قمة مكة المكرمة الإسلامية تنطلق اليوم بحضور حشد من زعماء العالم الإسلامي

اتجاه لتعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي

أمير دولة الكويت لدى وصوله إلى المدينة المنورة أمس (واس)
TT

استضافت مدينة جدة (غرب السعودية) أمس الاجتماع التحضيري لوزراء خارجية الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي للدورة الاستثنائية الرابعة لمؤتمر قمة التضامن الإسلامي التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في مكة المكرمة والتي تنطلق اليوم بجوار البيت الحرام بحضور حشد من زعماء العالم الإسلامي، والتي تستمر يومين.

وأبدى الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودي، الذي ترأس الاجتماع التحضيري نيابة عن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية والذي عقد في قصر المؤتمرات بجدة، ارتياحه للاستجابة السريعة التي حظيت بها هذه الدعوة والتي تعد في حد ذاتها مؤشرا إيجابيا يعكس الرغبة الصادقة لدى جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي للتصدي للتحديات التي تواجهنا ولتعزيز أواصر التضامن الإسلامي بين دولنا خدمة لديننا الإسلامي الحنيف ولأمن وسلامة أوطاننا وشعوبنا.

ولفت نائب وزير الخارجية السعودي إلى الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية، قائلا: «ليس بخاف عليكم استشراء الفتن حتى بات التشتت والانشقاق والانقسام والتنافر يهدد كيان أمتنا الإسلامية، ووصل للأسف الشديد إلى حد العداء والتناحر فيما بين المسلمين أنفسهم، بل وأصبح هذا العداء أشد ضراوة من العداء للآخرين»، مضيفا أن هذا الواقع المرير في حد ذاته «لا ينعكس فحسب على أمن واستقرار الأمة الإسلامية بل ويفتح أيضا المجال لإضعاف الأمة الإسلامية ويعطي مبررا للتدخل في شؤونها».

واستطرد الأمير عبد العزيز في كلمته بقوله: «من هذا المنطلق جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين لعقد هذه القمة الإسلامية الاستثنائية للوقوف وقفة صادقة لدرء الفتن والتصدي للمخاطر الجسيمة الناجمة عنها، بما في ذلك التطرف والتعصب والتحريض والعنف والخروج عن إجماع الأمة بتبني منهج مخالف لما جاءت به عقيدتنا السمحة انطلاقا من الحرص على مبادئ ديننا الحنيف وانتهاج مبدأ الوسطية».

وشدد نائب وزير الخارجية السعودي على الحاجة إلى أن تستعيد الأمة الإسلامية تضامنها، والوقوف صفا واحدا أمام هذه التحديات التي تعترض مسيرتها، لافتا إلى أن الموضوع الرئيسي المطروح على جدول أعمال القمة الإسلامية يوم غد هو تعزيز التضامن الإسلامي الذي من شأنه أن ينعكس إيجابا على حل كل القضايا التي تعيق مسيرة العمل الإسلامي المشترك.

وبين الأمير عبد العزيز أنه سيتم خلال الاجتماع طرح جدول الأعمال ومشروع البيان الختامي للقمة الذي سيشكل انطلاقة لعهد جديد لاستعادة التضامن الإسلامي بما يستجيب للتحديات الراهنة ويتعامل مع معطياتها من جميع الجوانب، والاستناد إلى مبادئ ميثاق منظمة التعاون الإسلامي والأسس التي قامت عليها، علاوة على استناده على قرارات المنظمة وبرنامج العمل العشري الذي أقرته قمة مكة المكرمة الاستثنائية عام 2005.

وأكد نائب وزير الخارجية أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وانطلاقا من حرصه على رفعة هذه الأمة وعلو شأنها والخروج بحلول عملية لإنجاح أهداف القمة سيبحث هذه القضايا مع أشقائه قادة الأمة الإسلامية بكل شفافية، بما في ذلك اقتراح الحلول التي من شأنها معالجة ما يعتلج في وجدان هذه الأمة، بما يمكنها من الوقوف صفا واحدا في محاربة الفتن الطائفية والمذهبية والعمل على تكريس احترام بعضنا البعض دولا وشعوبا وطوائف.

أعلنت منظمة التعاون الإسلامي عن نيتها تعليق عضوية سوريا في المنظمة، التي ستطرح اليوم الأربعاء، وقالت المصادر إن التعليق لم يعلن لكنه تم بالفعل.

وأكدت مصادر أن منظمة التعاون الإسلامي طرحت مسبقا بند تعليق عضوية سوريا في الاجتماعات التحضيرية الوزارية لقمة التضامن الإسلامي الاستثنائية المنعقدة بمكة.

وبذلك، لا يمثل النظام السوري في الوقت الراهن، أي تمثيل لدى دول الجوار أو الدول الإسلامية بعد تعليق العضوية في المنظمة الإسلامية، والجامعة العربية من قبل.

وكانت وكالات أنباء تناقلت تصريح دبلوماسي عربي، أمس، بأن المنظمة «ستعلق عضوية سوريا يوم الأربعاء بسبب قمعها العنيف للانتفاضة المستمرة منذ 17 شهرا»، وأضاف الدبلوماسي الذي تحدث على هامش اجتماع تمهيدي لوزراء الخارجية في جدة: «إن القرار بخصوص تعليق عضوية سوريا في المنظمة لا يواجه عقبات، ستتم الموافقة عليه»، مرجحا إعلان القرار رسميا في نهاية اليوم الثاني للقمة، حسب ما نقلت وكالة «رويترز».

