رومني يختار ريان نائبا له في الانتخابات الرئاسية

من فوق حاملة طائرات تركيزا على قوة أميركا العسكرية في العالم

ميت رومني المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة (يسار) في حديث مع بول ريان الذي اختاره نائبا له أمس (رويترز)
TT

أمام ضغط كبير من «حزب الشاي»، الجناح المتطرف في الحزب الجمهوري، أعلن ميت رومني، مرشح الحزب المتوقع لرئاسة الجمهورية، ضد الرئيس باراك أوباما في انتخابات الرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني)، اختيار الجمهوري المتطرف بول ريان نائبا له، بينما قالت مصادر في الحزب الديمقراطي إن منافسة باراك أوباما لشخصيتين يمينيتين في الحزب الجمهوري ستجعل الحملة الانتخابية واضحة المعالم، وستزيد فرص أوباما للفوز برئاسة الجمهورية.

وأعلن رومني الخبر على ظهر حاملة الطائرات «ويسكونسن» الراسية في ميناء نورفولك (ولاية فرجينيا)، كدليل على تركيزه على قوة أميركا، وعلى اتهاماته لأوباما بأنه يريد تقليص قوة أميركا العسكرية في العالم. وأيضا، لأن ريان، رئيس لجنة الميزانية في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، من ولاية ويسكونسن. وقالت مصادر أميركية إنه، بالإضافة إلى «ويسكونسن»، اختار رومني ميناء نورفولك، في ولاية فرجينيا، لأن الولاية تعتبر من الولايات الحرجة في المنافسة بين رومني وأوباما.

وكان أوباما فاز بها في انتخابات سنة 2008، لأول مرة منذ سنوات كثيرة ظلت فيها الولاية تحت سيطرة الجمهوريين. والآن، يريد الجمهوريون استعادة الولاية. وكانت مصادر إخبارية رشحت، بالإضافة إلى ريان، حاكم ولاية مينيسوتا تيم باولنتي، والسيناتور من ولاية أوهايو روب بورتمان، والسيناتور من ولاية فلوريدا ماركو روبيو. وقالت المصادر إن اختيار نائب الرئيس سيقلل من وجود رومني وحيدا في مواجهة حملة إعلانات شعواء ظل الحزب الديمقراطي يشنها عليه، خاصة لأن ريان يعتبر فصيحا وشجاعا في الدفاع عن آرائه، رغم أنها متطرفة. وأيضا، لأن رومني وجد نفسه متورطا في حملة علاقات عامة بسبب رفضه كشف سجلات الضرائب التي دفعها خلال السنوات العشر الماضية، وبسبب سجل عمله حاكما لولاية ماساشوستس، قبل عشر سنوات، والذي يستغله الديمقراطيون لاتهامه بالتناقض، إن لم يكن بالنفاق.

وبعد اختيار ريان، خطط الرجلان لبدء حملة انتخابات يتوقع أن تكون قاسية. وبعد الإعلان، توجه رومني وريان إلى أنحاء أخرى في ولاية فرجينيا، قبل أن يتوجها إلى ولاية كارولينا الشمالية اليوم الأحد، ثم إلى ولاية فلوريدا غدا الاثنين، ثم ولاية أوهايو يوم الثلاثاء.

وأشارت المصادر الإخبارية الأميركية إلى أن صغر سن ريان (42 سنة) يعتبر أيضا عاملا إيجابيا في حملة رومني (72 سنة). وكان رومني طار من بوسطن إلى نورفولك في وقت متأخر من بعد ظهر يوم الجمعة الماضي مع عدد من كبار مساعديه، بمن فيهم جون فيهرنستروم، وستيوارت ستيفنز. وخلال الرحلة، زار لفترة قصيرة مقاعد الصحافة في الطائرة، حيث تندر على حبه للبنة الحليب. ولم تكن هناك تلميحات كبيرة إلى أن نائب الرئيس قد اختير فعلا. بل إن بعض الصحافيين المرافقين تخطوا الرحلة إلى ولاية فرجينيا، ولم يستقلوا الحافلة السياحية المرافقة، ظانين أن نائب رئيس لن يعلن حتى الأسبوع المقبل.

