الأمم المتحدة تتحدث عن ارتفاع وتيرة العنف الممارس من طرفي النزاع في سوريا

لقطات الانتهاكات المتبادلة تثير ذعر المدنيين

عناصر من الجيش الحر في حي صلاح الدين بحلب (روتيرز)
TT

بالتزامن مع رواج لقطات مصورة تتناول انتهاكات إنسانية متبادلة بين طرفي الأزمة في سوريا، تبدأ مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس اليوم زيارة إلى سوريا ولبنان تستمر ثلاثة أيام بهدف «لفت الأنظار لتدهور الوضع الإنساني في سوريا وأثر النزاع على السكان، سواء من هم في سوريا أو من فروا باتجاه دول أخرى وخصوصا لبنان»، وفق بيان صادر عن الأمم المتحدة في جنيف أمس. وأشار البيان إلى أن الوضع في سوريا «ساء أكثر في الأسابيع الماضية فيما امتد القتال إلى دمشق وحلب وغيرها من المدن».

وتعتزم آموس أن تبحث مع السلطات السورية والهلال الأحمر السوري وسائل زيادة المساعدة الإنسانية للمدنيين، على أن تلتقي في لبنان مع عائلات فرت من سوريا وتبحث مع الحكومة اللبنانية والمنظمات الإنسانية سبل دعم اللاجئين.

ويقدر ناشطون مقتل أكثر من 18 ألف شخص من الجنود النظاميين ومقاتلي المعارضة والمدنيين منذ بدء الانتفاضة السورية في منتصف شهر مارس (آذار) 2011.

وكان رئيس بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا الجنرال بابكر جاي قد أشار أمس إلى أن حدة العنف تتزايد في أنحاء البلاد، ملقيا باللوم على كل من قوات الرئيس السوري بشار الأسد ومقاتلي المعارضة في تجاهل محنة المدنيين. وقال جاي: «من الواضح أن العنف يزيد في الكثير من مناطق سوريا»، لافتا إلى أن «الاستخدام العشوائي للأسلحة الثقيلة من جانب الحكومة وهجمات المعارضة التي تستهدف المراكز العمرانية تسفر عن سقوط الكثير من القتلى في صفوف المدنيين الأبرياء». وأبدى أسفه لأن «أيا من الطرفين لم يجعل من احتياجات المدنيين أولوية».. لكن تصريحات جاي تتزامن مع تقارير صحافية حول تخفيض بعثة المراقبين الدوليين في سوريا.

وتأتي التحذيرات الأممية من ارتفاع وتيرة العنف في وقت أظهرت فيه أشرطة فيديو على موقع «يوتيوب» مشاهد منسوبة لمقاتلين معارضين يقدمون على إلقاء أشخاص من سطح مبنى بريد رسمي في مدينة الباب في حلب، من دون إمكانية التأكد ما إذا كان هؤلاء أحياء أو موتى. ويمكن مشاهدة ثلاث جثث على الأرض، قبل أن يبدأ إلقاء ثلاثة أجساد أخرى من فوق المبنى. كما يظهر شريط ثان مجموعة رجال يجبرون رجلا معصوب العينين ومقيد اليدين على التمدد أرضا، قبل أن يقوم أحدهم بجز عنقه بالسكين أكثر من مرة، وسط صيحات «الله أكبر». ويقول المصور «هذا مصير كل شبيح وكل مؤيد»، ثم «الحمد لله الحمد لله.. يا بشار هذا مصير جيشك وشبيحتك».

بالمقابل، نشرت تنسيقية الثورة السوريّة في جديدة عرطوز مشاهد مجزرة ارتكبتها القوات النظامية، وذكرت إنه تم إعدام مجموعة من الرجال وأيديهم مكبلة إلى الخلف - ميدانيا بعد اعتقالهم من حاجز صحنايا وتعرضهم للضرب والتعذيب.

وأكد عضو المجلس الوطني السوري، وأحد الناطقين الرسميين باسم لجان التنسيق المحلية في سوريا، عمر إدلبي لـ«الشرق الأوسط» إن «وتيرة العنف تصاعدت في سوريا في الفترة الأخيرة مع انتقال النظام السوري من الحل الأمني إلى الحل العسكري، وارتفاع وتيرة القصف الذي يستخدمه النظام كوسيلة لإخضاع المناطق الثائرة عبر الدبابات أو الطيران الجوي الأعمى الذي لا يميز بين عسكري ومدني». ولفت إلى أن «كل ذلك ساهم في رفع مآسي المدنيين مع اضطرار مقاتلي الجيش الحر للدفاع عن أنفسهم، ما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا للأسف، وجعل عمل المنظمات الإنسانية والحقوقية أكثر صعوبة مما هي عليه أصلا»، موضحا أن «اتهام المعارضة بعدم الاستجابة للمنظمات الدولية فيه الكثير من الغبن، خصوصا أننا كنا سباقين في المطالبة بدخول المنظمات الدولية وسهلنا عملها في المناطق التي يسيطر الثوار عليها، لكن النظام هو من يرفض دخولها للقيام بأعمال إغاثية أو القيام بتحقيقات».

وتعليقا على أشرطة الفيديو والتخوف من وحشية الممارسات، أوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أنه «إذا تأكدت هذه الأشرطة، فإنها أعمال وحشية تسيء إلى الثورة وتخدم أعداء الثورة في الداخل والخارج». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذه ليست أخلاق السوريين. نحن نناضل من أجل الوصول إلى دولة ديمقراطية ومدنية في سوريا».

من ناحيته، أكد اعتبر إدلبي أن «معظم المناطق السورية باتت منكوبة بكل ما للكلمة من معنى وتفتقر مناطق الريف السوري للمساعدات الطبية والغذائية بسبب صعوبة الوصول إليها، عدا عن عدم توفر الخدمات الأساسية من كهرباء وماء ووقود، وهي تعاني من أزمة مواصلات أدت إلى جعل عملية تأمين الموارد المعيشية لسكان هذه المناطق مهمة صعبة جدا».

وتحدّث إدلبي عن صعوبة في «إحصاء العدد الدقيق للنازحين السوريين في الداخل والخارج بسبب عدم سماح النظام السوري للمنظمات المعنية بالتحرك»، آملا أن «توفر حملات الدعم الأخيرة موارد إضافية لتأمين حاجات النازحين المتزايدة، على الرغم من أنها غير كافية بالتأكيد وتحتاج لتضافر جهود المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية والإغاثية».

وكان أدريان إدواردز المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين قد أوضح نهاية الأسبوع الفائت أن أعدادا متزايدة من المدنيين السوريين تفر من القتال، لا سيما في حلب ليصل إجمالي حجم اللاجئين المسجلين في أربع دول مجاورة لسوريا منذ بدء الصراع إلى 150 ألفا تقريبا.