قصر الصفا الملكي شهد الكثير من المواثيق وعمليات الصلح بين الفرقاء

يقع في سفح جبل «أبي قبيس» ويشرف على الكعبة المشرفة

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يؤدي العمرة مع الوفد الأردني المشارك في قمة مكة المكرمة بمن فيهم رئيس الوزراء فايز الطراونة ووزير الخارجية ناصر جودة (رويترز)
TT

يعد قصر الصفا هاما من حيث قربه الاستراتيجي واللصيق بالمسجد الحرام، حيث شهد القصر التاريخي الكثير من القرارات المحورية والتاريخية التي صبت في خدمة القضايا المحورية في المنطقة.

القصر الملكي الذي أمر الملك خالد بن عبد العزيز ببنائه يتوسد جبل أبي قبيس الذي عج بالكثير من الأحداث التاريخية في مراحل الأمة الإسلامية والعربية منذ أمد بعيد وقريب، حيث شهدت منطقة أجياد التاريخية التي تطل بجانب جبل أبي قبيس معتركا للمعاهدات التاريخية والاستراتيجية.

قصر الصفا له إطلالة مميزة على الحرم المكي الشريف والكعبة المشرفة، وشهد الكثير من المؤتمرات وعمليات الإصلاح بين الفرقاء في مختلف الدول الإسلامية، فيما يعد المكان ذو الصبغة الإسلامية الذي شاهده من صحن مطاف الكعبة المشرفة ملايين المصلين والزائرين والمعتمرين الذين احتضنهم البيت الحرام، فيما تعد قداسة المكان داعما رئيسيا مساعدا في إنجاح تلك الأحداث التاريخية.

الدكتور فيصل الخالدي، أستاذ التاريخ المعاصر، يقول إن قصر الصفا يعد من أهم الأماكن تاريخيا حيث شهد مراحل كثيرة ومتميزة من المناشط الفكرية والمعاهدات الشرفية، حيث يستقبل فيه العاهل السعودي ضيوف الدولة من الرؤساء والقادة للتباحث حول كل ما يهم المسلمين وأمورهم. ويحظى قصر الصفا بموقع استراتيجي إذ يتربع على جبل أبي قبيس المعروف تاريخيا والذي احتضن الحجر الأسود عند حادثة الطوفان أيام النبي نوح عليه السلام.

وأشار الخالدي إلى أن جبريل عليه السلام جاء بالحجر الأسود من جبل أبي قبيس، ويقع بالقرب من قصر الصفا جبل أجياد الذي سمي بهذا الاسم بعد خروج السميدع بن حوثر لمقاتلة الحارث الجرهمي في الجاهلية وقبل الإسلام ومعه الجياد والرجال فسمي الجبل الذي خرج منه أجياد.

وأفاد بدوره فهد باسنبل، عضو الدراسات التاريخية لمكة، أن مصادر تاريخية في الحي تشير إلى أن أجياد ينقسم إلى أجياد السد الذي يقع فيه قصر الصفا وسمي بذلك كونه مسدودا بجبال شاهقة من الجهة الشرقية قبل تنفيذ أعمال النفق القديم قبل 33 عاما تقريبا، وقد أزيلت أغلب مساكن الحي القديم لصالح توسعة الحرم المكي وكان الحي مقر الحكومة السعودية وتقع فيه كثير من الإدارات الحكومية في عهد الملك عبد العزيز والملك سعود والملك فيصل وكان أبرز ما ‏يميز هذا الحي الرواشين التي شكلت علامة فارقة في‎ ‎جبين ‏مساكن أهالي الحي وكانت مبنية بالحجر والطين والسقوف ‏الخشبية ويستخدم فيها‎ ‎الخشب الجاوي الذي كان يستورد من ‏خارج المملكة.

وقال باسنبل: إن قصر الصفا بمكة المكرمة وبجوار البيت الحرام سيشهد مرحلة مفصلية في تاريخ المنطقة وستستمر يومين، وسيكون في حكم المؤكد حضور معظم ملوك ورؤساء وممثلي الدول العربية والإسلامية تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين، والمنضوين تحت لواء منظمة المؤتمر الإسلامي والتي تتخذ من جدة مقرا لها كأعضاء في المنظمة والبالغ عددهم (57) عضوا.

منطقة أجياد التاريخية التي يتربعها قصر الصفا التاريخي، كانت منطقة للمداولات السياسية والاجتماعية لما كان يعرف بحديث «المركاز» وبقربه مناطق الحكم في قرون مضت والتي تعد منطقة الحكم والإدارة حيث يقول المؤرخ إبراهيم رفعت: «شعب أجياد أجمل مواقع مكة لعلوه وسعة طرقه وكثرة بيوته التي يسكنها غالب الموظفين، وفي أجياد ميدان لاستعراض العساكر وفيه المطبعة ودار للبريد ومركز الصحة».

والمنطقة بها أيضا مبنى الحميدية، أو ما يسمى بدار الحكومة السعودية يتكون من دورين، وبني بشكل هندسي جميل، يقع في المبنى مكاتب الأمن العام، والمحكمة المستعجلة، وكتابة العدل، وقسم التحقيقات الجنائية، ومديرية الأوقاف، ومجلس الشورى، وإدارة إحصاء النفوس، وقسم رخص قيادات السيارات حيث كانت تكتب استمارة الرخصة بالخط اليدوي في عام 1340هـ، ومصلى في الطابق الثاني من المبنى كان يصلي فيه الملك فيصل رحمه الله إذا جاء إلى مكة، وقد هدمت وأدخلت مساحتها في توسعة المسجد الحرام الأولى عام 1375هـ.