قرية باجه باج الإيرانية.. ضاعت في دقيقة واحدة

حولها الزلزال إلى «مقبرة جماعية»

TT

بصوت خافت بعد ليلة شاقة طويلة في العمل، يقول علي رضا حيدري من على جرافة يقودها لإزالة أنقاض المساكن التي انهارت بسبب الزلزال الذي وقع شمال غربي إيران إن «هذه القرية تشبه مقبرة جماعية».

وقال حيدري الذي بدا التعب على محياه: «إنها ليست الأسوأ.. الزلزال دمر قرى بنسبة مائة في المائة».

وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد تحولت القرية التي يبلغ عدد سكانها 414 نسمة إلى كومة أنقاض بعد زلزالين قويين ضربا بعد ظهر أول من أمس منطقة ورزغان الجبلية التي تبعد نحو 60 كيلومترا شمال غربي تبريز.

والمصير نفسه حل بعدد كبير من القرى المجاورة التي لم تتمكن بيوتها المبنية بالآجر أو الطين من الصمود في وجه الزلزالين اللذين بلغت شدتهما 6.2 درجة وست درجات.

وصباح أمس، بدا المشهد حزينا أمام رجال الإنقاذ والسكان الذين نجوا من الكارثة. وقال أحد الناجين، بدا في الثلاثين من العمر: «أمضينا الليلة في الخارج في البرد قبل وصول فرق الهلال الأحمر في الساعة الرابعة فجرا وقيامه بتوزيع خيام وأغطية وملابس»، كما تم توزيع مواد غذائية ومياه للشرب.

ووقفت نحو عشرين سيدة يبكين بينما جلس نحو عشرة رجال ارتدوا ملابس سوداء في فترة الحزن هذه في ذكرى وفاة الإمام علي بن أبي طالب، في زاوية، وبعضهم يبكي بصمت.

وفي مكان آخر، يقوم رجال بتسخين المياه لغسل جثث قتلى سيتم دفنها. وارتسمت على وجوه الناجين معالم الحزن على فقدان أقرباء أو أصدقاء أو قريتهم.

وقال متطوع في الهلال الأحمر وهو يوزع الخبز والأغطية على الناجين إن «الزلزالين كانا قويين جدا، والسلطات تقوم بحشد الشبان والمعدات في المحافظات الأخرى لمساعدتنا».

ووزعت مئات الخيام لإيواء أكثر من 16 ألف منكوب.

وكان معظم الرجال في الحقول في موسم الحصاد عند وقوع الهزتين بينما كان الأطفال والنساء في المنازل للاستعداد لإفطار رمضان.

وقال محرم فروغي قائد شرطة المنطقة في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية إن «12 قرية دمرت بالكامل في منطقة ورزغان، كانت كل منها تضم بين 900 وألف نسمة، وقتل أربعون في المائة منهم»، إلا أنه لم يصدر أي تأكيد لهذه الأرقام.

وازدادت حركة السير في الطرق الجبلية في المنطقة في ساعات الصباح الأولى مع قدوم عدد كبير من رجال الإنقاذ والآليات التي تنقل مساعدات لسكان المنطقة.

ومن حين لآخر، تمر سيارات الإسعاف بسرعة كبيرة من دون تشغيل صفاراتها، على الطرق في المنطقة لنقل الجرحى.

وبالمقاييس التاريخية، فإن الزلزالين المدمرين اللذين ضربا إيران كانا خفيفين نسبيا. ففي عام 2003، قتل ما يربو على 30 ألف شخص جراء زلزال ضرب مدينة بام التاريخية جنوب إيران، وفي عام 1990، توفي 40 ألف شخص في زلزال آخر بإقليم جيلان شمالي البلاد.

ومع هذا، فإن ما يهم سكان القرية العثور على ذويهم المفقودين، ويقول كريم، أحد سكان القرية، إن ما تبقى له هو نجله أمير حسين فقط، أما زوجته وأبناؤه الثلاثة فمفقودون. ويقول جيرانه له إن عائلته لا تزال على الأرجح تحت الأنقاض، أو تم انتشال جثثهم. ويهمس كريم في نفسه قائلا: «في دقيقة واحدة، ضاع كل شيء».

وبدوره شكا ماجد (45 عاما) من أنه «لا يمكننا تحمل نفقات حماية منازلنا من الزلازل، والمصارف لن تقدم لنا القروض. لذا عندما يأتي زلزال لا نملك سوى الدعاء».

وكان ماجد محظوظا، حيث نجا هو وعائلته من الزلزال، لكن منزلهم أصبح كومة من الأنقاض.

ويرثي ماجد نفسه قائلا: «إلى أن أستطيع بناءه، سأكون قد قضيت نحبي على الأرجح».

وتضرب الزلازل - من درجات منخفضة - إيران كل أسبوع تقريبا. وفي المدن والبلدات الكبرى يكون بناء المنازل قويا، لكن في القرى فأي زلزال صغير يمكن أن يودي بحياة كثيرين.

ولا يمكن للسكان، خاصة من يعيشون تحت خط الفقر، توفير المواد الإضافية اللازمة لجعل منازلهم أقوى.

وقال أحد عمال الإغاثة من الهلال الأحمر، رفض ذكر اسمه، إنه «كان يمكن إنقاذ كثيرين إذا كانت هناك بعض العيادات الصغيرة هنا».

لكن لا توجد عيادات، ويوجد أعداد قليلة من الأطباء. وينقل المصابون بجروح خطيرة إلى البلدات الكبرى، حيث يموت كثير منهم في الطريق.

وقال عامل الهلال الأحمر: «تم إنقاذ كثيرين، لكن بالنسبة لهم كان الوقت متأخر جدا.. هذا أمر محزن للغاية».

وتنشغل منظمة الإغاثة حاليا بتشييد المستشفيات المتحركة ومدن الخيام في منطقة الكارثة.