قيادي في حزب طالباني: سحب الثقة فشل بسبب تردد نواب القائمة العراقية.. وعدم جدية الكتلة الصدرية

بيره لـ «الشرق الأوسط» : القيادة الكردية لن تتنازل عن حقوق شعبها الدستورية ومطالبه القومية

الرئيس العراقي لدى استقباله الخميس الماضي نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان والوفد المرافق له في مقر استراحته بألمانيا حيث يتلقى العلاج («الشرق الأوسط»)
TT

كشف قيادي كردي بارز في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، عن أن موضوع سحب الثقة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي «كان بالأساس مطلبا عراقيا، تقدمت به القائمة العراقية وانضمت إليه الكتلة الصدرية، ولم يكن مطلبا كرديا، ولكن عندما جاء وقت طرحه على البرلمان أدركنا أن الجهود بهذا الاتجاه سوف لن تنجح وفقا للسياقات الدستورية التي تتطلب حشد العدد الكافي من أصوات نواب البرلمان كما هو متبع في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية في العالم، ومع ذلك فإن هذا الخيار سيبقى مفتوحا في حال عدم تلبية المطالب الكردية الواردة في الورقة ذات الـ19 نقطة المعروضة على حكومة المالكي».

وأوضح سعدي أحمد بيره، عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الأزمة «كانت في البداية بين القائمة العراقية ودولة القانون ممثلة برئيس الوزراء نوري المالكي، انضم إليها الصدريون في ما بعد، وبالنسبة لقيادة الإقليم فقد رأت أن خيار سحب الثقة قد يكون هو الخيار الوحيد في ذلك الوقت للدفع باتجاه الإصلاحات في العراق وإخراجه من أزمته السياسية، ولهذا رأت قيادة كردستان أن هنالك فرصة أمامها لتمارس نوعا من الضغط على المالكي لتلبية المطالب الواردة بالورقة الكردية التي تقدمنا بها، وهكذا أصبحنا مع الأسف طرفا في تلك الأزمة، بعد أن رأينا أن المالكي قصر في تلبية مطالبنا وتراجع عن الكثير من الاتفاقات وتنكر لاستحقاقاتنا الدستورية، خاصة ما يتعلق بمطالب شعبنا الدستورية، مثل المادة 140 وموضوع البيشمركة وقانون النفط وغيرها، فهذه مسائل حياتية بالنسبة لشعبنا، لذلك كان الصف الكردي موحدا تجاه الأزمة وكان هناك إجماع كردي بهذا الشأن، خاصة بين الحزبين (الاتحاد الوطني) و(الديمقراطي الكردستاني)». وتابع «في النظم الديمقراطية والبرلمانية، فإن مسألة سحب الثقة تكون أحد خيارات المواجهة، ولكن هذه المسألة تتعلق بالأرقام وليس بالتمنيات، فالعملية كانت بحاجة إلى 164 صوتا حتى يتحقق هذا الأمر، وفي حال لم نتمكن من تأمين هذا العدد الكافي فإن عملية سحب الثقة ستواجه مصاعب داخل البرلمان»، وأضاف «الكتلة الكردية لديها 57 نائبا في البرلمان وكانت العملية تحتاج إلى أكثر من مائة صوت آخر حتى تتحقق النسبة المطلوبة. وكما تبين فإن الكتلة الصدرية كانت تريد مجرد تحقيق مكسب سياسي لهم. أما القائمة العراقية فقد كان هناك عدد من أعضائها أعلنوا أنهم لا يريدون سحب الثقة من المالكي. وعندما ظهر الموقف المفاجئ لهاتين الكتلتين أثناء عقد اجتماع مجلس الوزراء بكركوك، وهو الاجتماع الذي أصدرت قيادة إقليم كردستان قرارا بمقاطعته والتزم الوزراء الكرد به، ولكن وزراء القائمتين لم يلتزموا بقرار مماثل صدر عن قيادتهم باستثناء وزير واحد، وهكذا أدركنا أن عملية سحب الثقة سوف لن تنجح أثناء التصويت البرلماني».

