تل أبيب تهدد: سنطارد التنظيمات الإرهابية في قلب سيناء إذا لم يتصرف المصريون

مصادر عسكرية إسرائيلية: عمل انتحاري مجنون وحزب الله اللبناني وإيران ليسا بعيدين عن هذه العمليات

وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك يتفقد المدرعة المصرية المدمرة بقرب من معبر كرم أبو سالم الحدودي في سيناء أمس (أ.ف.ب)
TT

هدد مصدر إسرائيلي عسكري بمطاردة المسلحين من تنظيم القاعدة في قلب سيناء المصرية، إذا لم يتصرف المصريون كما يجب لفرض سلطتهم على أراضيهم ومنع المسلحين من تنفيذ اعتداءات على إسرائيل. وقال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إن «الهجوم الذي نفذه مسلحون على حاجز حرس الحدود المصري قرب رفح، كان مقدمة لهجوم استهدف إسرائيل بالأساس. ولكنه أثبت أن هناك مصلحة إسرائيلية مصرية مشتركة للحفاظ على حدودهما آمنة. وأثبت من جهة أخرى أنه عندما يتعلق الأمر بأمن إسرائيل وسكانها، لا تستطيع إسرائيل إلا أن تعتمد على قواها الذاتية».

وكان نتنياهو يتكلم في الموقع الميداني؛ حيث تم تدمير المصفحة المصرية التي اجتازت الحدود. فقد زار المنطقة برفقة وزير دفاعه، إيهود باراك، ورئيس أركان الجيش، بيني غانتس، ورئيس جهاز المخابرات العامة، يورام كوهن، وقائد اللواء الجنوبي، طال روسو، واستمع إلى شرح حول تفاصيل العملية. واتضح من الرواية الإسرائيلية لما جرى، أن المسلحين، الذين ينتمون إلى تيار متطرف يقدر بأنه من أحد تنظيمات «القاعدة»، خططوا لعملية كبيرة جدا ضد إسرائيل وضد الجيش المصري على السواء. فقد هاجموا الحاجز العسكري المصري أولا بغرض قتل الجنود، مع علمهم اليقين بأنهم مشغولون في تناول طعام الإفطار الرمضاني. وسيطروا على مدرعة ومركبة مصفحة واتجهوا نحو الحدود مع إسرائيل بهدف تنفيذ عمليات تفجير كبيرة في إحدى البلدات اليهودية القريبة من الحدود.

وحسب مصدر عسكري إسرائيلي، فإن المركبة انفجرت على الحدود بالضبط، بينما تمكنت المدرعة من اقتحام الحدود ودخول إسرائيل لمسافة كيلومترين اثنين من دون أن يعترض طريقها أحد. ولكنها اختارت السير باتجاه الجنوب، بدلا من الشمال، فلم تصل إلى البلدة الإسرائيلية. وتمكنت طائرة مروحية مقاتلة من تدميرها وهي داخل إسرائيل.

ومع أن وزير الدفاع، باراك، وغيره من القادة الإسرائيليين قد أشادوا بالمخابرات التي رصدت هذه العملية، فإن انتقادات بدأت تسمع حول كيفية تمكن المدرعة من دخول إسرائيل بعمق كيلومترين. واعتبر هذا «خللا فاحشا» في مراقبة الحدود من الجيش وفي الرصد الاستخباري أيضا.

ولوحظ أن الإسرائيليين يكنون انتقادات شديدة للسلطات المصرية ويوجهون اتهامات بالإهمال واللامبالاة. ففي الأحاديث الرسمية تحدثوا عن ذلك تلميحا، كما فعل باراك عندما قال أمام لجنة الخارجية والأمن إن المصريين يدركون اليوم أن مواصلة تأجيل معالجة الأوضاع في سيناء كان كارثيا لهم وليس لنا وحسب. وأعرب عن تمنياته بأن يفيق المصريون الآن بعد هذه الضربة. وقال وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، إنه «يأمل في أن تستخلص مصر العبر من هذه العملية الإرهابية وتدرك أن مصلحة مصر تكمن في ضبط أمنها الداخلي الأمر الذي من شأنه أن يصب في مصلحة المنطقة بأسرها». ودعا ليبرمان إلى وجوب وضع حد لحكم ما وصفه بـ«مملكة الإرهاب» في غزة.

ولكن في الأحاديث غير الرسمية يتفوه الإسرائيليون بلهجة حادة أكثر. وقد ادعوا أن إسرائيل تلقت معلومات عن هجمة إرهاب واسعة في سيناء وأبلغت المصريين، لكنهم استخفوا بالتحذيرات. وراح وزير الأمن الداخلي المصري يدعي أن التحذيرات الإسرائيلية صادرة عن شركات السياحة الإسرائيلية التي تريد للإسرائيليين أن يمضوا عطلتهم الصيفية في إسرائيل وليس في المنتجعات المصرية.

