انتقادات واسعة لتصريحات رئيس الوزراء المصري حول ترشيد استهلاك الكهرباء

حملات إلكترونية لعدم دفع الفواتير ورفض «الجلوس بالملابس القطنية»

حملة بعنوان «مش دافعين» تحث المصريين على عدم دفع فواتير الكهرباء احتجاجا على انقطاعها
TT

«ماذا يجب علينا أن نفعل.. هل نعيش في الصحراء ونتغطى بأوراق الشجر حتى ترتاح الحكومة؟!»، بنبرة من الاستياء تقول إحدى السيدات المصريات على أثر مناشدة رئيس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل، المواطنين بضرورة ترشيد استهلاك الكهرباء، ومطالبتهم بارتداء الملابس القطنية للتخفيف من شدة حر الصيف وتخفيض عدد أجهزة التكييف وتشغيل جهاز واحد والتجمع في غرفة واحدة لترشيد استهلاك الكهرباء بالمنازل.

وأثار هذا الأمر موجة من الانتقادات بين المصريين، الذين استقبلوا تصريحاته بردود أفعال مختلفة تراوحت بين الغضب والاستنكار والسخرية من كلماته، وتوجيه اللوم للرئيس محمد مرسي ومشروع النهضة الذي يتبناه وكذلك الحكومة الجديدة.

وتفاقمت أزمة انقطاع التيار الكهربائي في المحافظات المصرية خلال الأيام القليلة الماضية، لتصل إلى تعطل حركة مترو الأنفاق والبورصة لتطال مبنى التلفزيون الرسمي وتضرب أحياء ومحافظات بأكملها، مما زاد من سخط وغضب المصريين، خصوصا مع درجات حرارة مرتفعة تشهدها البلاد ومع صيام شهر رمضان.

ودفع هذا المشهد رئيس الوزراء لعقد مؤتمر صحافي، مساء الجمعة، مناشدا مواطنيه بأهمية ترشيد استهلاك الكهرباء، مبينا أنه أمر اختياري في هذا الصيف وفي ما بعد سيكون إجباريا، مشيرا إلى أن الاستهلاك والترف لا بد أن يكون منظما وإجباريا. وطالب قنديل المواطنين، بارتداء الملابس القطنية، وتخفيض عدد أجهزة المكيفات، والتجمع في غرفة واحدة لترشيد استهلاك الكهرباء، مشيرا إلى أن هناك من المواطنين مَن يمتلك من 6 إلى 7 أجهزة تكييف في منزله.

وأثارت تصريحات قنديل تخوف المصريين من تصاعد أزمة الكهرباء خلال الأيام المقبلة، خاصة مع عدم تبرير المسؤولين سبب أزمة انقطاع الكهرباء؛ إلا بسبب زيادة الأحمال وارتفاع درجات الحرارة، وهي الأسباب التي لم تقنع رجل الشارع.

في أحد أحياء القاهرة الشعبية، يقول الأربعيني إبراهيم سلامة بغضب: «رئيس الوزراء يتحدث عن من يمتلك عدة أجهزة للتكييف، وهناك ناس ليس لديها مروحة واحدة وغير قادرين على الحصول على رغيف الخبز، هل هؤلاء أيضا يرشدون استهلاك الكهرباء؟ يكفي أن حياتهم كلها مرشدة من كافة الأوجه».

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كانت ردود الفعل الأقوى، التي لم تخل من «الكوميديا السوداء» التي تروق للكثيرين، خاصة في ما يتعلق بمسالة جلوس المواطنين بالملابس القطنية عوضا عن الملابس الأخرى، منها: «لماذا لم يتحدث رئيس الوزراء عن المكيفات الموجودة بالمكاتب والوزارات؟»، «البلد ما فيهاش مشاكل خلاص وبقت المشكلة أن الشعب يلبس ملابس قطنية»، «الحكومة تريدنا عمل جلسات ترشيد كهرباء لتأكيد ضرورة صلة الرحم بشكل أكبر في رمضان».

ولا تزال السياسة في مصر تتشابك مع الإعلانات التجارية، التي يستخدمها المصريون دوما لإطلاق إسقاطات ساخرة على أحوالهم، ومع طوفان الإعلانات في رمضان ربط كثير من رواد موقعي «فيس بوك» و«تويتر» بين أحد الإعلانات التي تروج لأحد أنواع الملابس الداخلية للرجال وما حث عليه قنديل بارتداء الملابس القطنية.

كلمات رئيس الوزراء أثارت أيضا عددا من الناشطين، الذين توقفوا أمامها وعبروا عما يدور في أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي أيضا، فعلق الدكتور عمار علي حسن، الباحث السياسي، بقوله: «مستعدون أن نقبل نصيحة رئيس الوزراء لنا بارتداء ملابس قطنية كحل لمواجهة الحر، بشرط أن يقدم خطة لزراعة مئات الآلاف من الأفدنة قطنا طويل التيلة لنعد كما كنا طيلة عمرنا ملوك القطن في العالم»، وطالب حسن في تعليق بصفحته على «فيس بوك» بأن يشرع قنديل في إعادة مصانع الغزل والنسيج في المحلة إلى العمل بكامل طاقتها، فيعود العمال المشردون، قائلا: «من دون ذلك ستكون نصيحته أشبه بتلك التي طالبنا بها الرئيس السابق حسني مبارك ذات يوم، أن نقلل من السكر في الشاي، وهو لا يعلم لجهله وطغيانه أن كثيرين كان إفطارهم لا يزيد على كوب شاي مسكر جدا مع رغيف خبز».

بينما قال الناشط السياسي وائل غنيم عبر تغريدة على موقع «تويتر»، موجها كلامه للمصريين: «معكم في انتقاد اللي هو (أي قنديل) قاله عن القطن والأوضة (الغرفة) الواحدة».

على ذات المواقع وتفاعلا من الأزمة، دشن عدد من النشطاء حملات بعنوان «مش دافعين» التي تحث المواطنين على عدم دفع فواتير الكهرباء احتجاجا على انقطاع التيار المتواصل، كما تطالب الحملة بجدول معلن لاستهلاك الأحياء من الكهرباء للتعرف على مدى العدالة في تحميل العبء، وجدول معلن بمواقيت انقطاع الكهرباء ومدة قطعها.

وهي الحملة التي تجد صدى كبيرا هذه الأيام، خاصة بعد أن تضامن معها قوى سياسية، منها حزب التحالف الشعبي الاشتراكي وشباب حركة 6 أبريل وحركة كفاية، الذين لم يتوقفوا على حدود الشجب؛ بل تخطوا ذلك بتنظيم عدة وقفات احتجاجية وتكوين سلاسل بشرية في عدد من المحافظات لتوصيل الهدف من الحملة، ومهددين بمواصلتها وتفعيل عدم دفع فاتورة الكهرباء في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.