إسرائيل تعتقل مجموعة من فلسطينيي 48 بتهمة تخزين سلاح يخص حزب الله

نائب في كتلة حزب الله يصفها بـ«الذريعة الأمنية» للإبقاء على احتلال بلدة الغجر

TT

كشف النقاب في محكمة إسرائيلية في الناصرة عن ضبط خلية كبيرة من 20 شخصا بتهمة تخزين مواد تفجير حصلت عليها من حزب الله اللبناني حسب الزعم الإسرائيلي، لكي تستخدمها في عمليات تفجير داخل إسرائيل «في الوقت المناسب». وأكدت مندوب النيابة في المحكمة أن الشرطة والمخابرات تفتش عن مزيد من الأشخاص، الذين يعتقد بأنهم كانوا سينفذون هذه العمليات، لكن هوياتهم غير معروفة حتى الآن.

وتتشكل الخلية، وفقا للوائح مقدمة إلى المحكمة، من 13 مواطنا عربيا من إسرائيل، غالبيتهم من مدينة الناصرة، و7 مواطنين من قرية الغجر السورية المحتلة، الواقعة على مثلث الحدود ما بين إسرائيل ولبنان وسوريا. وقال مندوب المخابرات الإسرائيلية (الشاباك) في المحكمة، أمس، إن التحقيق في هذه القضية بدأ في مطلع يوليو (تموز) الماضي، عندما وصلت أخبار تقول إن 24 رزمة تم تهريبها من لبنان عبر قرية الغجر إلى داخل إسرائيل في 5 يونيو (حزيران). وأضاف أن الاعتقاد السائد كان في البداية أن هذه الرزم تحتوي على مخدرات، حيث إن الأشخاص المرتبطين في الموضوع ذوو علاقة بتجارة السموم في الشمال. إلا أن معلومات أخرى وصلت من لبنان تفيد بأن هذه مواد تفجير معدة بشكل مهني من طراز «سي - 4» ومعها جهاز تفجير حديث.

وقال قائد شرطة اللواء الشمالي، روني عطية، إن اعتقال الخلية منع عمليات تفجير رهيبة في إسرائيل، فقد كانت زنة العبوات الناسفة 21 كيلوغراما، وكان قسم منها جاهز للتفعيل الفوري. وللمقارنة، قال، فإن كمية المتفجرات التي استخدمت في عملية التفجير في بورغاس البلغارية قبل 4 أسابيع، وأدت إلى تدمير حافلة ركاب إسرائيليين وقتلت 6 منهم وجرحت 20، كانت بزنة 3 كيلوغرامات فقط.

وعثر أيضا، بالإضافة إلى المتفجرات، على بندقية حديثة من طراز «إم - 16» اتضح أنها سرقت من ضابط كبير برتبة مقدم من الجيش الإسرائيلي، ومسدس ورشاش، مما يعني أن الخلية مكلفة تنفيذ عدد كبير من العمليات داخل إسرائيل.

وحسب لائحة الاتهام التي قدمت للمحكمة أمس، ويتهم فيها 10 من أفراد المجموعة، يتضح أن هذه المجموعة مقسمة إلى قسمين: الأول أبناء قرية الغجر، الذين كانت مهمتهم تقتصر على نقل المواد إلى إسرائيل، والثانية من أبناء الناصرة الذين كان عليهم أن يحتفظوا بهذه المواد حتى يرسل إليه أحد رجالات حزب الله في إسرائيل لأخذها. ولكن المجموعة ضبطت قبل أن يتم التسليم الأخير.

وتروي لائحة الاتهام الإسرائيلية قصة هذه الخلية، وتبدأها بالحديث عن «نشاط واسع لحزب الله في استخدام تجارة المخدرات في نشاطه الإرهابي»، فتزعم أن تاجر مخدرات مقرب من حزب الله يدعى جورج نمر كنيته «أبو علي»، هو الذي يقف وراء نشاط هذه المجموعة، ومعه مواطن عربي من إسرائيل يدعى سعد قموز، كان قد اعتقل في إسرائيل بتهم أمن ومخدرات، ولكنه تمكن من الهرب إلى لبنان. وتقول إن نمر وقموز أرسلا العبوات إلى شهيد إبراهيم من الغجر، وهذا بدوره سلمها إلى سائق سيارة نقل من قريته يدعى نواف خطيب لينقلها إلى كفركنا في إسرائيل، وهناك تسلمها شخصان من خلية الناصرة هما عبد الله الزعبي وعرفات البيومي وسلماها إلى المتهم الرئيسي في القضية عبد الباسط الزعبي من الناصرة.

وعلى الرغم من أن المخابرات الإسرائيلية أظهرت القضية كقضية أمن وإرهاب، فإنها لم تستبعد أن تكون قضية جنائية أيضا، هدفها خدمة عصابات إجرام إسرائيلية. إذ اتضح أن الغالبية الساحقة من المتهمين لا يعرفون شيئا عن حزب الله ودوره في الموضوع ولا يعرفون أن الحديث يجري عن عبوات ناسفة وحسبوا أنها مخدرات، خصوصا أن رئيس الخلية دفع مبلغا من المال مقداره 140 ألف شيقل (35 ألف دولار) أرسلها إلى لبنان بواسطة الأردن. ولكنها أضافت أنها ترجح قيام حزب الله باستخدام موضوع المخدرات وعصابات الإجرام الإسرائيلية لتهريب العبوات الناسفة إلى «خلايا إرهابية نائمة يتم تفعيلها في الوقت المناسب». وصرح قائد شرطة الشمال في إسرائيل، عطية، بأن هذه القضية تكشف عن «أساليب عمل محكمة يستخدمها حزب الله في حربه ضد إسرائيل».

وترد في لائحة الاتهام بنود اتهام أمنية واضحة إلى جانب الاتهامات بالإجرام، وتطالب المحكمة بإدانة المتهمين بـ«تقديم مساعدة إلى العدو إبان الحرب وإقامة اتصال مع عميل أجنبي وحمل سلاح من دون ترخيص والتآمر لتنفيذ عمل إرهابي»، وكذلك اتهامات بـ«استيراد مخدرات والاتجار فيها».

وتعليقا على هذا الخبر، رأى عضو كتلة حزب الله، النائب الوليد سكرية، أن «إلصاق التهمة بأشخاص من بلدة الغجر، مجرد مبرر لدولة إسرائيل لتبقى محتلة للجزء اللبناني من هذه البلدة». ورأى سكرية في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل ابتدعت هذه الرواية كحجة أمنية لتبقى محتفظة بكامل بلدة الغجر، ولإبعاد حزب الله والدولة اللبنانية عنها، كي لا يوجد فيها متعاونون مع المقاومة، ولتضمن أن هذه المنطقة لن تشكل في يوم من الأيام أي تهديد لأمنها».

أما الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني العميد المتقاعد أمين حطيط المقرب من حزب الله، فوصف هذه المعلومات بأنها «أكذوبة». ووضع هذا الخبر «في سياق تحويل الانتباه عن الجريمة التي ارتكبها (الموساد) بحق جنود مصريين». وقال حطيط لـ«الشرق الأوسط»: «تحاول إسرائيل إنتاج بنية تصرف عبرها الانتباه عن هذه الجريمة، لأن السلفيين الذين قتلوا نحو عشرين مصريا نفذوا مخططا إسرائيليا لإجهاض الاتفاق بين (الرئيس المصري محمد) مرسي وحركة حماس، الذي ولد مرونة في ما يخص فتح معبر رفح، وهذه المرونة أزعجت الإسرائيليين»، مؤكدا أن «إسرائيل نجحت عبر هذه الجريمة في إقفال معبر رفح بشكل كلي وتدمير الأنفاق، وهذا لم تكن تحلم به حتى في عهد (الرئيس المصري المخلوع) حسني مبارك».

وأضاف: «إن مقولة القبض على 14 عربيا يعملون لصالح حزب الله هي أكذوبة كبيرة بعيدة عن الواقع، ومن يتحدث بهذا الكلام لا يعرف طبيعة حزب الله وطريقة عمله». وأوضح أن «الدولة العبرية تعرف أن حزب الله لا يقدم لها على طبق من فضة 14 شخصا، وهو عندما يقرر مثل هذا العمل لا يمكن إسرائيل من اعتقال عناصر يعملون لمصلحته». وسأل: «لماذا تخفي إسرائيل جنسية هؤلاء الأشخاص؟»، مرجحا أنهم «سلفيون من قماشة (القاعدة) الذين تحويهم إسرائيل وتستخدمهم كما استخدمتهم لإحداث (خضة) بين مصر وحماس».