شعبية مرسي تتأرجح صعودا وهبوطا بين «الشارع» و«النخبة»

مؤشراتها مهددة أمام أزمة انقطاع الكهرباء

الرئيس محمد مرسي يكرم أحد الطلاب النابهين الذين أجادوا حفظ القرآن الكريم في مسابقة ليلة القدر (رويترز)
TT

لا توجد إحصاءات رسمية يمكنها أن تقيس شعبية الرئيس المصري محمد مرسي، وهل هي في ازدياد أم في تناقص، إلا أن الرئيس المصري وبعد 45 يوما منذ انتخابه رئيسا للبلاد يمكن القول: إنه بات يحظى بأعلى نسبة تأييد جماهيري له فقط منذ الأحد الماضي، بعد أن أظهر قوته وسيطرته على مؤسسة الحكم واستعاد كامل صلاحياته من المجلس العسكري، الذي كلفه الرئيس السابق حسني مبارك بإدارة شؤون البلاد، عقب تنحيه العام الماضي.

نعم لا يوجد استبيان يثبت ذلك؛ إلا أن استعادة ميدان التحرير، أيقونة الثورة المصرية، حشوده بكثافة ليلة الأحد بعد أن توافد عليه عدد كبير من الداعمين لقرارات الرئيس محمد مرسي، الخاصة بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل، الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة في شهر يونيو (حزيران) الماضي، ثم قراراته بإحالة المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع رئيس المجلس العسكري، والفريق سامي عنان رئيس أركان حرب الجيش المصري للتقاعد، كان له أثر في كثير من التعاطف مع الرئيس، وهو ما يعلنه كثير في الشارع صراحة هذه الأيام.

انفجار القنبلة الرئاسية وسط المصريين، يراها الشاب الثلاثيني محمد رأفت، أنها «ضربة معلم» أعادت تشكيل المشهد السياسي الحالي في مصر، واكتسب بها مرسي أرضية جديدة. ويضيف محمد، الذي صوت لصالح مرسي في الانتخابات الرئاسية رغم عدم انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين: «لقد أثبت الرئيس أنه قادر على مواجهة كافة التحديات، لقد استعاد صلاحياته، وعليه الآن استكمال مسيرة الثورة، لم أخطئ بالتصويت لصالحه والقدوم به رئيسا لمصر».

وبلهجة شعبية، خاطب سائق ميكروباص بالقاهرة ركابه: «الرجال مواقف.. ومرسي أثبت أنه رجل بمعنى الكلمة.. ربنا يحميه».

وليس الشارع بمفرده من يحمل هذا التعاطف مع مرسي هذه الأيام، فالواقع الإلكتروني خلف شاشات الكومبيوتر يحمل ذات المشاعر له، تنقلها التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تترجم زيادة شعبية الرئيس بين روادها، حيث خرجت آلاف التعليقات لوصفه بـ«الرجل» و«المعلم» و«الدكر» وهي صفات شعبية تطلق على يراد وصفه بالرجولة.

بينما تبارى أعضاء آخرون على إظهار حبهم وتعاطفهم، فكتب أحدهم معلقا: «إقالة طنطاوي وعنان.. أنا ابتديت أحبك يا مرسي»، وقال آخر: «الآن وبكل الحب.. يمكننا أن نبارك لمرسي على رئاسة الجمهورية».

بالتوازي مع هذه المشاعر المتعاطفة يمكن أيضا ملاحظة النقيض، خاصة لدى النخب المصرية، التي تدور بينها نقاشات ساخنة هذه الأيام تعزز من تراجع في شعبية الرئيس.

فقرارات مرسي الأخيرة يراها كثيرون أنها تمثل انقلابا على الشرعية الدستورية القائمة، وأنها تأتي على طريق سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على المرافق والمؤسسات المصرية بما يطلق عليه «أخونة الدولة» واحتكار السلطة في مصر، وهو التخوف الذي عبر عنه سياسيون صراحة.

ووجهت النخب سهام نقدها أيضا لمرسي على خلفية إقالة العشرات من رؤساء تحرير الصحف القومية وتعيين بدلاء عنهم من جانب لجنة من مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان)، ومصادرة عدد السبت الماضي لصحيفة «الدستور» المستقلة، وغلق قناة «الفراعين» الفضائية. معتبرين أن هذا القرار يشكل نوعا من مصادرة الرأي وخطوة في التضييق على حرية التعبير، وأن نظام الرئيس السابق حسني مبارك نأى بنفسه عن غلق الصحف والقنوات الفضائية. وهو ما يصب في تضاؤل شعبية مرسي في هذه الآونة.

وبحسب ما يشير إليه الموقع الإلكتروني «مرسي ميتر morsimeter»، الذي يعد مشروعا لمراقبة وتوثيق أداء الرئيس وما تم إنجازه في برنامجه الانتخابي في أول مائة يوم من توليه الرئاسة، يرى الأعضاء المشاركون في التقييم أن هناك وعدا وحيدا (النظافة) تحقق خلال الـ45 يوما الأولى من أصل 64 وعدا انتخابيا تعهد بها مرسي في أول مائة يوم، بينما يشير الموقع إلى وجود 7 وعود جاري تنفيذها.

لكن شعبية الرئيس محمد مرسي المتأرجحة صعودا وهبوطا، هناك ما يحاصرها ويهددها بالتراجع التام في مؤشراتها سواء في الشارع أو بين النخبة، فالجانبان يحييان في الظلام الدامس، على خلفية تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي في مصر، التي تضرب أحياء ومحافظات بأكملها، مما يؤجج من سخط وغضب المصريين على اختلاف انتماءاتهم.

وبينما لا يصدق المصريون المسؤولين عن أسباب انقطاع الكهرباء، ومع الانتقادات اللاذعة التي وجهوها للحكومة بسبب حلولها للأزمة، تقف شعبية الرئيس على المحك في انتظار تحركه لإنقاذها بإخراج شعبه من الظلام إلى النور.