مصر: الجيش يبدأ عملية «تطهير سيناء» مستخدما الطائرات.. ويقتل 20 متشددا

«الإخوان المسلمون» يطالبون بإعادة النظر في اتفاقية «كامب ديفيد»

طابور من مدرعات الجيش قبل بدء العملية العسكرية في سيناء أمس (أ.ف.ب)
TT

في أبرز خطوة تدل على عزمه بسط نفوذه وسحق متشددين للرد على مقتل 16 من ضباطه وجنوده، شن الجيش المصري فجر أمس هجوما واسعا لمداهمة بؤر قال إن عناصر لجماعات تكفيرية تتحصن بها في شبه جزيرة سيناء، التي شهدت الأحد الماضي هجوما مسلحا من مجهولين ضد عناصر الجيش، أسفر عن مقتل وإصابة العشرات على الحدود مع إسرائيل.

وتأتي العملية الأمنية التي قامت بها عناصر الجيش المدعومة بغطاء جوي عقب ليلة ساخنة تبادلت فيها عناصره إطلاق النار الكثيف مع عناصر مسلحة هاجمت كمائنه الأمنية مساء أول من أمس. وفي غضون ذلك، طالبت جماعة الإخوان المسلمين بإعادة النظر في اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية، وحملت ضمنيا مسؤولية سقوط الجنود المصريين على الحدود مع إسرائيل للمؤسسة العسكرية، مطالبة الجيش بالعودة لثكناته.

وكان الجيش قد أعاد نشر قواته في سيناء عقب مقتل جنوده قبل أيام في مدينة رفح، واستخدم للمرة الأولى سلاح الجو في شبه الجزيرة التي تنظم وجود الجيش فيها معاهدة السلام المبرمة بين القاهرة وتل أبيب في نهاية سبعينات القرن الماضي. ويرجح خبراء أن تكون السلطات المصرية قد نسقت مع إسرائيل بشأن هذه الحملات التي تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة.

وأعلن التلفزيون المصري الرسمي أمس أن قوات وطائرات مصرية قتلت 20 متشددا في سيناء. وقال مصدر عسكري مصري إن «عناصر الجيش نجحت في دخول قرية التومة وقتل 20 إرهابيا وتدمير ثلاث مركبات مدرعة للإرهابيين»، مشيرا إلى أن العمليات لا تزال مستمرة.

وأصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانا أمس قالت فيه «بدأت اعتبارا من مساء الثلاثاء السابع من أغسطس (آب) 2012 عناصر من القوات المسلحة ووزارة الداخلية تعاونها طائرات القوات الجوية خطة استعادة الاستقرار والسيطرة الأمنية في ملاحقة واستهداف العناصر الإرهابية والمسلحة في سيناء».

وقالت مصادر عسكرية إن القتلى العشرين تمكنوا من مهاجمة كمين الريسة الواقع على طريق «رفح – العريش» الدولي، وأطلقوا النار بكثافة على القوى الأمنية بالكمين في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، وأثناء محاولتهم الفرار من المنطقة داخل 3 سيارات دفع رباعي تتبعتهم طائرة هيلكوبتر وقامت برصد تمركزهم، وتمكنت طائرات عسكرية من مهاجمة المنطقة وتفجير السيارات الثلاث.

وتابع أن قوات الجيش استخدمت طائرات الهليكوبتر من طراز «أباتشي» والدبابات والمدرعات والأسلحة الثقيلة وقذائف الهاون والـ«آر بي جي»، كما تم إنزال وحدات من الصاعقة في أماكن متفرقة حيث تدور اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش والمسلحين، مشيرا إلى أن عمليات مداهمة وتمشيط منطقة التومة تمت بالتنسيق بين قوات برية وجوية وتم خلالها إطلاق قذائف على المنطقة التي تتمركز داخلها عناصر جهادية متشددة.