ووصف المحرر العسكري في «يديعوت أحرونوت»، ألكس فيشمان، العملية بأنها «عمل انتحاري مجنون لا يفرق بين صديق وعدو، إنه قتل بعيون مفتوحة على مذهب الجهاد العالمي. لا يقف أي شيء في طريق هؤلاء القتلة، ولا تهمهم مصالح الدول ولهذا لم تكن عندهم أي مشكلة في قتل 16 جنديا مصريا، ربما حاولوا صدهم وربما شوشوا عليهم فقط، في حين كانوا متجهين إلى تنفيذ عملية اختطاف وقتل لكل من يقف في طريقهم في إسرائيل». وقال إن «الإنذار الإسرائيلي تركز حول ثلاث عمليات للجهاد العالمي، الأولى هي اختطاف إسرائيليين في سيناء، حيث أصدر مقر مكافحة الإرهاب اعتمادا عليها إنذارا فوريا للمتنزهين الإسرائيليين في شبه الجزيرة، والثانية عملية تفجير قرب الحدود تم إجهاضها باغتيال اثنين من الجهاد العالمي كانا متصلين بتنظيم من أجل عملية أخرى في سيناء، والعملية الثالثة التي أُحبطت أمس على الحدود في كرم سالم». وأضاف: «في حين كانوا يستعدون في الجانب الإسرائيلي لتلقي عملية فتاكة جماعية استخف المصريون، الذين كانوا عالمين هم أيضا بالإنذار، استخفوا بذلك. فقد نشر أول من أمس فقط في صحيفة (الأهرام) إعلان صادر عن وزير الداخلية المصري الجديد الجنرال أحمد جمال الدين الذي أعلن بأن تحذيرات إسرائيل من السفر اختلاق يرمي إلى الإضرار بالسياحة في مصر»، وقال إن الوضع في سيناء لم يكن قط أكثر أمنا. لا أقل من ذلك. وقد تلقت حكومة مصر إذا أمس صفعة فظيعة قد تجعل الرئيس الإسلامي يستيقظ ويدرك أن الجهاد العالمي سينشئ نظاما لا في سيناء وحدها وعلى الحدود مع إسرائيل بل في داخل مصر نفسها، من غير تعاون تام مع إسرائيل».

وأضاف فيشمان، نقلا عن تقدير مصادر عسكرية عليا، أن حزب الله اللبناني وإيران ليسا بعيدين عن هذه العمليات. فقال إن «نجاح (الشاباك) وقيادة المنطقة الجنوبية في إحباط العملية هو إشارة تحذير لإسرائيل تقول إن المنعة لن توجد إلى الأبد. وقد زرع الجهاد العالمي مئات المنتحرين وآلاف الجثث في الشرق الأوسط كله. وتبذل منظمة حزب الله، التي لها موطئ قدم في سيناء أيضا، جهدا باسم الوكيل الإيراني لمحاولة إشعال الحدود الإسرائيلية المصرية. وقد حاولوا قبل بضعة أسابيع تسخين حدود القطاع من جديد بقذائف صاروخية على سدروت، ولم تعد حدود مصر منذ زمن هادئة، فهناك محاولة تنفيذ عملية مرة كل شهرين على الأقل، والجهاد العالمي شريك فعال في هذه الاستراتيجية».

وادعى فيشمان بأن وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، تحدث قبل أسبوع إلى القيادة المصرية عن قضية سيناء. وقال إن «سكان سيناء يشتكون حتى في الصحف المصرية من الفوضى والسلب والقتل في وضح النهار وفي كل يوم، لكن السلطات في مصر لا تزال في غفوة وهي لم تستغل الإمكانات التي منحتها إسرائيل إياها وهو أن تدخل قوات ومروحيات وقوارب تتجاوز ما تم الاتفاق عليه في معاهدة السلام لعلاج مشكلة الفوضى في سيناء. والقيادة السياسية في إسرائيل من جهتها تحرص على كرامة المصريين وتخشى أن تعطس بقربهم أو أن تطلب منهم، لا سمح الله، أن يفعلوا شيئا. ولن يكون هناك مناص: أن إسرائيل تقترب من نقطة ستضطر فيها إلى أن تعالج هي نفسها سيناء مع كل ما يحمل ذلك من معان، ويشتمل ذلك على العلاقات مع مصر، وإلا فسيكون هنا حمام دم بصورة لم نعرفها إلى الآن».

من جهة ثانية، ذكر ديوان رئيس الدولة الإسرائيلي أن شمعون بيرس بعث بتعازيه الحارة إلى الشعب المصري على مقتل جنوده قائلا إن «الإرهاب يطال الجميع دون تمييز. وأكد أن مصلحة إسرائيل ومصر تتطلب وجود حدود مشتركة آمنة وهادئة».