ساعات من الذعر في القاهرة

اختناقات في أنفاق المترو.. وانقطاع البث التلفزيوني أقلق ربات المنازل

TT

في مسافة بين محطتي «الشهداء» و«أنور السادات»، توقف مترو الأنفاق وعم الظلام الدامس عرباته تحت الأرض؛ مع شهقات نسائية وصرخات لبعض الأطفال.. ومع مرور الدقائق والساعات تحول الأمر إلى ذعر بين الركاب، وبخاصة مع توقف التهوية داخل العربات وحدوث اختناقات للبعض من كبار السن والمرضى في ظل درجة حرارة جاوزت الأربعين ورطوبة خانقة.

وفي منزل بضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة، ورغم اعتياد غالبية المصريين على انقطاع التيار الكهربائي مؤخرا، فإن سعاد أسرعت إلى الهاتف طالبة زوجها في خوف وهي تقول: «التلفزيون قطع البث فجأة.. فيه ايه بيحصل في البلد؟».. رابطة في عقلها الباطن بين ما يحدث في سيناء من توترات على خلفية أحداث إرهابية، وعدم معاصرتها على الإطلاق طوال عمرها - الذي تجاوز 33 عاما - لسابقة انقطاع البث الإذاعي والتلفزيوني الرسمي في مصر.

وأمس تفاقمت أزمة انقطاع التيار الكهربائي في مصر، لتشل حركة مترو أنفاق القاهرة والبورصة وتطول مبنى التلفزيون الرسمي وتضرب أحياء ومحافظات بأكملها، مما زاد من سخط وغضب المصريين خصوصا مع درجات حرارة مرتفعة تشهدها البلاد ومع صيام شهر رمضان الكريم.

وبينما قال مصدر مسؤول بشركة كهرباء القاهرة إن «تعرض محولين كبيرين بمدينة العاشر من رمضان (بالقاهرة الكبرى) يغذيان مناطق شمال وشرق القاهرة ومناطق شاسعة من العاصمة لعطل مفاجئ، أدى لانقطاع الكهرباء»، حذر مراقبون من تصاعد أزمة الكهرباء خلال الأيام المقبلة، عقب تعرض عدد كبير من أبراج ربط الكهرباء للسرقة والتدمير من قبل مجهولين.

المشكلة طالت أماكن كثيرة ذات طبيعة خاصة وحساسة.. «هعمل إيه يا ناس.. ربنا يستر، أمي في غرفة الإنعاش والنور مقطوع عن المستشفى»، هكذا صاحت عطيات، الشابة ذات الثلاثين عاما، وهي تعرف أن دموعها سوف تضيع هدرا؛ لكنها لم تفقد إيمانها بالله راجية أن تتحسن الأمور في مستشفى بولاق الدكرور الحكومي، حيث ترقد أمها المريضة منذ أيام منهكة القلب والجسد. بينما كان المواطنون المحبوسون في أنفاق المترو تحت الأرض يزدادون توترا مع مرور الوقت.. وقال أحدهم ويدعى سيد تهامي (30 عاما): «تم حبسنا في المترو دون هواء أكثر من ثلاث ساعات، لدرجة إصابة العديد من كبار السن بحالة إغماء واختناقات، وقمنا بكسر الأبواب لنخرج الناس من المترو لعدم وجود وسائل تهوية».

ورفض تهامي الأسلوب الذي تعامل به المسؤولون في جهاز المترو مع الأزمة، قائلا: «لم يعتذر لنا مسؤول عما تكبدناه من عذاب وتعرض حياة الآلاف للموت خنقا.. حسبنا الله ونعم الوكيل».

توقف حركة القطارات أجبر الركاب على النزول من المترو والسير على القضبان على أقدامهم للذهاب لمقار عملهم وتكسير زجاج شبابيك عربات القطارات بعد رشقها بالحجارة، مرددين هتافات ضد وزير الكهرباء ورئيس هيئة مترو الأنفاق. وقالت ريم محمد (23 عاما) فور ركوبي القطار من محطة عين شمس (شرق القاهرة) فوجئت بانقطاع التيار وتوقف القطارات واستمر الركاب عالقين بداخلها خاصة في الأنفاق بين محطات الشهداء وسعد زغلول بالخط الأول.

ما أحزن ريم هو أن «مسؤولي شباك التذاكر يقومون بقطعها للركاب، دون إعلامهم بانقطاع الكهرباء مما أدى للتكدس الشديد على أرصفة المحطات».

من جانبه، أكد حلمي توفيق، مشرف بمحطة حلمية الزيتون، أن «توقف القطارات داخل بعض الأنفاق أدى إلى حدوث العديد من المشادات والمشاجرات بين بعض المواطنين وبعض وبينهم وبين سائقي القطارات، وأنه نظرا لانقطاع حركة المترو وارتفاع درجة الحرارة اضطر الركاب إلى كسر مفاتيح الطوارئ في محاولة لإيجاد مصدر للتهوية، خوفا من حدوث اختناقات خاصة بين السيدات وكبار السن».

انقطاع الكهرباء الذي طال مبني التلفزيون الرسمي بكورنيش نيل القاهرة أدى إلى انقطاع الإرسال عن القنوات الأرضية، كما أفقد البورصة المصرية نحو مليار جنيه بعد أن تم تأجيل التداول لنحو ساعة ونصف الساعة نتيجة انقطاع الكهرباء صباح أمس.

وبينما لم يبرر المسؤولون سبب أزمة انقطاع الكهرباء عن القاهرة، أرجع الدكتور أكثم أبو العلا المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء الانقطاع إلى زيادة الأحمال، وارتفاع درجات الحرارة.

وبدورها دشنت وزارة الكهرباء والطاقة صفحة خاصة على موقعها الإلكتروني الرسمي للإبلاغ عن أي حالات سرقة للتيار الكهربائي.