الصحافيون في سوريا.. المظلومون بين طرفي النزاع

اتهامات متبادلة باختطافهم.. ومصرع 54 منذ بداية الأزمة

TT

يبدو واضحا من خلال الأخبار المتلاحقة، ولا سيما في الفترة الأخيرة، أن الصحافيين السوريين والعرب والأجانب تحولوا إلى ضحايا مظلومين، أو بحسب التعبير الشامي «مكسر عصا»، في الاقتتال الدائر في سوريا منذ نحو سنة ونصف السنة.

فهؤلاء على اختلاف توجهاتهم، أو بالأحرى توجهات المؤسسة التي يعملون فيها، باتوا ضمن أهداف طرفي النزاع، قتلا أو اختطافا.. وخير دليل على ذلك، أن زيارة هؤلاء إلى سوريا وتغطيتهم للأحداث في المناطق، تبقى مرتبطة بمدى الحماية الأمنية التي يؤمنها الطرف الموالي له.

من جهتها، أدانت منظمة «مراسلون بلا حدود» في «رسالة مفتوحة» موجهة إلى المعارضة السورية أمس، الاعتداءات على الإعلام الحكومي في سوريا، مطالبة الجيش السوري الحر والمجلس الوطني السوري بموقف مماثل.

وتوجهت المنظمة في رسالتها إلى قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد ورئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا، معبرة عن قلقها من «تصاعد وتيرة الهجمات على الإعلام الحكومي والعاملين فيه». ورأت أن «هذه التصرفات تشبه تلك التي يعتمدها نظام الأسد ضد الصحافيين المعارضين».

وكان شهر يوليو (تموز) شهد ارتفاعا ملحوظا في عدد ضحايا الثورة السورية من الإعلاميين والصحافيين المواطنين، إذ وثقت لجنة الحريات الصحافية في رابطة الصحافيين السورية مقتل سبعة صحافيين، ليصبح عدد الذين قتلوا منذ اندلاع الثورة في مارس (آذار) لغاية نهاية يوليو (تموز) 54 صحافيا، مع العلم أن شهر أغسطس (آب) أيضا شهد اعتداءات بين قتل وخطف، بحق صحافيين في سوريا.

وتعليقا على هذا الواقع، ندد رئيس مهمة المراقبة في سوريا أبا بكر غاي، بأعمال العنف بحق الصحافيين، لافتا إلى أنه «مهما كان البلد، فإن الأمم المتحدة متمسكة بالصحافة ووسائل الإعلام، وللصحافة دور كبير تلعبه في هذا البلد، لذلك ندين كل أعمال عنف ضد وسائل الإعلام أيا كان مرتكبوها». كما تعددت الإدانات الدولية على الاعتداءات التي تستهدف العاملين في مجال الإعلام والصحافة في سوريا.

وكانت آخر أخبار عمليات الاختطاف التي استهدفت صحافيين، تلك التي تعرض لها الصحافي في قناة «العالم» الإيرانية الناطقة باللغة العربية، في حمص، أحمد صطوف، على أيدي مجموعات إرهابية، بحسب ما أفاد به موقع القناة يوم أمس. ويوم أمس أيضا، طالبت نقابة الصحافيين الفلسطينيين الحكومة السورية بالإفراج عن الصحافي الفلسطيني مهيب سلمان النواتي، الذي اعتقلته القوات السورية بعد 3 أيام من وصوله قادما من النرويج. وقال البيانك «بذلت النقابة مع عدد من الهيئات والمؤسسات جهودا متواصلة لمعرفة مصير النواتي وضمان عودته سالما لأسرته، لكننا حتى الآن لم نتلق أي رد من السلطات السورية».

بدورها، كانت مراسلة قناة «العربية»، عليا إبراهيم، التي وصلت أخيرا لتغطية الأحداث، عرضة لهجوم إلكتروني من طرفي النزاع على حد سواء، وهي وإن كان يضعها الموالون في خانة «العدو» لكونها تعمل مع قناة معارضة للنظام السوري، إلا أن معارضين قاموا بالتحريض على قتلها بسبب تغطيتها الميدانية للأحداث في سوريا؛ وحجتهم في ذلك أن إبراهيم تكشف في تغطيتها «إحداثيات» عسكرية عن أماكن انتشار «الجيش السوري الحر».

وفي حين رفضت إبراهيم التعليق على الحملة التي تعرضت لها، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «دخلنا سوريا بطريقة غير قانونية وذلك بمساعدة (الجيش الحر) والمعارضة التي أمنت لنا الحماية الأمنية»، مشيرة إلى أن وجود فريق العمل كان مقتصرا فقط على المناطق التي يسيطر عليها الثوار، ولا سيما ريف حلب وريف إدلب، مضيفة: «مما لا شك فيه أننا قد نتعرض لأخطار بسبب وجودنا في سوريا في هذه الفترة، لكن العمل الصحافي يتطلب منا القيام بواجبنا»، مع العلم أن في آخر تغريدة لها عبر «تويتر» تمنت إبراهيم على متتبعيها أن يدعو لها «بالتوفيق وبرجوعها بالسلامة»، متوجهة بالشكر لـ«كل من ساعدها وقدم لها العون في سوريا».

وسبق ذلك بأيام قليلة اغتيال صحافي في وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) في منزله بريف دمشق على أيدي مسلحين، بحسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، وقبله الصحافي في «الإخبارية» السورية، محمد السعيد الذي اختطف وأعلنت في ما بعد جبهة النصرة مسؤوليتها عن مقتله.

وفي السادس من أغسطس (آب) الحالي، استهدف انفجار مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسميين في دمشق، مما أسفر عن جرح أربعة أشخاص.. بينما ما زال العالم يتذكر مأساة عدد من الصحافيين الغربيين والمواطنين الصحافيين خلال القصف الدموي على حي بابا عمرو الحمصي في فبراير (شباط) الماضي.