مؤشرات دولية لتجاوز دور «المجلس الوطني».. والتواصل مع معارضين وناشطين ميدانيين

نشار: قوى دولية وشقيقة تحاول تهميش دورنا.. والمالح: المكتب التنفيذي اهتم بتلميع صورته أكثر من العمل ميدانيا

TT

لا ينكر المجلس الوطني السوري التقاطه لإشارات عدة تدل على توجه لدى عدد من الدول الغربية والعربية لتحييد أو تهميش دوره في الفترة الأخيرة، يستدل إليها من جملة أحداث ليس آخرها استبعاد وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عقد أي لقاء مع أعضاء من المجلس الوطني خلال زيارتها الأخيرة إلى تركيا نهاية الأسبوع الفائت، فيما التقت ناشطين ميدانيين ومعارضين بينهم الناطق الإعلامي في اتحاد «طلبة سوريا الأحرار» الناشط جواد الخطيب. وأشارت صحيفة «الفايننشيال تايمز» البريطانية المرموقة الأسبوع الماضي إلى بروز شبكة من المجالس الثورية؛ يترأسها أطباء ومحامون وموظفون وقيادات مجتمعية أخرى. وغالبا ما يلتقي أعضاء هذه المجالس السرية في قبو أو منزل أحدهم وأحيانا يتواصلون عبر الإنترنت. والبعض ينسق نشاطاته مع المعارضة السورية بالخارج ويحاولون توجيه وحدات الجيش السوري الحر للقتال، وهذه المجموعات هي نواة الحكومة المستقبلية.

كما أضافت الصحيفة أن مبعوث بريطانيا الخاص للمعارضة السورية، جون ويلكز، خلال وجوده في إسطنبول الأسبوع الماضي، التقى مندوبا سياسيا كبيرا للجيش السوري الحر، وأكد خلال اللقاء على أهمية حقوق الإنسان واحترام الأقليات كشرط للتعاون المستقبلي.. وإشارة إلى أن بريطانيا أعلنت الأسبوع الماضي عن دفعة جديدة من المعونة العسكرية للمعارضة السورية تقدر بنحو ثمانية ملايين دولار.

كما أوضحت الصحيفة أن ويلكز وسفير أميركا في سوريا روبرت فورد شاركا في اجتماع القاهرة (مجلس أمناء الثورة السورية) مطلع شهر أغسطس (آب) الجاري، وكان هدف الاجتماع إنشاء لجنة موسعة لصياغة خطة انتقالية متفق عليها. وهو الاجتماع الذي حضرته أطراف دولية ومنظمات عدة بصورة رسمية وغير رسمية.

وتشير كل تلك اللقاءات - بصورة غير مباشرة - إلى توجه لتجاوز دولي لمرحلة «المجلس الوطني السوري» كممثل وحيد للشعب السوري، والاتجاه بصورة أوسع للقاء المعارضين المسلحين على الأرض، وباقي أطراف المعادلة السورية.

ويقول جواد الخطيب لـ«الشرق الأوسط» إن «المجتمع الدولي يحاول التواصل مع مجموعات سورية أخرى ليس بسبب عدم رغبته في التواصل مع المجلس الوطني إنما بسبب رغبته في التواصل مع باقي مكونات المعارضة لا سيما الميدانية والناشطة على الأرض وضمن هذا الإطار كان لقاؤنا مع كلينتون، التي سألت عن مطالب الناشطين الميدانيين ورؤيتهم للثورة وللمعارضة الكلاسيكية والمجلس الوطني».

ويوضح الخطيب أن «دول الغرب تركز كثيرا على مسألة وحدة المعارضة وعلى الدور الذي يمكن لنا كناشطين ميدانيين وشباب وهيئات الثورة القيام به وما هو برنامجنا للمرحلة الانتقالية». وردا على سؤال عما إذا احتل موضوع المجلس الوطني حيزا من النقاش، يجيب الخطيب: «ركزنا على أنه رغم ملاحظاتنا على أداء المجلس الوطني فإنه لا يمكن في أي ثورة أن تكون المعارضة كلها جبهة موحدة»، مشيرا إلى «أننا أكدنا من جهة أخرى أن معظم الأطراف الرئيسية في المعارضة ممثلة في المجلس الوطني ولديها مطالب موحدة فيما تعلن أطراف أخرى يطلب التوحد معها على غرار هيئة التنسيق الوطنية على سبيل المثال ألا مشكلة لديها في بقاء النظام السوري». ويؤكد أن «هذا الأمر لم يعد مقبولا بالنسبة لنا في الشارع ولا يعبر عن مطلب الثورة بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد والانتقال لبناء الدولة المدنية».

من ناحيته، يتحدث عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري سمير نشار لـ«الشرق الأوسط» عن «محاولات من قوى دولية لتهميش دور المجلس الوطني ودفعه للسير في مسارات قد تتعارض مع المصلحة الوطنية التي يراها»، مشددا على أن «المجلس الوطني يعتمد في شرعيته على تأييد الثوار والجيش السوري الحر والشعب السوري قبل أن يعتمد على تأييد دول صديقة وشقيقة».

وأبدى نشار أسفه «لمحاولة بعض الدول من صديقة وشقيقة الضغط على المجلس لدمجه بإطارات سياسية أوسع مع بعض فئات المعارضة السورية وذلك للحد من حجم ودور وتأثير المجلس، علما بأن بعض هذه الفئات لا يتمتع بالمصداقية ولا يلتزم بأهداف الثورة وهو مدعوم من قبل بعض القوى الدولية التي تحاول تجنب عقد لقاءات مع قيادات المجلس».

وتعليقا على ماهية الضغوط التي يتعرض لها المجلس الوطني، يجيب نشار: «يكفي الاطلاع على المبادرة التي تقدمت بها (هيئة التنسيق الوطنية) المطلوب من المجلس الوطني أن يلتقي معها في إطار موحد، ومعرفة كيفية تعاملها مع مطالب الثورة السورية وكيف تنظر إلى الجيش الحر وتتعامل مع النظام»، منتقدا «عدم تضمن المبادرة أي إشارة إلى جرائم النظام السوري والمجازر والمذابح التي يرتكبها، أو أي تطرق إلى مطلب المعارضة بإسقاط بشار الأسد». ويحمل بشدة على هيئة التنسيق التي «تنظر إلى الثورة على أنها طرف مقابل طرف آخر هو النظام السوري وتطالب الجانبين بإطلاق المعتقلين ووقف إطلاق النار، فيما تدعي أنها من المعارضة السورية».

من ناحيته، يذكر عضو مجلس أمناء الثورة السورية المكلف بتشكيل الحكومة الانتقالية هيثم المالح بأن «الاعتراف بالمجلس الوطني لم يأت باعتباره ممثلا شرعيا ووحيدا للمعارضة السورية بل أعطوه حق التمثيل السياسي باعتباره أحد أطراف المعارضة السورية». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «العيب ليس في المجلس الوطني ككتلة تضم 300 شخصية إنما في المكتب التنفيذي المؤلف من تسعة أشخاص والذي انحصر جهده بمقابلة شخصيات هنا وهنك وتلميع صورته أكثر من العمل على أرض الواقع».

وينتقد المالح «عدم احترام المجلس لمضمون نظامه الداخلي حيث ينص في أحد بنوده على أن مهمة المجلس التفرغ للقضية السورية ولا عمل آخر لديه»، ويضيف: «منذ زمن سألت المكتب التنفيذي كيف يمكن له أن يدير الأمور وأعضاؤه موزعون في دول عدة»، مبديا أسفه لأن المجلس لم يكن على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه ولم ينتج شيئا.