«قرارات» مرسي تعيد الجدل حول صلاحياته المطلقة والخروج «الآمن» للمجلس العسكري

الجيش يجدد نفي وجود أي «تذمر» تجاه التغييرات ويؤكد إجراءها بالتشاور

آلاف المصريين في ميدان التحرير أمس يحتفلون بالقرارات الرئاسية الجديدة (أ.ب)
TT

بينما نفى الجيش المصري أمس وجود أي حالة «تذمر» بين صفوفه، بعد حركة التغييرات التي أصدرها الرئيس محمد مرسي، وأطاح فيها بكبار قادته، على رأسهم المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أعادت هذه «الفرمانات» للرئيس «الإسلامي»، الجدل مرة أخرى حول صلاحيات رئيس الجمهورية التي أصبحت «مطلقة»، في ظل عدم وجود سلطة تشريعية في البلاد، بعد حل مجلس الشعب، وعدم الانتهاء من كتابة الدستور الدائم للبلاد.

ورغم الترحيب الواسع بقرارات الرئيس، كونها أنهت سطوة المجلس العسكري على الحكم، بعد أن كلفه الرئيس السابق حسني مبارك، بإدارة البلاد في فبراير (شباط) العام الماضي، فإن عددا من القوى السياسية والثورية، اعتبرتها بمثابة «خروج آمن» لقادة الجيش، دون محاسبة لهم، كما وعدت جماعة الإخوان المسلمين من قبل، وهو ما فسر حينذاك بأنه صفقة مع «العسكري».

وعزل الرئيس المصري محمد مرسي أول من أمس كبار قادة الجيش وألغى الإعلان الدستوري المكمل، الذي أصدره العسكري خلال جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة، وخص فيه المجلس العسكري نفسه دون رئيس الدولة بشؤون الجيش كما منح نفسه سلطة التشريع في غياب البرلمان.

كما نشر المسؤول عن إدارة الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أمس بيانا على الصفحة أكد فيه أن ما أذاعته قناة «الحرة» من أن كلا من السيد طنطاوي وعنان قيد الإقامة الجبرية أخبار كاذبة لا تهدف إلا إلى زعزعة الاستقرار في مصر وداخل القوات المسلحة.

ويؤكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه لا صحة مطلقا لهذه الأكاذيب وأن كلا من السيد المشير طنطاوي والسيد الفريق سامي عنان يمارسان حياتهما بصورة طبيعية ويمارسان وظيفتهما الجديدة التي كُلفا بها كمستشارين للسيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة.

كما جاء في بيان «أدمن» أن المجلس أدى الأمانة وعبر بمصر إلى بر الأمان وسلمها إلى السلطة الشرعية التي انتخبها الشعب المصري وأثبت أنه ليس طامعا في سلطة ولا يسعي إلى منصب على الرغم من مزايدات الكثيرين، وقد آن الأوان ليستريح الفارس بعد عناء الرحلة.

ونقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية عن مصدر عسكري أمس نفيه صحة أي شائعات تردد بشأن ردود فعل سلبية تجاه التغييرات التي حدثت بقيادة القوات المسلحة، وقال المصدر: «إنه تم التنسيق والتشاور بشأن تلك القرارات».

وأضاف المصدر أن «القوات المسلحة مؤسسة عريقة تتسم بالمهنية والاحتراف، وستظل دائما ملكا للشعب المصري»، معربا عن «كامل تقديره واحترامه للدور الوطني الذي قام به المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان خلال فترة خدمتهما المشرفة في القوات المسلحة، التي توجت بحماية ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، وتحقيق أهدافها».

وكان الدكتور محمود غزلان، المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، الذي ينتمي إليها الرئيس مرسي، قد قال في تصريح سابق له العام الماضي، أثار جدلا سياسيا حينذاك، «إن الجماعة لا تمانع في منح أعضاء المجلس العسكري حصانة من المحاكمة، تكريما لهم إذا كانت لديهم رغبة في ذلك، تكريما لإدارتهم شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية، وتقديرا لموقفهم».

وأوضح غزلان: «إنه من الممكن أن يتم استرضاء أهالي الشهداء والمصابين (بعد الثورة وأثناء حكم العسكري) عن طريق دفع الدية لهم وتعويضهم تعويضا مجزيا، وتقديم الاعتذار لهم». ووصف السعيد كامل رئيس حزب «الجبهة» الديمقراطية؛ قرارات مرسي بأنها «انقلاب رسمي» لأن البلاد ما زالت في المرحلة الانتقالية ولم تكتمل مؤسسات الدولة ولا يوجد دستور ينظم العلاقة بين السلطات ولا يوجد برلمان يراقب رئيس الجمهورية. وطالب كامل في بيان له أمس «توضيحات من الرئاسة حول دوافع اتخاذ هذه القرارات وقانونية إلغاء الإعلان الدستوري المكمل».

