انتقادات شعبية وبرلمانية واسعة للحكومة الإيرانية في التعامل مع الزلزال

التلفزيون الإيراني انشغل بإحصاء الميداليات في أولمبياد لندن.. وشكوك بوصول فرق الإنقاذ إلى قرى نائية

إيرانية تنتحب أمس في قرية باجة باج التي سويت بالأرض جراء الزلزالين (أ.ب)
TT

بينما ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزالين اللذين ضربا محافظة أذربيجان الشرقية، شمال غربي إيران، ظهر السبت إلى 308 قتلى معظمهم من النساء والأطفال و3037 جريحا، وجهت انتقادات شعبية وأخرى برلمانية واسعة إلى حكومة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في طريقة التعامل مع الكارثة وضحاياها ووقف عمليات البحث والإنقاذ في اليوم التالي مباشرة وسط شكوك بوجود مزيد من القتلى تحت الأنقاض ناهيك عن آخرين في قرى نائية لم تصلها فرق الإنقاذ أصلا، كما شملت الانتقادات التغطية الإعلامية الضعيفة للكارثة ووسائل الإعلام التي تعاملت ببرود مع الحدث.

وغاب المسؤولون الإيرانيون عن الحدث حيث لم يزر المناطق المنكوبة سوى وزير الداخلية محمد نجار ووزيرة الصحة مرضية وحيد دستجردي. أما المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي فقد اكتفى أمس، أي بعد يومين من وقوع الزلزالين، بإصدار بيان تعزية مقتضب.

كما تصاعدت الانتقادات الشعبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث انتقد الإيرانيون حجب التغطية في بعض وسائل الإعلام التي بدت غير مكترثة بالحدث الذي نال اهتماما واسعا من قبل الصحافة الغربية والأجنبية عموما. بينما اتسمت التغطية الإعلامية لوكالات الأنباء الإيرانية الأخرى بالضعف الشديد وبحيادية كاملة دون إظهار الأسف أو التعاطف مع سكان تلك القرى النائية التي سوي بعضها بالأرض بينما تحول البعض الآخر منها إلى مقابر جماعية كما تشرد الآلاف.

ووجه سكان تبريز، مركز محافظة أذربيجان، وأعضاء البرلمان انتقادا للتغطية المبكرة للتلفزيون الحكومي للكارثة قائلين إنه لم يظهر حجم الخسائر في الساعات الأولى. وقال طبيب في تبريز إن التلفزيون الحكومي «كان منشغلا بإحصاء عدد الميداليات التي فازت بها إيران (في الأولمبياد).. لم يكن لهم أي رد فعل لهذه الكارثة».

وذكرت وكالة الأنباء البرلمانية أن علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) قال أمس في جلسة برلمانية إن التلفزيون الحكومي كان من المفترض أن يظهر بشكل أفضل تعاطف البلاد مع ضحايا الزلزال. وأفادت الوكالة أمس أن أعضاء مجلس الشورى الإسلامي ممن يمثلون المناطق المتضررة يشكون من نقص الخيام للناجين، وقال علي لاريجاني، رئيس البرلمان والمرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة الإيرانية في 2013 «لا بد أن يتخذ مقر إدارة الأزمة خطوات أكبر لتبديد تلك المخاوف».

وعلى الرغم من أن مسؤولين أعلنوا أول من أمس أي بعد أقل من 24 ساعة من وقوع الكارثة أن عمليات البحث والإنقاذ انتهت وأن كل الناجين أنقذوا من تحت الأنقاض أبدى بعض السكان عدم تصديقهم أن السلطات وصلت إلى قرى نائية جدا بهذه السرعة. وقال طبيب في مدينة تبريز لوكالة رويترز أمس رفض نشر اسمه بسبب حساسية القضية «أعرف هذه المنطقة جيدا. هناك بعض المناطق حيث توجد قرى لا يمكن حتى الوصول إليها بالسيارة.. ليس من الممكن بالنسبة لهم أن يكونوا قد انتهوا بهذه السرعة». وقال الطبيب إنه عمل طوال 24 ساعة متواصلة بعد الزلزال في رعاية المرضى من القرى المحيطة والذين نقلوا إلى تبريز للرعاية الطبية.

وذكرت صحيفة «عصر إيران» المحافظة المعتدلة أنه بعد 24 ساعة كاملة من الزلزال لم تكن فرق الإغاثة قد زارت بعد بعض القرى. وأضافت الصحيفة أن السكان «يقولون إن أغلب القرى دمرت لكن لم تنصب بعد خيام كما لم ترسل بعد مساعدات للضحايا».

وضرب زلزالان كبيران أحدهما قوته 4.‏6 درجة والآخر 3.‏6 درجة إقليم أذربيجان السبت فسوى قرى بالأرض وأسفر عن إصابة الآلاف حول بلدات أهر وورزقان وهريس قرب تبريز عاصمة الإقليم.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن حسن قدمي وهو مسؤول في إدارة الطوارئ بوزارة الداخلية قوله لأعضاء البرلمان أمس «سنعيد بناء تلك المناطق قبل بداية الشتاء».

وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي من تعامل السلطات مع الكارثة أعلنت الحكومة منح سكان المنطقة مساعدة سريعة من أجل إعادة بناء منازلهم. وقال نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي إن «كل عائلة منكوبة ستتلقى أربعين مليون ريال (حوالي ألفي دولار) مساعدات مباشرة وقرضا بفائدة نسبتها 4 في المائة يبلغ ما بين مائة إلى 120 مليون ريال (ما بين خمسة إلى ستة آلاف دولار) لإعادة بناء المنازل» على ما أفاد التلفزيون الرسمي، وأوضح أن «أكثر من عشرة آلاف منزل تضررت في المنطقة».