وحول الاتهامات الموجهة إلى «الاتحاد الوطني» بوقوفه في صف المالكي وإفشال عملية سحب الثقة منه، قال بيره: «نحن نعيش في العراق، ولدينا تحالفات سياسية مع جميع القوى والأحزاب الأخرى، بعضها تحالفات تعود إلى ما قبل سقوط النظام السابق مع قوى وأحزاب ناضلت معنا أثناء الثورة ضد الديكتاتورية، وبعضها الآخر تحالفنا معها بعد سقوط النظام، ولذلك فإن التفريط في هذه التحالفات ليس أمرا سهلا، فهناك حلفاء لا يمكننا تعويضهم. أما ما يتعلق بموقفنا من الأزمة فقد كانت القيادة الكردية موحدة منذ البداية، وإذا كانت هناك بعض الخلافات فقد كانت في التفاصيل وهذا أمر طبيعي، كانت لدى القيادة الكردية جملة من المطالب أدرجتها في الورقة الكردية التي سبق أن وافقت الحكومة العراقية على تنفيذها ولكنها تراجعت عن ذلك، ولذلك رأتبأن تمارس نوعا من الضغط على المالكي لكي يلبي المطالب الواردة في تلك الورقة وهي مطالب دستورية، فهذه الورقة ستظل هي المطلب الأساسي لشعبنا، وفي حال عدم تنفيذها فإن الأزمة الحالية ستتكرر مستقبلا أيضا، فالقيادة الكردية لن تتنازل عن حقوق شعبها الدستورية ومطالبه القومية».

وفي ما يتعلق بتصدع العلاقات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الحليف لهم مقابل تحسنها مع حركة التغيير، وما إذا كان ذلك ينبئ بحصول تحالفات جديدة في كردستان، قال عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني: «(التغيير) قوة سياسية منشقة عن (الاتحاد الوطني)، كوادرها الأساسية كانوا منا، ولدينا تاريخ مشترك، وكانت علاقاتنا معهم في البداية متشنجة، ووصلت الأمور إلى حد تنظيم مظاهرات السليمانية، ولكن منذ عشرة أشهر هناك محادثات بيننا لتوضيح المواقف وتطبيع العلاقات طالما نتحدث اليوم عن توحيد الموقف الكردي. أما الخلافات بين (التغيير) والبارتي (الديمقراطي الكردستاني) فهي حديثة ولسنا سببا فيها. أما ما يتعلق بالتحالف الاستراتيجي بيننا وبين (البارتي) فهو لم يأت من فراغ، بل جاء بعد ظروف سياسية بالغة التعقيد شهدت معارك دموية بيننا، في أوروبا حدثت حروب كثيرة بين الدول ولكن بعد ذلك وصلوا إلى مرحلة إنشاء السوق المشتركة والأمن المشترك والعملة الموحدة، كل هذه الأمور كان الهدف منها هو إبعاد شبح الحروب عن أوروبا، وكذا التحالف الاستراتيجي هدفه هو إبعاد شرور الحرب والاقتتال الداخلي، ثم هناك تهديدات على كردستان فلا يمكن أن نشغل أنفسنا وطاقاتنا بالصراعات والخلافات والحروب الداخلية - لا سمح الله. قد يكون داخل (الاتحاد) و(الديمقراطي) أشخاص يفكرون بشكل آخر، قد يكون هناك داخل (الديمقراطي) من يقول بأن (الاتحاد الوطني) انهار ولكننا أنهضناه، هل هذا كلام معقول؟ (الاتحاد) قوة سياسية لها جذور في التاريخ، واجه الكثير من الكوارث والمعتركات الصعبة، ولكنه بقي صامدا أمام جميع التحديات. نفس الشيء ينطبق علينا إذا تصور أحد أعضائنا أننا نمسك (الديمقراطي)، من يتصور ذلك لم يقرأ تاريخ هذين الحزبين جيدا ولا يعرف جذورهما على أرض كردستان».