وقلل محمد أبو الغار رئيس حزب مصر الديمقراطي من جدوى القرار، مؤكدا عدم وجود تأثير للقرار على الشارع لافتقاد المجلس العسكري للتعاطف الشعبي، وتساءل عن مدى دستورية القرار وطبيعة صلاحيات الرئيس بعد إلغاء الإعلان الدستوري المكمل منبها أن الشعب لا يريد رئيسا له صلاحيات واسعة. وبينما أشاد محمد البرادعي مؤسس حزب الدستور، بقرارات مرسي ووصفها بأنها «خطوة على الطريق السليم». قال: إن «جمع مرسي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يتعارض مع جوهر الديمقراطية»، معتبرا أن «الأهمية القصوى الآن لتصحيح المسار هي إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لتمثل أطياف المجتمع وإسناد سلطة التشريع إليها إلى حين وجود برلمان منتخب».

وأكد حمدين صباحي، المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة: «إذا كانت قرارات مرسي تضمن تحرره من تدخلات وضغوط المجلس العسكري، فهي خطوة جيدة، تكتمل باتخاذ قرارات وإجراءات تضمن تحرره من ضغوط وتدخلات جماعة الإخوان المسلمين، ليكون رئيسا لكل المصريين».

وأعلنت حركة شباب 6 أبريل عبر صفحتها الرسمية على «فيس بوك» عن تأييدها لقرارات الرئيس في تطهير البلد ممن وصفتهم بـ«عواجيز مبارك»، مؤكدة ضرورة محاكمتهم وعدم السماح لهم بخروج آمن أو بوضع مميز في الدستور.

كما أعلن «اتحاد شباب الثورة» رفضه الكامل لـ«الخروج الآمن»، لرئيس المجلس العسكري ورئيس أركان الجيش السابق دون محاسبة أو تحقيق في كل الأحداث التي تقع تحت مسؤوليتهم المباشرة، ومن ضمنها أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، العام الماضي. وأعربت الناشطة السياسية أسماء محفوظ عن تأييدها لقرارات الرئيس لكنها رفضت «الخروج الآمن لأعضاء المجلس». وقالت: «الثوار المعتقلون أولى به».

وأيد حزب «التيار المصري» قرارات مرسي، لكنه رفض أن تتركز كل السلطات بما في ذلك السلطة التشريعية وما يتعلق بالجمعية التأسيسية في يد الرئيس، مؤكدا ضرورة إجراء حوار وطني للتشاور من أجل إيجاد بديل مناسب.

ودعا الدكتور عمرو حمزاوي لعدم المساومة على المبادئ المستقرة للديمقراطية، قائلا عبر حسابه على تويتر: «أرجوكم لا تساوموا، لا خوفا ولا لحسابات انتخابية.. قرارات مرسي تذهب في الاتجاه الصحيح وتنهي الموقع غير الديمقراطي للمجلس العسكري». كما كرر حمزاوي دعوته للدكتور محمد مرسي للتشاور فورا مع القوى الوطنية للوصول لمخرج ديمقراطي لاختصاصات السلطة التشريعية يحول دون احتفاظه بها، مطالبا بضرورة إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية وفقا لمعايير محددة وبالتشاور مع القوى الوطنية.

في المقابل، قال عبد المنعم عبد المقصود محامي جماعة الإخوان المسلمين إن قرار مرسي جاء بموجب الصلاحيات المخولة له طبقا للإعلان الدستوري وكلها قرارات صحيحة، موضحا أن الرئيس مارس حقه بموجب انتقال السلطة التأسيسية له منذ أن أصبح رئيسا للجمهورية ومن ثم فلا يستطيع أحد الطعن عليها.

وأضاف محامي الإخوان: «أتوقع أن تحظى هذه القرارات بقبول الشارع المصري بل سيزيد لأنه بذلك تم القضاء على حالة الارتباك السياسي والتنازل على السلطة ورفع يد المجلس العسكري عن مقاليد الحكم».

وأكد الدكتور عصام العريان - القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة (الإخوان)، أن آثار قرارات مرسي ستتوالى على كل الأصعدة، وأن المواطن صاحب القرار الآن، وأن مسيرة التحول الديمقراطي بدأت وعلينا أن نحافظ على مكتسبات الثورة لإكمال مسيرتها.

ومن جانبه، قال محمد البلتاجي، القيادي بحزب الحرية والعدالة، بعد قرارات مرسي انتهى حكم العسكر والحكم المدني بدأ، وأضاف: «حان الوقت ليتم استكمال مسيرة الدولة المدنية التي تحقق العدل والحرية والكرامة والاستقلال والحياة الكريمة لكل المصريين».

واعتبر الدكتور عصام دربالة، رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية قرارات مرسي «جاءت لتعلن انتصار الثورة المصرية ولتمنع الانزلاق إلى الصدام بين الرئيس المنتخب شعبيا والمؤسسة العسكرية».

إلى ذلك، استقبل أمس الرئيس محمد مرسي، بقصر الاتحادية في مصر الجديدة، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع الجديد، وأعطى له التكليفات اللازمة للمرحلة المقبلة فيما يخص شؤون القوات المسلحة.

وقد قدم السيسي للرئيس خلال اللقاء ترشيحاته للقادة الجدد الذين سيشغلون مناصب قادة الأفرع بالقوات المسلحة، وهي قيادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوي، خلفا لمن أحالهم مرسي للتقاعد أمس.