرعب الذي تعيشه المرأة، وأن هناك تراجعا ملحوظا في مجال تحقيق الحقوق المشروعة للمرأة ونصرة قضاياها في كردستان».

وتابعت المنظمة: «في ظل هذا الوضع المزري تشهد مناطق كثيرة من كردستان حوادث يومية من قتل النساء وإحراقهن أو دفعهن إلى الانتحار، وفي الوقت الذي ندين مثل هذه العمليات فإننا نحمل السلطة السياسية في الإقليم مسؤولية أعمال العنف المستمرة ضد المرأة، ونعتبر ما يجري اليوم في كردستان من جرائم بشعة ضد المرأة لطخة سوداء بجبين هذه السلطة السياسية التي تحكم الإقليم».

وفي اتصال مع رئيسة منظمة «وارفين» لنجة عبد الله أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن جرائم العنف ضد المرأة تتزايد يوما بعد يوم، وأن الخطوط البيانية في تصاعد مستمر، ما يعني أن هناك خللا في دور الحكومة للحد من تلك الجرائم، فهناك الكثير من الجرائم ترتكب في وضح النهار وأمام أنظار الحكومة دون أن تتخذ أية إجراءات قانونية ضد مرتكبيها، قبل فترة أخرجت فتاة من مركز حكومي لإيواء المضطهدات بعد أن قدم ذووها تعهدا رسميا بعدم التعرض لها، ولكن بعد يومين فقط تم قتلها والحكومة تعلم بذلك. إن هذه التعهدات التي تلزم الحكومة ذوي النساء المضطهدات بتقديمها لا قيمة قانونية لها، لأنها لا تستند إلى أي أساس قانوني، ومديريات العنف التابعة للحكومة تعلم ذلك تماما، مع ذلك فإنها تسلم النسوة إلى ذويهن بمجرد إملاء مثل هذه التعهدات، وكذلك عندما ترجع النساء سرعان ما ينتقم منهن أهلهن وأمام انتظار القضاء والحكومة».

وبسؤالها عن أسباب عدم تطبيق قانون مكافحة العنف الأسري الذي سنه البرلمان قبل عدة أشهر، قالت عبد الله: «القانون ظل مجرد حبر على ورق، لأن الحاكم أو القاضي بالأساس ليست لديه إرادة بإنزال العقوبات بحق المجرمين الذين يقتلون النساء، سواء بسبب الموروث الاجتماعي أو لأسباب تتعلق بالسياسة، فالحاكم والقاضي لا يقضيان بموجب القانون على هؤلاء المجرمين، بل إن ما يسمى بالصلح العشائري يكون غالبا بديلا عن القانون، لذلك نرى أن معظم الذين يرتكبون الجرائم ضد المرأة في كردستان يفلتون من العقوبات القانونية».

وأضافت: «نحن الآن في طور اعتماد صيغة جديدة بهذا الجانب، وهي تكثيف مراقبة المحاكم، وجرت هذه في البوسنة في السنوات السابقة حينما ازدادت هناك أيضا وتيرة العنف ضد المرأة، فبالتعاون مع الأمم المتحدة تمكنوا هناك من الضغط على المحاكم ومراقبتها بشكل دائم وكانت النتائج إيجابية، ونحاول الآن أن نعتمد هذه الصيغة في كردستان». وختمت لنجة عبد الله تصريحها بالقول: «إن حكومة الإقليم بقدر ما تهتم بمسألة النفط والعقود التي تبرمها مع الشركات العالمية، لا تهتم ولو بقدر عشر معشار ذلك بقضية المرأة رغم أن العشرات والمئات من النساء يقتلن في كردستان كل سنة، حتى إن السطرين اللذين كرسهما رئيس الحكومة الحالية في برنامجه الحكومي بشأن دعم المرأة لم ينفذهما، وإن ما يسمى بمجلس السيدات الذي صرفت له أموال من الميزانية لم يقُم بأي شيء، رغم أنه كما هو واضح من أسباب إنشائه أن مهمته الأساسية هي وضع سياسة دفاعية عن المرأة أمام الحكومة، وهذا ما لم يفعله هذا المجلس».

وكان بيان المنظمة قد دعا حكومة الإقليم إلى تحقيق عدة مطالب، منها: «أن تقوم الحكومة بوضع برنامج مكثف لوقف العنف المرتكب ضد المرأة، وأن تقوم بالإسراع بتشكيل المحكمة الخاصة بالعنف ضد الأسرة، وإعادة النظر بمجلس السيدات ومديرية مكافحة العنف ضد المرأة التابعة لوزارة الداخلية، واستبدال عناصر ذات كفاءة وخبرة بها، وعدم سماح الحكومة لأي مجرم مدان بقتل المرأة بالإفلات من العقوبة أو الهرب أو التستر عليه».