تعليق مقالات فريد زكريا لاتهامه «بسرقة» عمل كاتب آخر

«سي إن إن» علقت برنامجه الأسبوعي.. اعتذر وقال: ما حدث كان «هفوة كبيرة أتحمل وحدي مسؤوليتها»

فريد زكريا
TT

علقت مجلة «تايم» الأميركية مقالات الكاتب والصحافي الشهير فريد زكريا (48 عاما)، بعد أن كشفت سرقته عمل كاتب آخر بأحد مقالاته، مما دفع شبكة «سي إن إن» الأميركية إلى تعليق برنامجه الأسبوعي أيضا.

ونقلت مصادر إخبارية أميركية قول زكريا في اعتذار قدمه بعد توجيه الاتهامات إليه، إن «بعض الصحافيين أشاروا إلى أوجه التشابه بين مقاطع من مقالي (قضية السيطرة على السلاح) الذي نشر هذا الأسبوع في مجلة (تايم)، ومقاطع من مقال لأستاذة التاريخ بجامعة هارفارد الأميركية جيل ليبور، نشر في مجلة (ذي نيويوركر) في أبريل (نيسان) الماضي». وأضاف «كانوا على حق.. لقد ارتكبت خطأ جسيما»، مشيرا إلى أن ما حصل «هفوة كبيرة، وأتحمل وحدي المسؤولية كافة». وقال في بيان «أعتذر لأستاذة التاريخ في هارفارد الأميركية جيل ليبور». وختم زكريا «أعتذر عن هذا الخطأ، وإلى المحررين في مجلة (تايم)، كما أعتذر إلى قرائي».

وقالت المتحدثة باسم مجلة «تايم» الأميركية البارزة «ما حدث يعد انتهاكا للمعايير الخاصة بكتاب الأعمدة لدينا، وهو ألا يكون عملهم واقعيا فقط، وإنما يكون أصليا أيضا، ولا يعبر فقط عن وجهة نظرهم الخاصة وإنما الكلمات الخاصة بهم كذلك».

وقالت المصادر إن مجلة «تايم» قبلت اعتذار زكريا، غير أنها ستعلق مقالاته لمدة شهر «ويتم النظر خلال هذه المدة في الإجراءات الواجب اتباعها». فيما قالت «واشنطن بوست» التي تنشر له مقالا أسبوعيا إن جهازها التحريري يراجع مستقبل العمل مع زكريا.

من جهتها، حذت شبكة «سي إن إن» حذو مجلة تايم، وقامت بتعليق برنامجه الأسبوعي أيضا «لدراسة المسألة». يشار إلى أن فريد زكريا من أشهر الصحافيين والإعلاميين الأميركيين، وهو من أصول هندية.

من جهتها قالت «نيويورك تايمز» أمس إن التشابهات بين النصين رصدها موقع محافظ هو «نيوز باسترز»، وانتشرت سريعًا على الإنترنت بعدها. وأشارت إلى أن زكريا، ذا الأصول الهندية الذي تخرج في جامعتي «يال» و«هارفارد»، يعمل في أكثر من مؤسسة، فهو يقدم برنامجا لشبكة «سي إن إن»، ويعمل محررا في صحيفة «واشنطن بوست»، وكاتبا في مجلة «تايم»، ومؤلفا لعدد من الكتب السياسية.

درس زكريا في جامعة هارفارد، وكان أول طالب من العالم الثالث يترأس تحرير صحيفة الجامعة. ثم صار رئيسا لتحرير دورية «فورين أفيزر» (علاقات دولية). ثم رئيسا لتحرير مجلة «نيوزويك» (الطبعة العالمية). وبعد بيع المجلة (التي كانت تتبع لصحيفة «واشنطن بوست») إلى شركة خاصة، تركها زكريا، والتحق بمجلة «تايم»، معلقا رئيسيا، يكتب عمودا أسبوعيا، ويجري مقابلات صحافية. وفي بداية السنة، زين مقابلاته بمقابلة مع الرئيس باراك أوباما، وكانت موضوع الغلاف.

في نفس الوقت، بدأ يقدم برنامج مقابلات مع صحافيين أجانب في تلفزيون «سي إن إن»، تحت عنوان «جي بي إس»، إشارة إلى التنوعات العالمية للمقابلات. غير أن رأيا كتبه في الأسبوع الماضي في مجلة «تايم» عن انتشار الأسلحة في المجتمع الأميركي كان سبب معاقبته.

وزكريا، الذي كان كاتب عمود في مجلة «نيوزويك»، ورئيس تحرير الطبعة الدولية ومحرر من عام 2000 إلى عام 2010، كان رشح ليكون مستشارا للرئيس باراك أوباما للشؤون الخارجية. ولم يكن سرا أن أوباما كان من معجبيه. وأن زكريا كانت له طموحات سياسية وراء طموحاته الصحافية. ومع توقع نهاية عمل هيلاري كلينتون كوزيرة للخارجية بعد نهاية فترة أوباما الحالية، ظهر اسم زكريا ليكون خليفة لها إذا فاز أوباما بفترة رئاسية أخرى. أو أن يعين مستشارا للأمن الوطني. وكانت مجلة «اسكواير» وصفته بأنه «مستشار السياسة الخارجية الأكثر تأثيرا في جيله». وهو نفسه كتب ذلك في موقعه في الإنترنت، بكل فخر. وكان وطنه الأول، الهند، قدم له جوائز لإسهاماته في الصحافة، وذلك في عام 2010، وأيضا مؤسسات صحافية أخرى، خاصة في العالم الثالث. لكن أمس، كتب الناقد والكاتب الأميركي ديفيد زوراويك، أن العقاب السريع والحاسم بسبب ما فعل زكريا لم يعد مفاجأة. وذلك لأن «الانتحال صار خطيئة صحيفة مميتة، وغالبا ليس هناك خلاص منها».

وأضاف زوراويك: «نظرا لعدم وجود قيم وأخلاق في الصحافة اليوم، صار الانتحال موضوعا هاما». وأيضا، بسبب الإنترنت الذي وفر معلومات كثيرة تغرى الكتاب بنسخها. لكن، الإنترنت، في نفس الوقت، صار يسهل مهمة الذين يريدون كشف الكتاب الذي يسرقون.

وقال زوراويك: «لا يهمني إذا كان الشخص ذكيا أو غبيا. يجب أن يعاقب كل من يسرق أفكار الآخرين، أو كلمات الآخرين، أو الاثنين معا. الذي يفعل ذلك يجب أن ينهي حياته كمصدر للخطاب الفكري أو الأخلاقي».