فياض من القرى المهددة جنوب الخليل: سنبقى حراس الأرض.. وباقون هنا

حذر الإسرائيليين من صراع تساوي الحقوق داخل الدولة الواحدة إذا انهار حل الدولتين

TT

قال رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، إن قرار إسرائيل إزالة 8 قرى فلسطينية جنوب الخليل، من أجل إتاحة المجال لتدريبات عسكرية في المنطقة، يمثل جزءا من الحرب الإسرائيلية القائمة على طرد الفلسطيني والسيطرة على مزيد من أرضه.

وشد فياض الرحال أمس إلى القرى المهددة بالهدم أقصى جنوب الخليل، ويسكنها نحو 1500 فلسطيني، وهي: مجاز، والتبان، وصفي، والفخيت، والحلاوة، والمركز، وجنبا، وخروبة، محذرا من أن مثل هذه الإجراءات تهدم أيضا حل الدولتين وليس فقط بيوت الفلسطينيين. وتختزل القرى الفلسطينية الـ8 جنوب الخليل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في مناطق «ج» الخاضعة أمنيا وإداريا لإسرائيل، وهو صراع سيادي واقتصادي وأمني.

ولا يعترف فياض الذي افترش الأرض بين أهالي القرى بالحدود الوهمية التي وضعتها اتفاقات أوسلو بين الأراضي الفلسطينية وقسمتها إلى «أ» و«ب» و«ج». وتساءل فياض: «كيف يمكن أن تفسر مثل هذه السياسة التي يتم فيها اتخاذ قرار بإزالة هذه القرى والخرب، وتهجير سكانها بالقوة، وليس على خلفية أي شيء سوى أنهم فلسطينيون؟ كيف يمكن لبقاء هؤلاء السكان في أرضهم أن يخل بالوضع القائم، ويهدد أمن دولة إسرائيل، إلا إذا كان الأمن الإسرائيلي يرتكز على تعميق سياسته الطاردة للوجود الفلسطيني في هذه المناطق؟».

والصراع على مناطق «ج» محتدّ بشكل كبير من سنوات، في حرب مستعرة بين الهدم والبناء. وطالما أعادت الحكومة الفلسطينية بناء ما هدمه الإسرائيليون في هذه المناطق، فيعيد الإسرائيليون هدمه، وتعيد الحكومة بناءه.

وقال فياض: «جوابنا عليهم يتمثل في ما يقوم به حراس الأرض هنا، وفي كل المناطق، فنحن متمسكون بحقنا في البقاء على أرضنا»، وأضاف: «البقاء مقاومة، وهذا هو العنوان الأساسي، وقد آن الأوان لوقف ممارسات إسرائيل المستهترة بقواعد القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني».

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أبلغت يوم الأحد الماضي المحكمة العليا بقرار وزير الدفاع إيهود باراك هدم القرى الثماني، بزعم أنها أراضٍ حيوية لتدريبات الجيش.

وتقول إسرائيل إنه من المفترض أن يتم نقل سكان هذه القرى إلى بلدة يطا والبلدات المحيطة، بحيث يسمح لسكان القرى الفلسطينيين بفلاحة أراضيهم ورعاية مواشيهم في الفترات التي لا يجري فيها الجيش أي تدريبات في المنطقة.

والقرى قائمة قبل الاحتلال عام 1967، منذ سنوات الثلاثينات من القرن التاسع عشر، ورغم ذلك تصف «الإدارة المدنية» الإسرائيلية أهل هذه القرى بـ«غُزاة لمنطقة إطلاق النار 918».

وهذه ليست أول مرة تحاول فيها إسرائيل هدم القرى الفلسطينية جنوب الخليل، وكان الجيش أصدر في نهاية التسعينات أوامر بإخلاء 12 قرية، إلا أن المحكمة العليا جمدت القرار، وفي عام 2005 فشل اتفاق بين الإدارة المدنية وسكان القرى، وفي أبريل (نيسان) الحالي تجددت المداولات، والأسبوع الماضي قدمت «الدولة» موقفها النهائي القاضي بهدم 8 قرى واستخدام 4 أخرى للتدريب دون هدم.

وقال فياض: «التهجير مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة»، وأضاف: «كلنا إصرار وبمساعدة أصدقائنا في المجتمع الدولي على تمكين مواطنينا من الصمود والثبات والبقاء والتمسك بحقهم في الحياة على أرضهم». وأردف: «أعتقد أننا بوقفة واحدة وتدخل دولي فاعل، ومخاطبة المجتمع الإسرائيلي بكل مكوناته، كي يتحمل مسؤوليته كذلك إزاء الأخطار الحقيقية التي ستترتب على الاستمرار في هذا النهج القائم من قبل الحكومة الإسرائيلية، الذي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى تقويض إمكانية قيام دولة فلسطينية، سنتمكن من إلزام إسرائيل بالتوقف عن هذه الممارسات».

وتابع القول: «أقول لسلطات الاحتلال الإسرائيلي إن هذه السياسة تعبر عن إفلاس أخلاقي، وأود التأكيد أنه كما باءت محاولاتهم بالفشل قبل 13 عاما من الآن، بدليل أن أهالي المفقرة ما زالوا هنا، ستبوء محاولتهم بالفشل هذه المرة أيضا، وسيبقى أهالي هذه القرى والخرب على أرضهم، كما في سائر المناطق المسماة (ج)».

ويتبنى فياض سياسة فرض الأمر الواقع الفلسطيني في مناطق «ج»، ولم يسلم بالأمر الواقع الإسرائيلي على هذه المناطق، غير أنه حذر من أن منطق القوة الإسرائيلي قد يحول الصراع «إلى صراع تساوي الحقوق في إسرائيل»، ملمحا إلى انهيار خيار الدولة الفلسطينية وبقاء خيار الدولة الواحدة. وأضاف: «نحن لا نريد ذلك، بل نريد الحرية من إسرائيل».