الرئيس الفرنسي يغلق الباب أمام أي تحرك عسكري في سوريا خارج مجلس الأمن

هولاند: متمسكون بالبحث عن حل يوفر الانتقال السياسي.. والنظام لا يحركه سوى الخوف من السقوط

سوري يركض وهو يحمل جريحا في منطقة جسر الشغور بإدلب، أمس (أ.ف.ب)
TT

ما زال الملف السوري والمبادرات التي يتعين على فرنسا القيام بها بصفتها رئيسة لمجلس الأمن الدولي لشهر أغسطس (آب) موضع أخذ ورد بين الحكومة اليسارية والمعارضة اليمينية التي تستمر في التصويب على رئيس الجمهورية وتأخذ عليه تقصيره في التعاطي مع هذا الملف وغياب أي مبادرة جدية للدبلوماسية الفرنسية. وذهب أحد مسؤولي حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية إلى حد دعوة الرئيس فرنسوا هولاند إلى قطع عطلته الصيفية والعودة إلى باريس.

وازدادت الانتقادات حدة بعد أن خرج الرئيس اليميني السابق نيكولا ساركوزي مؤخرا عن صمته ليدعو المجتمع الدولي للتحرك السريع والقوي لا بل إلى استخدام القوة العسكرية على غرار ما حصل في ليبيا. جاء ذلك بعد أن كان قد سرب عنه أن هناك إمكانية للعمل من خارج مجلس الأمن الدولي المعطل بسبب «الفيتو» المزدوج الروسي - الصيني.

وأمس، رد الرئيس الحالي على ساركوزي وعلى قادة اليمين لدى مشاركته في تأبين ضابط صف فرنسي قتل في أفغانستان، إذ استغل هولاند المناسبة ليؤكد أن «الجنود الفرنسيين في أفغانستان كما في بقية مناطق العالم يقاتلون من أجل السلام والاستقرار وكما في كل مرة، بموجب انتداب من الأمم المتحدة». ورغم انسداد السبل السياسية، فقد أكد هولاند مجددا أن بلاده «متشبثة» بالبحث عن حل يوفر تحقيق عملية الانتقال السياسية التي تعني بالنسبة لفرنسا وللغربيين والمعارضة السورية وغالبية الجامعة العربية رحيل نظام الأسد. وبذلك يكون هولاند قد أغلق الباب نهائيا أمام أي دعوات للتحرك العسكري من خارج مجلس الأمن الدولي وهو الموقف الذي لم يحد عنه منذ ما قبل انتخابه رئيسا للجمهورية في شهر مايو (أيار) الماضي. ولأن قرارا يجيز التدخل العسكري في سوريا لن يمر إطلاقا في مجلس الأمن بسبب الرفض الروسي - الصيني، فإن كلام الرئيس الفرنسي يعني عمليا أنه لن يحصل تدخل عسكري أجنبي مباشر في سوريا.

وأشار هولاند إلى ما قامت به فرنسا من إنشاء مستشفى ميداني عسكري على الحدود الأردنية - السورية مهمته توفير الرعاية الصحية للاجئين السوريين الفارين من بلادهم وكذلك لأعضاء المعارضة المسلحة الذين «يواجهون قمع نظام يحركه فقط الخوف من سقوطه». ونوه الرئيس الفرنسي بالدعم الذي تقدمه باريس للمعارضة السورية الذي لا يصل حتى الآن إلى حد تقديم السلاح، إذ تعتبر فرنسا أن ذلك سيؤجج الحرب ولن يحل المشكلة.

ولا يتضمن كلام هولاند جديدا بينما يبدو أن الدبلوماسية الفرنسية راغبة في هذه المرحلة في توجيه الاهتمام للرعاية الإنسانية والاهتمام باللاجئين في داخل سوريا وخارجها، معتبرة أن هذا التوجه «يمكن أن يلقى إجماعا في مجلس الأمن الدولي» بحيث لا تعارضه روسيا ولا الصين اللتان استخدمتا حق النقض (الفيتو) ثلاث مرات لإجهاض مشاريع قرارات تدين النظام السوري وتهدد باللجوء إلى عقوبات.

وتتشاور باريس في الوقت الحاضر مع شركائها في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي للتحضير لاجتماع مجلس الأمن على المستوى الوزاري في الثلاثين من الشهر الجاري، أي قبل يوم واحد من انتهاء الرئاسة الفرنسية له. وقبل ذلك، فإن وزير الخارجية لوران فابيوس سيقوم بجولة على 3 من دول الجوار السوري «الأردن ولبنان وتركيا» ما بين 15 و17 من الشهر الجاري.

لكن هذا الحراك لا يبدو أنه أقنع رئيس الحكومة السابق فرنسوا فيون.. ففي مقابلة نشرت أمس في صحيفة «ويست فرانس» الإقليمية، دعا فيون الرئيس هولاند إلى التوجه إلى موسكو في محاولة لإقناع الرئيس فلاديمير بوتين بالتخلي عن الرئيس الأسد، الأمر الذي سيسرع في رحيله. وقال فيون: «الحل موجود في روسيا، وفرنسوا هولاند عليه الانتقال شخصيا إلى موسكو لمناقشة الوضع مع فلاديمير بوتين، وأنا أعلم أن ذلك لن يكون سهلا لكن المفتاح موجود هناك». وبحسب فيون الذي شغل منصب رئيس الحكومة طيلة سنوات عهد ساركوزي الخمس، فإنه إذا قبلت موسكو التخلي عن الأسد، فإنه «سيسقط في الحال».