مصادر دبلوماسية في باريس: 3 صعوبات تعيق تسمية بديل كوفي أنان

مارتي أهتيساري رئيس فنلندا السابق والحائز جائزة نوبل للسلام أبرز المرشحين

TT

تدور مشاورات مكثفة يقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالتعاون مع أمين عام الجامعة العربية وأعضاء مجلس الأمن من أجل العثور على وسيط في الملف السوري يحل محل الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان الذي قدم استقالته من مهمته يوم الخميس الماضي.

وعلى الرغم من أن مهمة أنان مستمرة حتى نهاية الشهر الحالي، إلا أن مصادر دبلوماسية واسعة الإطلاع في باريس استبعدت أن يقوم المبعوث الخاص بأي تحرك فاعل في الأسابيع القليلة المتبقية أمامه حتى 31 أغسطس (آب) خصوصا أن أكثر من طرف نعى خطته السداسية التي أطلقها بداية أبريل (نيسان) كما أن «ورقة الطريق» التي صدرت عن اجتماع جنيف نهاية شهر يونيو (حزيران) لمجموعة العمل التي شكلها من الخمسة الدائمين في مجلس الأمن وأطراف أخرى بقيت حبرا على ورق.

وترى هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق لأوسط» أن ثلاثة أنواع من الصعوبات تعترض مهمة بان كي مون أولها عدم توافر شخصية دولية معروفة ومجربة من وزن أنان لاستكمال المهمة التي عجز الأمين العام السابق للأمم المتحدة عن القيام بها. فالدبلوماسي الغاني الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2001، شغل منصب أمين عام المنظمة الدولية لدورتين كاملتين «1997 - 2006» كما كان قبلها نائبا للأمين العام الأسبق بطرس غالي. وتدرج أنان في مناصب مختلفة في المنظمات الدولية قبل أن يصل إلى قمة الهرم. ومنذ تقاعده في جنيف، ما زال كوفي أنان ينشط في حقل العمل الدولي من خلال المؤسسات والجمعيات والهيئات التي إما يرأسها أو يشارك فيها. وبالنظر للرصيد الدولي السياسي والمعنوي ولخبرته في التعاطي مع الأزمات، يبدو العثور على رجل من وزنه أمرا بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلا.

ولا تكمن الصعوبة الأساسية في العثور على شخصية البديل التي يطالب بها جميع الأطراف المتمسكين بدور للوسيط الدولي على الرغم من أن لكل طرف أسبابه الخاصة. فالصعوبة الأكبر اليوم تتمثل في طبيعة المهمة نفسها أي تسهيل التوصل إلى وقف العنف كخطوة أولى نحو الحل السياسي وفق روحية خطة أنان وورقة الطريق «بيان جنيف». والحال، أن الخطة المذكورة لم تعد موضع إجماع ولو اسميا. وأمس، طالب حمد بن جاسم آل ثاني، وزير خارجية قطر ورئيس اللجنة العربية المولجة الملف السوري بأن يكون هناك «تعديل واضح لهذه الخطة لأن قضية النقاط الست انتهت لم ينفذ منها أي شيء» بحيث تنحصر في تحقيق الانتقال السياسي أي رحيل الرئيس الأسد. كذلك فإن المعارضة السورية ليست متحمسة لمهمة لم تحقق شيئا وتضاعف خلالها أعداد القتلى. ولذا، فإن الشخصية التي سيعرض عليها الحلول محل أنان ستطالب بضمانات للتعاون معها حتى لا يكون الفشل مصيرها. لكن المشكلة، كما ترى المصادر الدبلوماسية في باريس، أن التوجه العام للأزمة في سوريا اليوم هو ترقب التطورات الميدانية التي تبدو كأنها الوحيدة التي من شأنها إحداث انعطافة ما في مسار الأزمة التي وصفها بان كي مون بأنها «حرب الآخرين بالواسطة» في سوريا. ولذا، فإن «خيار الحرب» الغالب اليوم سيكون حائلا دون تحقيق أي نجاح دبلوماسي مهما تكن هوية خليفة أنان.

وتتمثل العقبة الثالثة التي لا تقل أهمية عن الأخريين في استمرار انقسام مجلس الأمن الدولي في تشخيص الأزمة وتوصيف الحلول. وكان هذا الانقسام وبالتالي غياب الدعم السبب الرئيسي الذي دفع أنان إلى الاستقالة. وثمة إجماع على أن تحقيق توافق داخل المجلس لن يحصل غدا إذ ما زالت روسيا والصين تعارضان التوجهات الغربية - العربية وتتمسكان بنشر مظلة دولية فوق رأس النظام السوري بينما الفريق المقابل يجعل تنحيه مطلبا لا تراجع عنه.

على الرغم من ذلك، توفرت في باريس تقارير عن طبيعة الاتصالات الدائرة في الأمم المتحدة وعن الأسماء المطروحة. وسبق للمندوب الفرنسي في الأمم المتحدة جيرار آرو أن أشار عقب اجتماع مجلس الأمن يوم الخميس الماضي أن ثمة أسماء قيد التداول دون أن يكشف عنها. غير أنه يبدو أن ثمة حاجة لمزيد من الاتصالات التي يتعين على بان كي مون القيام بها للتوصل إلى حد أدنى من التفاهم بشأن طبيعة المهمة «الجديدة - القديمة» لخليفة أنان.

يبرز في «بازار» الأسماء المطروحة اسم مارتي أهتيساري، رئيس جمهورية فنلندا الأسبق «1994 -- 2000» والحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2008. وأهتيساري دبلوماسي عريق وعمل طويلا لمصلحة الأمم المتحدة في نزاعات أفريقيا «ناميبيا» والخليج ويوغوسلافيا وكوسوفو وعين لأربع سنوات «1987 -1991» مساعدا لأمين عام الأمم المتحدة. ومن ناحية المستوى والمصداقية والرصيد المعنوي، يبدو أهتيساري متمتعا بـ«بروفايل» قريب من الذي يتمتع به أنان. لكن هل سيقبل هذا المسؤول المعروف عنه تمسكه بالأمم المتحدة وبوظيفتها لحفظ السلام في العالم مهمة تبدو أصعب بكثير من المهمات السابقة التي كلف بها؟

وتبرز إلى جانب أهتيساري شخصيتان إسبانيتان أشارت إليهما صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية أول من أمس وهما لوزيري خارجية إسبانيا السابقين ميغيل أنخيل موراتيونس وخافيير سولانا. الأول يعرف المنطقة جيدا وله علاقات قوية بسوريا التي زارها كثيرا عندما كان مبعوثا للاتحاد الأوروبي إلى الشرق الأوسط وعملية السلام. وبعد تركه وزارة الخارجية الإسبانية عام 2010، عين سولانا مستشارا دبلوماسيا لبرنامج الأمن الغذائي القطري.