الثقافة الأميركية تكسر عقلانيتها

رغم أنف ميشال فوكو وفرويد.. أبحاث لفهم العاطفة

TT

يكاد العقل يساوي التحضر في الفكر الغربي، والعاطفة الجارفة قرينة الجهل والتخلف. معادلة لا يبدو أنها مستمرة في الصمود بالقوة والسطوة التي كانت عليها. العالم يتغير والفكر الغربي يراجع حساباته، وأميركا تسعى منذ بداية القرن الحالي لقياس ميزان العواطف ومعرفة مفاعيلها. نشرت صحيفة «نيويورك تايمز»، مؤخرا، تقريرا عن تجربة علمية لفهم العاطفة، مثل: خوف أو شجاعة، حزن أو فرح، كراهية أو عطف، انتقام أو عفو، غضب أو رضا.

أجرى البحث د. ديفيد ديستينو، أستاذ علم النفس في جامعة نورث ايستيرن (ولاية ماساتشوسيتس). قال: «أردت قياس العاطفة، لا لأثبت وجودها، فهي موجودة بالطبع، ولكن لأدرس نتائجها. إذ لم يأتِ الوقت بعد لقياس العاطفة نفسها. لكن يمكننا قياس نتيجتها»، وسأل: «ما نتيجة الغضب؟».

اختار الباحث خمسة طلاب وطالبات (واحد منهم مساعده، زوده بإرشادات معينة). لم يقل لهم إنه يريد اختبار غضبهم. وقال إنه يريد اختبارهم في الرياضيات. أعطاهم عشرة أسئلة، وكل إجابة صحيحة تساوي دولارا. وقال إنه لن يراجع الأجوبة، ويثق بأن كل واحد منهم سيقول ما عدد الأجوبة الصحيحة عنده لينال دولاراته. كانت الأسئلة صعبة. وقال أربعة إنهم أجابوا إجابات صحيحة على خمسة أسئلة فقط. ونال كل واحد منهم خمسة دولارات. لكن الخامس (وهو مساعده، وحسب ترتيب مسبق معه) قال إنه أجاب بشكل صحيح على كل الأسئلة. ونال بذلك عشرة دولارات. ثم همس في آذان الأربعة الباقين بأنه كذب.لم يقل الأربعة أي شيء. لكن، كان واضحا أنهم غضبوا.

وبعد فترة استراحة، طلب منهم الأستاذ تقييم بعضهم بعضا: عشر درجات للممتاز، وصفر للرديء. وعندما راجع الأستاذ الإجابات، وجد أن كل واحد من الأربعة أعطى الخامس (مساعده الكاذب) صفرا.

الهدف الأساسي من التجربة كان البرهنة على انعكاس الغضب في صورة انتقام.