تنديد دولي بسجن معارضات لبوتين

السجن سنتين لشابات فرقة غنائية بعد إدانتهن بتهمة الشغب

متظاهر في العاصمة براغ يطالب بإطلاق سراح أعضاء الفرقة الغنائية الروسية «بوسي رايت» بعد صدور حكم بادانتهن، في مظاهرات غير مسبوقة شملت معظم العواصم الغربية (إ.ب.أ)
TT

واجهت روسيا أمس عاصفة انتقادات دولية بسبب الحكم على المغنيات الثلاث في فرقة «بوسي رايوت» لموسيقى البانك بالسجن عامين بسبب أغنية احتجاجية أدينها في كاتدرائية في موسكو. وبرزت تكهنات حول احتمال تخفيف عقوبة ناديجدا تولوكونيكوفا وماريا اليوخينا وايكاترينا ساموتسيفيتش بعد رد الفعل الدولي المندد، بينما يشكك الجمهور الروسي كذلك في العقوبة.

واعتبرت الولايات المتحدة الحكم «غير متناسب» مع الفعل، بينما رأت بريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي أن العقاب مفرط وشككت بسجل روسيا في مجال حقوق الإنسان. وأمام هذه الانتقادات أصدرت الخارجية الروسية السبت بيانا ردت فيه بأن قوانين الدول الغربية تشمل كذلك عقوبات على تهم القيام بأعمال شغب في أماكن العبادة، ذاكرا ألمانيا، حيث قد تصل العقوبات إلى السجن ثلاث سنوات.

وتساءل الإعلام وسياسيون روس عن إمكانية تخفيض حكم الشابات الثلاث. وقالت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» اليومية السبت: «هناك شعور بأن محكمة موسكو ستقوم بعد استئناف المحامين بتخفيض (الحكم) إلى عام واحد، وستطلق سراح أولئك النساء الطائشات ليعدن إلى أطفالهن وأحبائهن».

واعتبر العضو في الحزب الحاكم أندري ايساييف أول من أمس الحكم «قاسيا»، مشيرا إلى أن بوتين لم يعلن عن رأيه الكامل في المسألة. أما المرشح السابق لرئاسة الجمهورية الملياردير ميخائيل بروخوروف فكتب على مدونته ليل أول من أمس أن الحكم «خطأ استراتيجي يضر إلى حد كبير بهيبة النظام القضائي». كما أعرب مسؤولون كنسيون كبار عن تفضيل عقاب أقل قسوة.

وأصدر مجلس رفيع في الكنيسة الأرثوذكسية بيانا رسميا دعا فيه الدولة إلى «الرحمة بالمدانات في إطار القانون».

كما انتقد مواطنون عاديون روس الحكم. وأوقفت الشرطة نحو ستين شخصا من أنصار «بوسي رايوت»، بينهم زعيم جبهة اليسار سيرغي أودالتسوف وبطل العالم السابق في الشطرنج غاري كاسباروف للتحقيق معهم، واقتيدوا في سيارة للشرطة. كذلك شهدت مدن روسية عدة تجمعات مؤيدة للمتهمات الثلاث منها في ايكاتيرينبورغ بمنطقة الأورال وسامارا في الفولغا. ويأتي الحكم في نفس الأسبوع الذي يكمل فيه الرئيس الروسي فترة المائة اليوم في السلطة إثر عودته إلى الكرملين في ولاية رئاسية ثالثة، التي شدد فيها الرقابة على منظمات المجتمع المدني ردا على حركة احتجاج قامت ضده. من جهتها قالت، كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إن الحكم بالسجن عامين الذي صدر ضد عضوات الفرقة «لا يتناسب» مع الجريمة، ويزيد من ترهيب ناشطي المعارضة في روسيا. وأشارت أشتون في بيان إلى أن الحكم والتقارير عن تعرض المغنيات لسوء المعاملة تضع علامات استفهام حول «احترام» روسيا التزاماتها الدولية بالمحاكمة العادلة والشفافة والمستقلة».

ونددت الخارجية الأميركية بالحكم «غير المتناسب»، وأوضحت في بيان أن «الولايات المتحدة تشعر بالقلق سواء من الحكم أو من العقوبات غير المتناسبة (مع التهم) التي أصدرتها المحكمة، وتأثيرها السلبي على حرية التعبير في روسيا»، وحثت السلطات الروسية على «إعادة النظر في هذه القضية والعمل على احترام حرية التعبير».

وقالت الخارجية الفرنسية في بيان إن الحكم مبالغ فيه بصورة واضحة في ضوء بساطة الأفعال التي اتهمن بها، وانتقدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الحكم واعتبرت أنه قاسٍ لا يتناسب مع القيم الأوروبية في ما يتعلق بدولة القانون والديمقراطية، وهي القيم التي اعترفت بها روسيا كعضو بمجلس أوروبا.

ووصفه مؤيدو الفرقة الحكم بأنه «انتقام شخصي» من قبل زعيم الكرملين. وهتف مؤيدو الفرقة بكلمة «عار» خارج قاعة المحكمة في موسكو، وقالوا إن القضية تظهر رفض بوتين التسامح مع المعارضين.

وتقول فتيات الفرقة إن احتجاجهن كان ضد علاقات بوتين الوثيقة مع الكنيسة، عندما اقتحمن كاتدرائية المسيح المخلص ذات القبة الذهبية في موسكو وهن يرتدين أقنعة تزلج براقة وتنورات قصيرة. وكان الادعاء قد طالب بسجنهن ثلاث سنوات.

ولم يرد متحدث باسم بوتين على اتصالات هاتفية على الفور، بعد صدور الحكم، لكن حلفاء الرئيس قالوا قبل المحاكمة إن الكرملين لن يسعى للتأثير على المحاكمة.

ودعا نجوم أجانب على رأسهم مادونا، التي قدمت عرضا في موسكو كتبت خلاله على ظهرها «بوسي رايوت»، إلى الإفراج عن الثلاثي، وتقول واشنطن إن دوافع القضية سياسية.

وقالت القاضية إن العضوات الثلاث «ارتكبن عملا من أعمال الشغب وانتهاكا كبيرا للنظام العام مما يكشف عن عدم احترام واضح للمجتمع»، ورفضت دفعهن بأنهن لم يقصدن الإساءة إلى أتباع الكنيسة الأرثوذكسية.

ويصور معارضو بوتين المحاكمة على أنها جزء من حملة أوسع نطاقا يشنها بوتين ضابط المخابرات السوفياتية السابق لسحق الحركة الاحتجاجية. واحتشد خارج المحكمة نحو ألفي شخص غالبيتهم من أنصار «بوسي رايوت»، ولكن كان من بينهم أيضا بعض القوميين والمتدينين الذي طالبوا بعقوبة صارمة، وقال شهود إن الشرطة احتجزت 24 شخصا على الأقل في مشاجرات أو لرفعهم لافتات أو لارتدائهم أقنعة تزلج على الجليد تأييدا للفرقة أمام المحكمة.