عصام دربالة لـ«الشرق الأوسط»: الإبقاء على المشير طنطاوي يعبر عن الصراع المكتوم بين الثورة ومعارضيها

رئيس «الجماعة الإسلامية»: كان يجب على الرئيس التشاور مع القوى التي دعمته في الانتخابات للحفاظ على الصلة الوثيقة معها

عصام دربالة
TT

أبدى رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية في مصر عصام دربالة تحفظه على بعض الإجراءات الخاصة بتشكيل الحكومة المصرية الجديدة برئاسة الدكتور هشام قنديل، مشيرا إلى أنه كان يجب على رئيس الجمهورية محمد مرسي التشاور مع القوى والتيارات التي ساندته ودعمته في الانتخابات، ومع ممثلي القوى الثورية الإسلامية وغير الإسلامية من أجل الحفاظ على الصلة الوثيقة بينه وبين تلك القوى المساندة له، وخاصة أن لديهم بعض التحفظ على بعض اختيارات الوزراء.

وقال دربالة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن تشاور الرئيس مرسي مع القوى المؤيدة له سيكون مصدر قوة له باستمرار في أي صراع محتمل على السلطة، لكنه طالب في الوقت نفسه بعدم التعجل بالحكم على تلك الحكومة إلا بعد أن تعمل ونقيم أعمالها، رغم إقراره أن التشكيل الوزاري هو حق أصيل للرئيس بمشاركة رئيس الوزراء، الذي عليه أن يختار معاونيه حتى يتم محاسبتهم على تلك الاختيارات.

وأكد دربالة أن تشكيل الحكومة خطوة جيدة في سبيل استقرار الأوضاع داخل مصر، معتبرا أن الأوضاع حاليا تحتاج لمثل هذه الحكومة التي يغلب عليها وزراء «تكنوقراط» بحيث تكون الكفاءة شرطا للاختيار.

وقال رئيس الجماعة الإسلامية إن التشكيل الوزاري يعبر عن حالة الصراع المكتوم الموجود حاليا في مصر ما بين قوى الثورة وبين القوى الأخرى التي تجد داعمين لها من أكثر من جهة، والذي يتضح في وجود بعض الاختيارات تلبي قدرا من طموحات الثورة مثل اختيار ممثل لتيار الاستقلال بالقضاة وزيرا للعدل وهو المستشار أحمد مكي، واختيار وزير للإعلام من تيار ينتمي للثورة.

وحول استمرار المشير حسين طنطاوي كوزير للدفاع وكامل عمرو كوزير للخارجية، قال دربالة إن هذا يعبر عن حالة التوازن الموجودة في الصراع القائم بين القوى التي تؤيد مشروع الثورة والقوى الأخرى التي تقف في وجه هذا المشروع، خاصة أن القوى المعارضة لقوى الثورة تختلف اتجاهاتها ما بين يسارية وعلمانية وليبرالية وتسعى لأن يكون المجلس العسكري له التأثير المضاد للثورة. ونفى دربالة سعي الجماعة الإسلامية للحصول على حقائب وزارية، قائلا إنهم لا يسعون لفرض شيء على الرئيس المنتخب سواء في مؤسسة الرئاسة أو الحكومة، لأنهم يرون أن مثل هذه المواقع يجب أن تشغل بواسطة الكفاءات بغض النظر عن انتماءاتها الفكرية أو السياسية.

وشدد دربالة على أن الجماعة الإسلامية تدعم الرئيس مرسي لأنه يمثل آمال الثورة المصرية ويدعمون أيضا اختياراته الصحيحة، ولكنهم سيحكمون في الوقت نفسه على الوزارة وأعمالها ولا يصادرون عليها حتى لو كان لديهم تحفظات على بعض الاختيارات في الحكومة.

وفي ما يتعلق بقرار الرئيس مرسي بالعفو عن مجموعة من قيادات الجماعة الإسلامية الصادر ضدهم أحكام بالإعدام والحبس في قضايا إرهاب، قال دربالة إن هذا القرار تأخر كثيرا لأنهم اتهموا في قضايا ملفقة، نافيا وجود صفقة مع الرئيس مرسي للعفو عن هذه القيادات، داعيا لتكريمهم.

واستدل دربالة بحالة أحمد عبد القادر أحد قيادات الجماعة في السويس الذي تم العفو عنه والذي ألقي القبض عليه عام 1993 أثناء مشاركته في مؤتمر عقدته الجماعة تحت عنوان «لا لمبارك»، مشيرا إلى أن قوات الأمن قامت بإطلاق النار على المحتجين وقتل أحد الضباط في تلك الأحداث واتهمته أجهزة الأمن بأنه وراء قتل الضابط وتمت محاكمته وصدر ضده حكم بالإعدام.

واتهم دربالة الذين ينتقدون قرار العفو عن قيادات الجماعة المتهمة في قضايا إرهاب حاليا بأنهم يعارضون حقوق الإنسان بحجة أنهم متهمون زورا في تلك القضايا، مشيرا إلى أنه ما زالت مجموعة من قيادات الجماعة الإسلامية قيد الحبس في السجون الآن.

وحول المخاوف التي يرددها البعض تجاه قيادات الجماعة الإسلامية المعفو عنهم قال رئيس الجماعة إنهم سيمثلون طاقة فاعلة في داخل مصر لأنهم ينتمون للتيار الإسلامي الوسطي، على حد قوله، وخاصة أنهم أيدوا مبادرة وقف العنف والمراجعات الفكرية التي أطلقتها الجماعة الإسلامية في عام 1997.

ونفى دربالة أن يكون للقيادات المفرج عنهم أي إضرار بالأمن، مشيرا إلى أنهم سيساعدون في ترسيخ معاني الاعتدال في المجتمع المصري، لافتا في الوقت نفسه إلى أنهم يجب أن يتم تكريمهم بدلا من معاقبتهم أو التخويف منهم، لأنهم أول من ثاروا ضد نظام مبارك ولم ينصرهم أحد وقتها، على حد قوله.

ونفى رئيس الجماعة الإسلامية أن يكون هناك صفقة بين الجماعة الإسلامية والدكتور محمد مرسي مقابل العفو عن قيادات الجماعة المحبوسة داخل السجون منذ عشرات السنين، وقال إنهم طالبوا الرئيس مرسي فقط برفع الظلم عن ضحايا نظام مبارك كمبدأ عام تبدأ به مصر صفحة جديدة مع جميع أبنائها.