قوى سياسية مصرية تبحث عن تحالفات مبكرة استعدادا للانتخابات البرلمانية

الإسلاميون يعيدون صياغة تحالفاتهم.. و«الوفد» يفتح أبوابه للجميع

TT

على الرغم من أن موعدها لم يتحدد بعد، في انتظار وضع دستور جديد للبلاد خلال نحو شهر أو اثنين، فإن الكثير من القوى السياسية المصرية أصبحت تبحث عن تحالفات مبكرة استعدادا للانتخابات البرلمانية. وقالت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، إن حزب «النور» السلفي يتجه لاستبعاد جماعة الإخوان من تحالف الإسلاميين، وإن حزب الوفد قد يفتح أبوابه للتحالف مع الجميع، مشيرة إلى أنه توجد استعدادات لتشكيل تحالفات جديدة لدخول الانتخابات البرلمانية المقبلة، والمزمع إجراؤها خلال 60 يوما من كتابة الدستور الجديد الذي تقوم الجمعية التأسيسية بكتابته حاليا.

وحلت المحكمة الدستورية العليا في يونيو (حزيران) الماضي، مجلس الشعب (الغرفة الأول للبرلمان)، الذي كان يسيطر على أغلبيته الإسلاميون، بدعوى عدم دستورية القانون الذي جرت الانتخابات وفقا له. وأوضحت المصادر أن أحزابا إسلامية مثل «النور» السلفي، صاحب الأغلبية الثانية في البرلمان السابق، يسعى للتحالف مع عدد من القوى الإسلامية، ليس من بينها حزب جماعة الإخوان المسلمين «الحرية والعدالة»، والتنسيق معهم خلال المرحلة المقبلة ونزول الانتخابات بقائمة واحدة، قد تشمل أنصار المرشح الإسلامي السابق للرئاسة «حازم صلاح أبو إسماعيل»، وحزب «الأصالة» السلفي، وحزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية.

وامتلك حزب «الحرية والعدالة» أغلبية واضحة في البرلمان السابق بنسبة تجاوزت الـ45 في المائة، بينما حل «النور» ثانيا بنسبة 25 في المائة، ليشكلا معا أغلبية إسلامية. لكن مؤخرا، برزت خلافات واضحة بين الحزبين، حيث أعلن حزب النور دعمه للمرشح عبد المنعم أبو الفتوح في الانتخابات الرئاسية في مواجهة مرشح «الإخوان» الرئيس الحالي محمد مرسي، كما رفض حزب «النور» المشاركة في الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور هشام قنديل، بسبب ما اعتبره «عدم تقدير لحجم ودور الحزب»، بعد أن عرض عليه وزارة البيئة فقط، بل ودعا إلى تشكيل جبهة معارضة مع باقي تيارات المجتمع.

وقال السيد مصطفى خليفة، النائب السابق وممثل الهيئة البرلمانية لحزب «النور»، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأنا نجهز للانتخابات القادمة، عبر انتخابات داخلية نجريها في الحزب على كل المواقع الداخلية، بما فيها موقع رئيس الحزب، ستنتهي بنهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، كما نقوم بتقييم أداء نواب الحزب السابقين داخل مجلس الشعب، حتى يتم استبعاد من لم يقدم شيئا، وأخيرا نجري عملية تواصل مع جميع أفراد المجتمع عبر لجان استماع».

ورغم اعتبار خليفة أن الحديث عن الشكل النهائي للتحالف الإسلامي في الانتخابات الآن «مبكرا»، فإنه استبعد التحالف مع جماعة الإخوان، قائلا: «ليس هناك جديد يدفعنا للتحالف معهم.. فقد تحالفنا معهم قبل الانتخابات الماضية، ثم كنا أول كيان انفصل عنهم بسبب عدم اقتناعنا بهذا التحالف حينذاك، وقررنا النزول بقوائم منفصلة».

ورفض خليفة توقعات البعض بانخفاض تمثيل حزب النور في البرلمان القادم بسبب ضعف أداء الحزب، وشدد على أن «هناك عدم رضا في المجتمع من أداء كل القوى السياسية وليس (النور) فقط، وكل الأحزاب حاليا لها أخطاء، ومن جانبه سيعالج حزب (النور) أخطاءه».

من جانبه، قال محمد حسان، المتحدث الإعلامي باسم حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحزب بدأ من الآن عملية حصر جميع الأسماء التي ترغب في النزول على قوائمه في جميع المحافظات، مشيرا إلى أن الحزب، الذي حصل على 16 مقعدا في مجلس الشعب السابق، سيسعى إلى زيادة عدد ممثليه في البرلمان عن طريق، النزول في قوائم خاصة به، أو المشاركة في تحالفات إسلامية قوية، لم تتضح ملامحها حتى الآن».

وبعيدا عن الأحزاب والتحالفات الإسلامية، قال عصام شيحة، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إن رئيس الحزب الدكتور السيد البدوي أصدر قرارا بتكليف لجنة من أعضاء الهيئة العليا، مهمتها التحضير للانتخابات البرلمانية المقبلة، من خلال عدة مهام، أبرزها إعادة صياغة خطاب حزب الوفد في ضوء الأحداث الجديدة، بحيث يكون أكثر دقة وتحديدا وأكثر قربا من المواطنين وأن يعبر بشكل واضح عن أهداف ثورة 25 يناير، ثانيا رسم خريطة لأماكن القوى والضعف لأعضاء حزب الوفد على مستوى الجمهورية من خلال نتيجة الانتخابات السابقة، وأخيرا الاتصال بالجان العامة بالمحافظات بمجرد فتح باب الترشح لتلقي رغبات المرشحين من كل الفئات، ودراسة ملفاتهم.

وأوضح شيحة لـ«الشرق الأوسط»، أن الحزب سيفتح الباب أمام أي شخص يتقدم، بشرط أن تتناسب أفكاره ومبادئه مع الحزب، وأن هناك معيارا كان قد تم وضعه في الانتخابات الماضية، يتعلق بـ«استبعاد بعض الشخصيات تم اتهامهم بالوقوف ضد ثورة 25 يناير»، لكن هذا المعيار لن يستمر حاليا.

وكانت جريدة «الحرية والعدالة»، الناطقة باسم حزب جماعة الإخوان المسلمين، قد كشفت عن لقاءات بين قياديين في حزب الوفد مع عدد من رموز الحزب الوطني المنحل؛ لضمهم إلى الحزب، وترشيحهم على قوائمه في الانتخابات المقبلة؛ للاستفادة من شعبيتهم وعصبيتهم القبلية في التصدي لمرشحي «الإخوان».

وزعمت الصحيفة أن عملية التصفية الأخيرة التي جرت لأربعة من رؤساء تحرير جريدة «الوفد» مؤخرا، لها علاقة بالاستعدادات القائمة من أجل استخدام الآلة الإعلامية للحزب، في خطة تجميع الفلول ودعمهم لمواجهة «الإخوان».

ويقول مراقبون إن العمل على إيجاد تحالف انتخابي واحد لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة في مصر، لم يعد خيارا الآن أمام الإسلاميين أو الأحزاب التقليدية مثل «الوفد» و«التجمع»، بعد أن أعلنت جهات وأطراف سياسية التوحد للعمل معا، مثل «التيار الثالث»، الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، ويقود عددا من التيارات المدنية، وكذلك دخول حزب «الدستور»، الذي يرأسه الدكتور محمد البرادعي، على خط المنافسة.