سياسيون عراقيون: فضاؤنا مفتوح لكل من هب ودب واتصالاتنا مخترقة

قيادي كردي: انكشاف التنصت يؤكد مستوى الأساليب المنحطة لدى السياسيين

TT

من المعروف أن الرئيس السابق صدام حسين كان مولعا بالتجسس على وزرائه ورفاقه الحزبيين، وكان يلجأ إلى شتى الوسائل في ذلك، بما في ذلك التنصت على مكالماتهم والتسجيلات السرية بالصوت والصورة لأحاديثهم. لكن أجهزة صدام نادرا ما كانت تكشف ما بحوزتها بل كانت تستخدم معلوماتها هذه للتخلص من «أعداء» الرئيس، بعد مواجهتهم بها أولا.

أما في عراق اليوم، فقد أصبحت الظاهرة أخطر وبات الكشف عما يسجل أو يصور سرا أداة لإيصال رسائل تحذير إلى الخصوم، وهو ما حصل على ما يبدو عندما سرب أخيرا شريط فيديو ورد أنه سجل بكاميرا خفية لزعيم القائمة العراقية إياد علاوي، وهو يتحدث قبل سنتين في مكتب نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، عن لقائه مع المرجعين الشيعيين آية الله علي السيستاني وإسحق الفياض. وبدا واضحا من تصريحات قياديي القائمة العراقية أن الجهة المسؤولة عن تسريب الفيديو، على الأقل، هي ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي.

«الشرق الأوسط» ارتأت الخوض في تفاصيل المشكلة، وخاصة مشكلة التنصت، كما يراها برلمانيون يمثلون كتلا مختلفة ويشغلون مواقع في لجان مختلفة داخل البرلمان. وبدا الكل متفقا على أن منظومة الاتصالات العراقية مخترقة، كما أبدوا مخاوفهم من إمكانية أن يكونوا ضحايا لعمليات تنصت، لا سيما في غياب ضوابط وأنظمة يمكن أن تحد من ذلك. فقد اعتبر مقرر البرلمان العراقي والقيادي في القائمة العراقية محمد الخالدي أن «الفضاء في العراق مفتوح، وبالتالي فإن كل شيء قابل للتنصت من قبل أي جهة تريد أن تقوم بذلك»، مشيرا إلى أن «الأمر وإن كان بحاجة إلى ضوابط وأنظمة وسياقات، إلا أن ما يشفع هو أنه لم يعد هناك ما هو سري في العراق حتى نخشى منه».

وحول ما إذا كان يشعر أن هاتفه مراقب، قال الخالدي: «إننا جميعا كمسؤولين أو برلمانيين نشعر بذلك».

وفي السياق نفسه، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان عن التحالف الكردستاني شوان محمد طه، قائلا: «سمعنا أن هناك من بين الأحزاب والكتل من يراقب بعضها بعضا طالما أن هناك خشية من أن يكون مراقبا، وهو ما يعني أن كل طرف يريد أن يحصن نفسه، لكن ليس من خلال إجراءات حماية، لأن هذه غير موجودة، وإنما من خلال التنصت المتقابل». وأشار طه إلى أنه غير مطمئن لذلك، وبالتالي فإنه لا يجري المكالمات الهاتفية التي تتضمن سرية عالية.

من جهته، أكد عضو البرلمان عن التحالف الوطني الشيعي وعضو لجنة الخدمات البرلمانية إحسان العوادي أن «المشكلة التي نعانيها في العراق اليوم هي عدم وجود جدية في متابعة قضية الاتصالات، وكون العراق فضاء مفتوحا، حيث إن أي جهة تريد أن تراقب أو تتنصت فإن بإمكانها القيام بذلك». وأضاف أن «لجنة الخدمات البرلمانية، وعلى الرغم من كل مطالباتها في هذا المجال، فإنها لم تصل إلى نتيجة في هذا المجال بسبب الروتين والمماطلات والفساد المالي والإداري». وعما إذا كان الدستور العراقي قد تناول مثل هذه القضايا المهمة قال الخبير القانوني المعروف طارق حرب: «لا يوجد حتى الآن قانون في العراق ينظم مثل هذه الأمور الحيوية، وهو ما يعني أننا متخلفون جدا في العراق عما يجري في العالم على هذا الصعيد». وأوضح أن «اتصالاتنا مخترقة بالكامل»، وحمل هيئة الاتصالات والإعلام التابعة لرئاسة الوزراء مسؤولية ذلك «حيث إن هناك تقاطعات في العمل بينها وبين وزارة الاتصالات، وإن هناك مناطق نفوذ لكل جهة واتهامات، مما يؤدي في النهاية إلى تأخير العمل في مثل هذه المشاريع المهمة».

إلى ذلك، أكد قيادي في إقليم كردستان أن «انكشاف عمليات التنصت الأخيرة يؤكد مستوى الأساليب المنحطة التي تستخدمها النخب السياسية في العراق ضد بعضها البعض». وبسؤاله عما إذا كان إقليم كردستان قد لجأ إلى مثل هذه الأساليب في العمل الاستخباراتي أو الأمني، قال فريد أسسرد عضو اللجنة القيادية في الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني: «لم يحدث في تاريخ كردستان أن جرت مثل هذه العمليات (الواطئة)».