تونس: تخوفات من إمكانية التراجع عن حقوق المرأة بمناسبة عيدها اليوم

إضراب عام الثلاثاء في ولاية سيدي بوزيد

TT

أعلن أكبر مسؤول نقابي في ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب) أمس عن إضراب عام الثلاثاء 14 أغسطس (آب) الحالي في الولاية التي كانت منطلق الثورة التونسية نهاية 2010، للمطالبة بالإفراج عن موقوفين، وبالحق في التنمية، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال التهامي الهاني، الأمين العام للاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد: «قررنا الإضراب العام في سيدي بوزيد للمطالبة بالإفراج عن متظاهرين موقوفين في الآونة الأخيرة، وبحق المنطقة في التنمية». وأوضح أن هذا القرار اتخذ بالإجماع بعد اجتماع للمكتب الجهوي للاتحاد استمر أربع ساعات. وتجمع السبت عشرات الأشخاص أمام محكمة سيدي بوزيد للمطالبة بالإفراج عن موقوفين إثر احتجاجات عنيفة في المدينة الخميس. وتعتبر مدينة سيدي بوزيد الفقيرة مهد الثورة التونسية التي انطلقت منها شرارتها في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010 وأطاحت في 14 يناير (كانون الثاني) 2011 بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

على صعيد آخر، قالت سعاد الرحيم، عضو المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان)، المنتمية لحركة النهضة، إن معلومات مغلوطة سربتها أطراف سياسية لإثارة ضجة حول حقوق المرأة التونسية ومكاسبها، وذلك عشية الاحتفال اليوم بعيد المرأة التونسية الذي يصادف يوم 13 أغسطس من كل عام.

واعتبرت عبد الرحيم أن الحديث عن تهديد لمكاسب المرأة التونسية مسألة ضخمتها أطراف سياسية للاستفادة منها و«تجييش» فئة اجتماعية لديها حساسية خاصة من كل طرف يتناول موضوع حرية المرأة.

وأضافت عبد الرحيم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مشروع الفصل «28» من الدستور التونسي المقترح، الذي أثار ضجة كبرى في الأوساط السياسية والثقافية يقول: «تضمن الدولة حماية حقوق المرأة، ودعم مكاسبها باعتبارها شريكا حقيقيا للرجل في بناء الوطن ويتكامل دورها مع الرجل داخل الأسرة». ويدعو المشروع كذلك إلى ضرورة تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل.

واعتبرت عبد الرحيم أن هذا المشروع الذي تقدمت به الترويكا الحاكمة باقتراح من حركة النهضة لا يشير بأي شكل من الأشكال إلى استنقاص حقوق المرأة التونسية بل يعتبرها «شريكا حقيقيا للرجل».

واتهمت عبد الرحيم بعض الأطراف السياسية بتسريب معطيات خاطئة ركزت على عبارة «يتكامل دورها» مع الرجل وهذا - على حد تعبيرها - لا يتضمن أي تهديد لحقوق المرأة. وقالت إن الأقلية المعارضة استغلت هذه الصياغة لإعلان الحرب على «الترويكا» الحاكمة خاصة حركة النهضة، وطالبت بتغيير عبارة «التكامل» بـ«المساواة».

واعتبرت عبد الرحيم أن الإشاعات المغرضة سلاح قوي تستعمله بعض الأطراف للضغط على الساحة السياسية التونسية في مسعى لجعل قضية المرأة محل «مزايدات وتجاذبات سياسية».

من ناحيتها، قالت فتحية السعيدي، عضو المكتب السياسي للمسار الاجتماعي الديمقراطي (تحالف سياسي معارض) لـ«الشرق الأوسط»، إن الصياغة جاءت فضفاضة ومبهمة، وتكرس تبعية المرأة للرجل، مشيرة إلى أنه هو الذي يحدد موقعها ووجودها فهي تكمله دون أن تتساوى معه.

وأضافت: «نحن نطالب بالمساواة الكاملة مع الرجل، وبرفع كل أشكال التمييز ضدها، وما يطرح حاليا بالنسبة لحقوق المرأة التونسية يخفي تراجعا عن حقوقها، وهو يندرج ضمن نظرة محافظة للمجتمع التونسي يحصر دور المرأة في كونها أما وزوجة فقط».

في ظل هذه الاتهامات المتبادلة حول تهديد حقوق المرأة كما يراها اليسار، والمحافظة على الكيان الأسري، كما يدعو لها اليمين، تحتفل المرأة التونسية بعيدها الـ56 دون التوصل إلى حسم هذا الملف بعد أن أقر الرئيس التونسي الأسبق، الحبيب بورقيبة يوم 13 أغسطس 1956 قانون الأحوال الشخصية الذي مكن المرأة التونسية من مجموعة من الحقوق التي اعتبرت «ثورية» في وقتها، وظلت طوال عقود من الزمن محل جدل داخل الأوساط الاجتماعية والدينية المحافظة.

وتبدي الفئات الاجتماعية «الحداثية» تخوفات من إمكانية التراجع عن حقوق المرأة بعد صعود حركة النهضة الإسلامية إلى الحكم. ويخشى قسم من التونسيين من استفراد الحركة بالقرار السياسي إذا فازت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة المزمع إجراؤها في مارس (آذار) 2013 لتنسف ما حققته المرأة التونسية من مكاسب. وتستعد قوى المعارضة لتنظيم مسيرة كبرى اليوم وسط العاصمة التونسية قالت الهيئة المنظمة لها إنها عبارة عن مسيرة سلمية توحد القوى الحداثية في مظاهرة واحدة تكون رسالة قوية وواضحة مفادها أن حقوق المرأة ومكاسبها خط أحمر وأن من يقترب منه يحترق.

وكان استطلاع للرأي أجراه المجمع التونسي للدراسات ونشرت نتائجه أمس، قد أكد أن 82 في المائة من التونسيين يرون أن المرأة التونسية تحظى بالاحترام، في حين اعتبرت نسبة 44 في المائة من الأصوات أنها تحظى باحترام بالغ. وفي مقابل ذلك، رأت نسبة 16 في المائة أنها لا تحترم من قبل الآخرين، وتعتقد نسبة 4 في المائة أنها لا تحظى بأي احترام.