غضب عارم في مصر بعد فتوى بإهدار دم معارضي الرئيس مرسي

الأزهر يرفضها.. وأمين عام الفتوى لــ«الشرق الأوسط»: «رأي صاحبها شخصي»

TT

ردود فعل سياسية ودينية واسعة خلفتها فتوى عضو في لجنة الفتوى بالأزهر الشريف بالقاهرة بإهدار دم متظاهرين دعوا إلى مليونية ضد الرئيس الإسلامي محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، في 24 أغسطس (أب) الحالي. وبينما أدانت قوى سياسية وائتلافات شبابية الفتوى، وطالبت الأزهر الشريف رسميًا بمراجعتها ومحاسبة صاحبها على ما صدر منه في حق جميع المصريين من تهديد وترويع. تقدم أحمد يحيي، مدير المركز الوطني للدفاع عن الحريات، ببلاغ للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود، ضد صاحب الفتوى، يتهمه بالتحريض على قتل المتظاهرين.

بدوره استنكر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بالقاهرة ما جاء في الفتوى، وأفتى بحرمة إراقة دماء الناس؛ لكن الدكتور سعيد عامر، أمين عام لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، قال إن «ما أفتى به الشيخ إسلام رأي شخصي ولا يعبر عن لجنة الفتوى بالأزهر».

وكان الشيخ هاشم إسلام، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، والمتحدث باسم الاتحاد العالمي لعلماء الأزهر، قد وصف مظاهرات 24 أغسطس (آب) الحالي بـ«ثورة خوارج»، موضحًا خلال ندوة النادي الدبلوماسي المصري قبل يومين أن الرئيس الشرعي للبلاد هو الدكتور محمد مرسي، ومن يريد الخروج في ثورة أغسطس هو خارج عن ثورة 25 يناير.

وقال الشيخ إسلام في فتواه: «قاوموا هؤلاء، إن قاتلوكم فقاتلوهم، فإن قتلوا بعضكم فبعضكم في الجنة، وإن قتلتموهم فلا دية لهم ودمهم هدر».

الصمت الرسمي من مؤسسة الرئاسة والمؤسسة الدينية للرد على الفتوى طيلة الأيام الماضية، دفع السياسيين للمطالبة برفضها، خاصة مع وجود مخاوف من حدوث أعمال عنف وشغب في البلاد خلال المليونية.

ورفض حمدين صباحي، المرشح السابق للرئاسة المصرية تكفير أو تجريم المشاركين في تلك المظاهرات. وقال الدكتور محمد البرادعي، وكيل مؤسسي حزب الدستور (تحت التأسيس) عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «إذا لم يحاكم هؤلاء المشايخ فورا سننزلق إلى نظام فاشي يتستر بعباءة الدين». فيما قال عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح السابق للرئاسة، إن «التحريض على القتل جريمة تستوجب المحاسبة والعقاب سواء كان تحريضا على قتل الرئيس أو على قتل مواطنين».

ورفض نادر بكار، المتحدث باسم حزب النور (السلفي) الفتوى. واستنكر الدكتور عصام دربالة، رئيس مجلس شوري الجماعة الإسلامية، أن تكون الفتوى إعادة إنتاج لمثيلاتها من الفتاوى التي أطلقها نظام الرئيس السابق حسني مبارك خلال ثورة 25 يناير والمظاهرات التي سبقتها. وأدان ائتلاف أقباط مصر، الفتوى، وقال في بيان له أمس (الخميس) «هذه ليست فتوى؛ ولكنها دعوة للقتل باسم الدين».

من جانبه، استنكر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ما جاء على لسان الواعظ المذكور، قائلا في بيان له أمس إن «الأزهر يحرم إراقة دماء الناس والمساس بأموالهم وأعراضهم؛ فهي معصومةٌ ومحفوظة بنصوص الكتاب والسُّنَّة».

ورغم تأكيد مجمع البحوث الإسلامية أن صاحب الفتوى ليس عضوًا لا بمجمع البحوث ولا بلجنة الفتوى بالأزهر، وأنه مجرد واعظ في محافظة الدقهلية. لم ينف الدكتور سعيد عامر، أمين لجنة الفتوى بالأزهر، أن يكون الشيخ إسلام عضوا باللجنة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الفتوى هي رأي شخصي من الشيخ إسلام وليس رأي لجنة الفتوى بالأزهر الشريف»، مضيفا أن «التعبير عن الرأي حرية مكفولة للجميع وفقا للضوابط الشرعية والقانونية»؛ لكنه في الوقت نفسه رفض أن يصل الأمر في الفتوى أو الكلام إلى إهدار دم الأبرياء، قائلا: «هذا مرفوض وحماية دماء المصريين واجب شرعي».

وفيما قال مجمع البحوث في بيانه إن «الشيخ إسلام مُحال إلى التحقيق في عدَّة وقائع تُمثِّلُ خُروجًا على مقتضى وظيفته كواعظٍ ينتسبُ للأزهر»، أكد الدكتور عامر أنه «لم يجر أي تحقيق مع الشيخ إسلام بشأن فتواه الأخيرة حتى الآن».

في السياق ذاته، قال مصدر مطلع في مشيخة الأزهر لـ«الشرق الأوسط» إن «الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر قد أصدر تعليماته قبل أسبوعين بمنع الشيخ إسلام من إطلاق أي فتوى أو الحديث لوسائل الإعلام، بعد قيامه في الأسابيع الأخيرة بإصدار فتاوى مثيرة للجدل أساءت للمؤسسة الدينية».