وقالت مصادر «الشرق الأوسط» في المنظمة إن تمثيل سوريا في المنظمة «لا يقارن بمثيلاتها من الدول الأخرى، ويقتصر التمثيل بحضور موظفين متفاوتين من السفارة أو القنصلية السورية»، مضيفة: «إن آخر تمثيل سوري شهدته أروقة المنظمة كان في اجتماع عقد في يناير (كانون الثاني) الماضي، وحضره موظف عادي من السفارة». وتعد منظمة التعاون الإسلامي التي تتخذ من جدة (غرب السعودية) مقرا لها، أكبر منظمة دولية للمسلمين، وثاني أكبر منظمة دولية في العالم من حيث العدد إذ يمثلها نحو 57 دولة عضو، إلى جانب دول غير إسلامية تشارك بصفتها عضو مراقب، على رأسها روسيا.

وكانت الجلسة الافتتاحية بدأت بكلمة للأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي، قال فيها: إن هذا الاجتماع يمهد لانعقاد القمة الاستثنائية التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الذي شمل المنظمة على الدوام باهتمامه ودعمه، ما كان له أفضل الأثر في تعزيز نشاط المنظمة في جميع المجالات. وأضاف أوغلي: «لقد انبرى لهذا العمل الذي ينم عن حرص شديد على مصالح المسلمين خادم الحرمين الشريفين الذي يجمع القادة المسلمون على أنه أجدر من يقوم به ويتفقون على صواب رأيه وحكمته، إذ دعا إلى قمة إسلامية استثنائية للتداول فيما ينبغي عمله واتخاذ القرارات التي تؤدي إلى تعزيز التضامن الإسلامي وإعادة اللحمة في مواجهة التحديات الخطيرة التي باتت تهددنا جميعا».

وشدد إحسان أوغلي على خطورة ما يجري في هذه الأوقات على مستوى العالم الإسلامي، «ما أملى علينا أن نوحد جهودنا لتمتين أواصر التضامن والتعاون الحقيقيين وتجنب بواعث النزاعات وإهدار الإمكانات واستنزاف القدرات»، مشيرا إلى أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين هذه تأتي مرادفة لمبادرته عام 2005 بعقد القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة التي عقدت في مكة المكرمة ونتج عنها وضع برنامج العمل العشري الذي يعد برنامجا يرسم خطوط الإصلاحات الكثيرة التي ينبغي تنفيذها لضمان تقدم الأمة الإسلامية ورفعة شأنها، لافتا إلى أنه تم تنفيذ الجزء الكبير من هذا البرنامج.

وبين أن الأمانة العامة وأجهزتها في السنوات السبع الماضية حققت كثيرا من الإنجازات التضامنية في شتى الميادين لها علاقة بالتنمية والشؤون الاقتصادية والاجتماعية وبرنامج تنمية أفريقيا، مشيرا إلى أن الأمانة العامة بذلت جهودا في مجال التعاون والتضامن الإسلامي للدفاع عن القضايا العادلة للدول الأعضاء في المنابر السياسية الدولية مثل: نصرة القضية الفلسطينية ومناهضة حملات العداء للإسلام والتصدي لكل ما يضر بدول العالم الإسلامي والدفاع عن حقوق الأقليات والمجتمعات الإسلامية عبر العالم ومناهضة الإرهاب والدعوة للتمسك بالصفة التي تميز الإسلام ألا وهي صفة الاعتدال والوسطية والتسامح.

واعتبر أوغلي أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين بشير خير وتفاؤل لوقف تيار الخلافات والشقاق والالتفاف حول ما يجمع الأمة الإسلامية والابتعاد عن بواعث إذكاء الأحقاد والنزاعات من قضايا طائفية أو عرقية، مؤكدا أنه إذا توافرت النيات الحسنة وروح التسامح والرغبة الأكيدة لتجاوز الأزمة فسيتم التوصل إلى قناعات وسطية تقود إلى ما يصبو إليه الجميع من وئام وتقارب وسلام يتيح الفرصة للتعامل مع التحديات الحقيقية ألا وهي التنمية وإعلاء شأن الدين الإسلامي وتحصينه من الحملات التي تعاديه وإحلال السلام والأمن إلى ربوع العالم الإسلامي. وأشار أكمل الدين إحسان أوغلي إلى أن منظمة التعاون الإسلامي هي أول من بادر إلى دعوة القيادة السورية للاستجابة للمطالب المشروعة للشعب السوري في التغيير والإصلاح التي عبر عنها سلمية وعفوية، مؤكدا موقف المنظمة المتمسك بالحفاظ على أمن واستقرار ووحدة سوريا وضرورة وقف أعمال العنف والقتل التي تستهدف المدنيين.

وعبر الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي عن أسفه أن سوريا باتت تعيش مأساة حرب طاحنة حذر منها مرارا وتكرارا، واصفا ذلك بأنه نتيجة متوقعة للتجاهل الذي قوبلت به مطالب الشعب وتطلعاته المشروعة، فيما تطرق إلى مدينة القدس الشريف وقلقه لما تكابده من تطورات بالغة الخطورة وغير مسبوقة تستهدف بالدرجة الأولى هويتها الإسلامية والمسجد الأقصى.