وعندما هبطت طائرة رومني في نورفولك، وحسب تخطيط مسبق، استقل حافلة جديدة إلى فندق «ماريوت» الذي نزل فيه. وألقى خطبة قصيرة عن تقوية اقتصاد الطبقة الوسطى، وليس عن نائب الرئيس. وشوهد اختلاط مستشارين مع الصحافيين في بهو الفندق، لكن لم يشر أحد إلى إعلان كان وشيكا عن نائب الرئيس. وقالت مصادر إخبارية إن الأيام التي سبقت إعلان نائب الرئيس شهدت حملة ضغط مكثفة من حزب الشاي (الجناح المتطرف في الحزب) لاختيار ريان، نجم الحزب المفضل.

ورغم أن حزب الشاي تأسس خلال السنوات القليلة الماضية، فإنه من قبل ذلك بسنوات اشتهر الشاب ريان بآراء محافظة، لم تكن متوقعة من كثيرين في الجيل الجديد للحزب الجمهوري، منذ أن كان طالبا في المدرسة الثانوية.

ولد ريان سنة 1970 في مدينة جينزفيل الصغيرة في ولاية ويسكونسن.

وكان والده محاميا، وخلفيته خليط ألماني وآيرلندي. وبعد المدرسة الثانوية في المدينة، التحق بجامعة ميامي في ولاية أوهايو، وبرز في نشاطات الجمهوريين المحافظين في الجامعة. ثم درس لفترة قصيرة في الجامعة الأميركية في واشنطن، وعمل متطوعا في مكتب عضو كونغرس من ولاية ويسكونسن. وزاد اهتمامه بالنشاطات السياسية في واشنطن. وتدرب في مكاتب جمهوريين مشهورين، مثل: جاك كيمب، وبيل بينيت، والأكاديمية المفكرة جين كيركباتريك، التي كانت سفيرة الرئيس رونالد ريغان لدى الأمم المتحدة. وفي سنة 1998، ترشح وفاز بعضوية الكونغرس عن ولاية ويسكونسن، وكان من جمهوريين قلائل يفوزون في هذه الولاية التي تعتبر من معاقل الحزب الديمقراطي والأفكار الليبرالية.

وقد أصبح ريان أحد الجمهوريين الأكثر نفوذا في مجلس النواب بانتقاده ديون الدولة الهائلة. وهو ليس حديث العهد بالسياسة إذ إنه انتخب نائبا سبع مرات وأمضى نصف حياته تقريبا في العمل في الكابيتول مقر الكونغرس الأميركي. ويدعو ريان إلى إدارة عامة جديدة للاقتصاد، واقترح في بداية السنة مشروع ميزانية يفترض أن «تؤمن للأمة طريقا أفضل للمستقبل» و«تكشف كيف ننوي إنقاذ هذا البلد من الديون والشكوك والانهيار».

وكان المحافظون دعوا رومني إلى اختياره. فقد كتب المحلل من المحافظين الجدد ويليام كريستول في مجلة «ويكلي ستاندرد» بعنوان «الجرأة يا ميت»، وقال إن رومني يمكنه «اختيار بول ريان القيادي المفكر في الحزب الجمهوري، الرجل الذي أرسى قواعد برنامج سياسي ما بعد أوباما، وعرف كيف يروج له لدى زملائه في الكونغرس». كذلك اختارت صحيفة «وول ستريت جورنال» أول من أمس ريان الذي يرأس لجنة الميزانية في مجلس النواب. غير أن جويل غولدشتاين أشار إلى أن برنامجه الضريبي والمالي أشبه «ببارود سياسي» سيكون على رومني تحمل مسؤوليته.

ويأتي اختيار نائب الرئيس بينما تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم كبير لأوباما على خصمه الجمهوري قبل ثلاثة أشهر من الاقتراع. كما يتقدم أوباما بشكل واضح على رومني في استطلاعات الرأي في معظم الولايات العشر التي ما زالت «مترددة»، وستحسن نتيجة اقتراع السادس من نوفمبر.

وكان استطلاع للرأي نشرت نتائجه الخميس أشار إلى احتمال حصول أوباما على 49 في المائة من الأصوات مقابل أربعين في المائة لرومني. وفي استطلاع آخر في اليوم نفسه أجرته شبكة «سي إن إن» حصل الرئيس الديمقراطي على 52 في المائة من الأصوات مقابل 45 في المائة لرومني.