وعقب ليلة من الاشتباكات بين عناصر شرطية ومسلحين، قالت وزارة الداخلية في بيان لها أمس إن ضابطا وشرطيين اثنين ومواطنا أصيبوا عقب اشتباكات مسلحة مع مجهولين هاجموا الارتكازات الأمنية الموجودة بطريق المطار مع الطريق الدائري بمناطق الريسة، المحاجر، الصفا، المعصرة، المغسلة بشمال سيناء.

وصرح مصدر مسؤول بوزارة الداخلية بأنه في وقت متأخر، من مساء الثلاثاء، قامت مجموعات مجهولة بإطلاق أعيرة نارية على الارتكازات الأمنية الموجودة بطريق المطار مع الطريق الدائري. وأضاف البيان «تم الدفع بمجموعات أمنية ومدرعات لتمشيط تلك الأماكن والمناطق المحيطة بها، وأسفر التعامل عن إصابة أحد ضباط الشرطة، وأمين شرطة، وأحد مجندي الشرطة بإصابات مختلفة، وتم نقلهم لتلقي العلاج، ولم تسفر تلك التعاملات عن أي خسائر في الأرواح أو المعدات».

وفي غضون ذلك، أعلنت قوات حفظ السلام الدولية بشمال سيناء حالة الاستنفار في معسكر الجورة، وكثفت من حشد قواتها على أطراف المعسكر تحسبا لمهاجمته من قبل المتطرفين. كما انتشرت القوات المصرية بطول الشريط الحدودي مع غزة وبالقرب من حدود إسرائيل لمنع هروب أي عناصر خارج سيناء.

وربما تخفف العملية الواسعة التي قام بها الجيش أمس من حدة الانتقادات التي وجهها سياسيون، من بينهم قيادات من جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها رئيس البلاد محمد مرسي، لكن مراقبين قالوا إن نجاح الجيش في سحق الإسلاميين المتشددين في سيناء قد يضع مزيدا من الضغط على مرسي الذي تجنب المشاركة في الجنازة العسكرية التي أقيمت لضحايا الحادث خشية الانتقادات التي وجهها المواطنون الغاضبون الذين شاركوا في الجنازة التي شيعت أول من أمس. وعكست تدوينة كتبها القيادي الإخواني محمد البلتاجي على صفحته الشخصية على موقع «فيس بوك»، الضغوط التي تواجه مرسي. وقال البلتاجي موجها حديثه لمرسي «نحن أمام حالة انقلاب على الثورة وعلى الانتخابات التي جاءت بك رئيسا. حين يقتل عملاء الصهاينة جنودنا وفي الوقت ذاته يعتدي أذناب نظام مبارك على رموزنا، ويكون هذا وذاك تحت سمع وبصر أجهزة الدولة العميقة، فهذا لا يعني سوى التمهيد والترتيب والتنسيق للانقلاب على مسيرة الثورة»، داعيا مرسي إلى المصارحة والكشف عن موقف ما سماها «أجهزة الدولة العميقة منك ومنا ومن ثورتنا».

ويعد تعليق البلتاجي هو أول إشارة من قيادي قريب الصلة بالرئيس الجديد على احتفاظ المؤسسة العسكرية وقيادات المجلس العسكري بمقاليد السلطة الفعلية في البلاد، رغم تنصيب مرسي رسميا كرئيس للبلاد مطلع الشهر الماضي.

وانتقدت جماعة الإخوان المسلمين من وصفتهم بـ«المفترين» الذين يريدون أن ينسبوا كل مصائب مصر بل مصائب العالم لـ«الإخوان»، ومنها حادثة الحدود الأخيرة، وقال المتحدث الرسمي باسم الجماعة الدكتور محمود غزلان «إن هناك من ينسى أن (الإخوان) يفتدون مصر بأرواحهم وأبنائهم، وليس ذلك فحسب بل أيضا يفتدون فلسطين كما حدث في عام 1948 تطهيرا لها من الصهاينة وحماية للأمن القومي المصري».

وطالب بيان صدر عن جماعة الإخوان أمس بإعادة النظر في اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية.