الجيش الحر السوري «ينسحب تكتيكيا» من حي صلاح الدين ويتمترس في سيف الدولة

اشتباكات في إدلب وريف دمشق وقصف عنيف على درعا

صورة مأخوذة من فيديو من موقع «يوتيوب» لأحد عناصر الجيش الحر وهو يحاول استهداف طائرة حربية تابعة للقوات النظامية أول من أمس في منطقة كفر نبل بإدلب (أ.ف.ب)
TT

بينما تفاوتت المعطيات من الداخل السوري حول تنفيذ الجيش السوري الحر انسحابا تكتيكيا من حي صلاح الدين في مدينة حلب، وصفه قادة ميدانيون منشقون بأنه يندرج في إطار عمليات الكر والفر، استكمل الجيش السوري عملياته العسكرية والأمنية في معظم المحافظات السورية، مما أدى، وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إلى سقوط ما يزيد على 75 قتيلا.

وظلت حلب بالأمس محط الأنظار، مع اشتداد الهجمة العسكرية لقوات النظام على كامل أحيائها، وبالتحديد على حي صلاح الدين. وقد أبلغ نائب قائد «الجيش الحر» العقيد مالك الكردي بالأمس «الشرق الأوسط» بانسحاب عناصر «الجيش الحر» من المناطق الأساسية من الحي وبتمترسهم عند الأطراف، متحدثا عن قصف مركّز وعنيف بالطيران والمدفعية، وبالتحديد بدبابات الـ«تي 82» التي يجد عناصر «الجيش الحر» صعوبة في مواجهتها.

كما أعلن الجيش السوري الحر عن مقتل العميد عصام زهر الدين قائد قوات النظام في حي صلاح الدين بحلب. حسب موقع قناة «العربية» مساء أمس, وإذ أكد الكردي انتشار الكتائب المسلحة وبكثافة في الأحياء المحيطة بصلاح الدين، جدد استهجانه لتخلي المجتمع الدولي عن الثوار الذين لا يمتلكون أبسط أنواع الأسلحة للدفاع عن أنفسهم وعن المدنيين. ومن داخل حي صلاح الدين، تحدث محمد الحلبي، الناطق باسم اتحاد تنسيقيات الثورة في حلب، عن تراجع عناصر «الجيش الحر» وبشكل جزئي من بعض شوارع صلاح الدين، لافتا إلى أن الحي يقصف ومنذ 36 ساعة بشكل متواصل من خلال الطيران الحربي ودبابات الـ«تي 72» و«تي 82». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «القدرة العسكرية لـ(الجيش الحر) لا تزال كبيرة، وهو دمر 4 دبابات للنظام وأسقط طائرة».

وأوضح الحلبي الذي يجول في شوارع المدينة أن «الجيش الحر» يتمترس في حي سيف الدولة منفذا انتشارا واسعا مع تكثيف عدد الحواجز. وأضاف: «الثوار يفتشون السيارات التي تدخل إلى الحي وبشكل دقيق خوفا من تسلل قناصة إلى داخله كما حصل سابقا».

وأشار الحلبي إلى أن النظام يستهدف كل أحياء حلب دون استثناء انطلاقا من الجهة الشمالية للمدينة وبالتحديد من حي الحمدانية الذي تم تحويله لثكنة عسكرية حقيقية.

وكان قائد كتيبة درع الشهباء في الجيش السوري الحر، النقيب حسام أبو محمد، كشف بالأمس عن أن «الجيش الحر» نفذ «انسحابا تكتيكيا كاملا من حي صلاح الدين في حلب شمال سوريا إلى الشوارع المحيطة»، لافتا إلى أن «الحي بات خاليا تماما من الثوار وأن الجيش النظامي يتقدم داخل الحي».

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن أبو محمد قوله إن «كتائب الجيش السوري الحر نفذت انسحابا من شارعي 10 و15 في صلاح الدين باتجاه حي السكري (جنوب مدينة حلب) تمهيدا لشن هجوم مضاد»، وذلك بعد قصف مدفعي عنيف من قبل القوات النظامية أدى إلى مقتل أكثر من أربعين من المقاتلين المعارضين. ولفت إلى أن «الجيش السوري النظامي يقصف منذ الصباح بالقنابل الفراغية شارعي 10 و15، مما أدى إلى تسوية نحو أربعين مبنى بالأرض ومقتل أكثر من 40 مقاتلا وأعداد كبيرة من المدنيين»، مشيرا إلى أن «(الجيش الحر) يقاوم، وإذا اضطر لانسحابات أخرى فيعمد إلى فتح جبهة ثانية».

من جهته، أكد قائد كتيبة «نور الحق»، النقيب واصل أيوب، أن «كتائب (الجيش الحر) تنفذ انسحابا تكتيكيا من صلاح الدين وتتراجع إلى جبهة جديدة في حيي سيف الدولة والمشهد (شرق صلاح الدين)».

بدوره، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن أحياء عدة من مدينة حلب، يسيطر عليها الثوار السوريون، تشهد منذ فجر يوم أمس عمليات قصف شديد من قبل القوات النظامية. وأوضح المرصد أنه عند الساعة الرابعة (1.00 تغ) تقريبا من فجر يوم الخميس «تعرضت أحياء الصاخور وسيف الدولة والشعار والحيدرية ومساكن هنانو في مدينة حلب، لقصف عنيف من قبل القوات النظامية، مما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى»، بينما أشارت لجان التنسيق المحلية إلى أن القصف على مدينة حلب فجرا طال «أحياء السكري والأنصاري الشرقي والمشهد وجسر الحج».

وكشف المرصد عن «تعزيزات تضم ثلاث دبابات وناقلات جند مدرعة ومئات الجنود وصلت إلى محيط نادي الضباط قرب ساحة سعد الله الجابري» وسط مدينة حلب.

أما في الريف الحلبي، فذكر المرصد أن مقاتلين معارضين سيطروا على قسم الشرطة في قرية الحاضر بريف حلب الجنوبي، متحدثا عن مقتل خمسة مدنيين في مدينة الباب وبلدة حريتان وقرية كفر حلب. وبالتزامن، تواصل القصف على بلدة الزبداني في ريف دمشق، وقال المرصد إن اشتباكات عنيفة تدور بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في بلدة عين ترما وبلدة التل التي تحاول القوات النظامية اقتحامها. وبينما أفيد بتعرض بلدات النعيمة وأم المياذين وحيط وبصر الحرير وطيبة بريف درعا للقصف من قبل القوات النظامية، تحدث المرصد عن اشتباكات وصفها بـ«الأعنف» تدور بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين في بلدة كفرنبل في إدلب.

وفي حماه، نفذت القوات النظامية صباح الخميس حملة مداهمات واعتقالات في أحياء الأربعين والفيحاء وطريق حلب بمدينة حماه، تزامنا مع قيامها باقتحام حي غويران في الحسكة تخلله قطع للاتصالات وحملات دهم واعتقالات، بحسب المرصد.

أما لجهة الانشقاقات، فأفيد أمس بانشقاق العقيد الطيار حسن محمد الحكيم والعقيد الطيار علي محمد الحبول وانضمامهم إلى كتيبة مجاهدي أبو بكر الصديق في ريف حماه، كما بانشقاق العقيد محمد غازي جميل من مرتبات الجيش الشعبي في حلب والعقيد خالد عيسى العيسى من مرتبات الدفاع الجوي في حلب، والنقيب مؤيد محمد ديب آغا من مرتبات الدفاع الجوي اللواء 98 حمص، والملازم أول أيمن إبراهيم الحسين من مرتبات القوى الجوية وتشكيلهم للواء «درع» جنوب حلب.

أما بما خص جديد حالة النزوح إلى تركيا، فقالت السلطات التركية إن أكثر من ألفي سوري فروا من العنف ووصلوا إلى الأراضي التركية خلال اليومين الماضيين ليرتفع بذلك عدد السوريين اللاجئين إلى تركيا إلى أكثر من خمسين ألفا.

وأوضحت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن 2200 شخص عبروا إلى تركيا يومي الثامن والتاسع من أغسطس (آب) الحالي.