مواجهة مبكرة بين بيريس ونتنياهو حول ضربة منفردة لإيران

جدل بعد قول الرئيس إن إسرائيل غير قادرة.. ومقربو رئيس الوزراء يردون: نسي واجبه

نصف مليون فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة الأخيرة في الحرم القدسي الشريف أمس (أ.ب)
TT

لم يكد ينهي الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس تصريحاته التي عارض فيها هجوما إسرائيليا منفردا على إيران، حتى هاجمه مقربون من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من كل حدب وصوب، وهو ما خلف جدلا كبيرا على الساحة الإسرائيلية، رسميا وإعلاميا.

وانتقد المقربون من نتنياهو بيريس بشدة، وقالوا إنه كما يبدو نسي واجبه كرئيس للدولة. وقالت مصادر محسوبة على نتنياهو، إن «الرئيس لم يعد يعرف حدود قوة إسرائيل، وعليه الصمت بدل الثرثرة». وأضافت «لقد نسي أنه ارتكب أخطاء كثيرة تتعلق بأمن الدولة بما في ذلك التوصل إلى اتفاقات أوسلو وتأييد إخلاء مستوطنات قطاع غزة ومعارضة الغارة الجوية على المفاعل النووي العراقي عام 1981».

وكان بيريس، قال في عدة مقابلات تلفزيونية بمناسبة يوم ميلاده الـ89، إن إسرائيل ليست قادرة على الانفراد بعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وإنه يجب أن تتم أي عملية من هذا القبيل بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة. وأضاف أنه «إذا انفردت إسرائيل بمثل هذه العملية فإن الأمر سيؤدي إلى تأجيل أي عملية عسكرية أميركية محتملة، وستبقى من دون أصدقاء»، متسائلا «لماذا علينا التصرف بشكل منفرد في الوقت الذي نملك فيه شريكا؟!.. لا أفهم ذلك. لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكن هذا لا يعني أنها ملزمة بمحاربة الجميع».

ووقع كلام بيريس كالصاعقة على رأس نتنياهو ومؤيدي هجوم على إيران واستقبلوه بغضب، بينما تلقفه معارضو مثل هذا الهجوم كهدية من السماء، وانقسمت الأحزاب ووسائل الإعلام تجاه موقف الرئيس الإسرائيلي.

وأبدى رئيس الائتلاف الحكومي النائب الليكودي زئيف إلكين «حسرة» على ما وصفه بـ«عودة بيريس إلى صورته القديمة من أيام أوسلو، ليراهن على أمن المواطنين الإسرائيليين ويطمئنهم بشكل عبثي بأن الأمور ستسير على ما يرام». غير أن موقف رئيسة حزب العمل المعارض النائبة شيلي يحيموفيتش، كان مخالفا، فقد اعتبرت أن «تهكم المقربين من رئيس الوزراء على رئيس الدولة أمر خطير ينطوي على الفظاظة». وقالت «إن الرئيس بيريس أدلى بموقفه من منطلق حرصه على أمن إسرائيل ومكانتها الدولية، وحري برئيس الوزراء الإنصات إلى كلام بيريس وفهمه».

كما دافع نواب كنيست من «العمل» و«كاديما» عن بيريس، وقال النائب يتسحاق هرتسوغ، من «العمل»: «هناك لحظات مصيرية في حياة الأمم يحق فيها لرئيس الدولة طرح موقفه، والرئيس بيريس يملك الكثير من المعلومات ويتمتع بمنزلة خاصة دوليا». وأضاف أن «موقف رئيس الوزراء موبوء بالنفاق لكونه يمتدح الرئيس بيريس عندما يدعمه إلا أنه يتهكم عليه بما يشبه حالة من الهستريا عندما يعارضه».

وحملت النائبة المعارضة أوريت زوآرتس من «كاديما» بشدة على نتنياهو قائلة إنه «أطلق لنفسه العنان في هرولته نحو مهاجمة إيران متجاهلا جميع الإنذارات والتداعيات الخطيرة التي قد تترتب على أدائه». أما النائب بنيامين بن إليعازر، وزير الدفاع السابق، فقال إن الجدل العلني بين بيريس ونتنياهو حول كيفية التعامل مع الملف الإيراني «إنما يضر بكليهما، لا بل بمصالح الدولة ويخدم المصلحة الإيرانية». وأضاف أن «موقف بيريس معروف ولا يستدعي النقاش العلني».

وتباينت مواقف وسائل الإعلام في إسرائيل من تصريحات بيريس والخلاف مع نتنياهو، وما إذا كانت تشكل موقفا حاسما في الجدل حول تنفيذ ضربة منفردة ضد إيران أم لا.. فكتب المحلل السياسي في «يديعوت أحرونوت»، شيمعون شيفر، يقول إنه «تم تحقيق الهدف. إن وقوف رئيس الدولة إلى جانب مسؤولي أجهزة الاستخبارات والأذرع الأمنية، كان مثل نغمة كسرت التوازن في النقاش حول إمكان شن ضربة إسرائيلية».

من وجهة نظره، فإن بيريس أراد القول للإسرائيليين بطريقة أو بأخرى إن خطوة كبيرة ومصيرية ومعقدة كهذه لا يمكن إبقاء القرار بشأنها بيد نتنياهو وباراك فقط. وأضاف أن «نتنياهو سيرغم على مراجعة موقفه». غير أن المحلل السياسي في صحيفة «معاريف»، بن كسبيت، كان له رأي آخر، وعلى الرغم من أنه وصف بيريس بمن ظهر مثل «شيخ القبيلة الراشد» مستجيبا لتوقعات الإدارة الأميركية منه، ومهاجما نتنياهو الذي أظهر عدم قدرة على ضبط النفس، لكنه اعتبر أن موقف بيريس قد لا يؤثر ولا يفيد بأي حال في منع هجوم ضد إيران.