الأسد يؤدي صلاة العيد «على عجل».. ونائبه ما زال خارج الصورة

معارضون لـ «الشرق الأوسط»: غياب الشرع السياسي والإعلامي منذ بدء الثورة يؤكد خلافه مع الأسد

الرئيس السوري بشار الأسد وسط عدد من كبار المسؤولين أثناء أداء صلاة عيد الفطر في أحد مساجد دمشق الصغيرة أمس (أ.ب)
TT

في أول ظهور عام له خارج قصور الحكم منذ تفجير مقر مكتب الأمن القومي بدمشق في 18 يوليو (تموز) الماضي الذي أطاح بعدد من أبرز رجاله في «خلية الأزمة»، عرض التلفزيون السوري أمس لقطات للرئيس السوري بشار الأسد أمس أثناء أدائه لصلاة عيد الفطر وسط عدد من رجال الدولة، وإن كان استمرار غياب نائبه فاروق الشرع عن الصورة لافتا، ومرجحا للأنباء التي تم تداولها خلال الأيام الماضية عن انشقاقه أو وضعه قيد الإقامة الجبرية، رغم النفي الرسمي لذلك أول من أمس.

ولم تستغرق الصلاة أكثر من 11 دقيقة، وبدا واضحا «جو» من التوتر العام والشدة الأمنية، وبخاصة أن الأسد قام بأداء الصلاة في مسجد صغير بحي المهاجرين في دمشق، على خلاف المعتاد بأداء صلاة العيد في «المسجد الأموي».. كما لاحظ متابعو اللقطات قيام الأسد بالتسليم مستبقا الإمام، مما يدل بحسب مراقبين على شدة قلقه من خطورة الوضع الأمني حوله.

ونفت السلطات السورية السبت تقارير أفادت بانشقاق الشرع (73 عاما)، وقال البيان الذي صدر عن مكتبه وبثه التلفزيون إن نائب الرئيس «لم يفكر في أي لحظة في ترك الوطن إلى أي جهة كانت»، مشددا على أنه «كان منذ بداية الأزمة يعمل مع مختلف الأطراف على وقف نزيف الدماء بهدف الدخول في عملية سياسية لإنجاز مصالحة وطنية في سوريا».. وذلك ردا على تقارير أفادت بمحاولة فرار الشرع إلى الأردن.

وبينما نقلت قناة «المنار» اللبنانية، الناطقة باسم حزب الله، عن مكتب الشرع الإشارة إلى أن «الأخير موجود في دمشق وعلى رأس عمله»، واضعا ما يجري في إطار «حملة الافتراءات التي تستهدف سوريا وقيادتها» - نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي مزاعم انشقاق الشرع، واعتبر أن هذه الشائعة تأتي في «سياق الكذب والتضليل الإعلامي الممنهج ضد الشعب السوري».. لكن غياب الشرع عن صلاة العيد إلى جوار الأسد أضعف من حجة هذا النفي.

وتأتي الأنباء عن انشقاق الشرع بعد أنباء مماثلة نقلها ناشطون ووسائل إعلام منذ بدء الثورة السورية، وكان آخر هذه الأنباء ما ذكرته قناة «روسيا اليوم» في الحادي عشر من الشهر الحالي عن انشقاق الشرع وعدد من كبار قيادات الجيش السوري ووصولهم للأردن، بينما تحدثت معلومات في وقت سابق عن هروبه إلى تركيا.

وكان أحد أقارب الشرع قد أعلن الخميس انشقاقه ودعوته الجيش للانضمام إلى «الثورة» ضد حكم الأسد، لافتا إلى أنه ترك دمشق منذ أيام ولم يعلن عن انشقاقه إلا بعد وصوله إلى الأردن. ثم أكد الناطق باسم المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر، لؤي مقداد، خبر انشقاق الشرع، إضافة إلى انشقاق ضابطين من رتب عالية في ظل موجة انشقاقات كبيرة، لافتا إلى أن «جيش النظام نشر قناصته على الحدود السورية - الأردنية، في محاولة لاعتقال فاروق الشرع بعد تأكيد خبر انشقاقه»، مضيفا أن «نظام الأسد كان يسعى إلى اتهام (الجيش الحر) بقتل الشرع».

وفي سياق متصل، أكد مصدر مطلع في المجلس الوطني السوري لـ«الشرق الأوسط» أنّه «لا يمكن تأكيد خبر انشقاق الشرع، لأن المعلومات متضاربة بشأن ذلك»، مؤكدا في الوقت عينه أن «ثلاث شخصيات مهمة خرجت من الأراضي السورية في الأيام الأخيرة». وأوضح أن «عدم مشاركة الشرع في العملية السياسية في سوريا وإقصائه عن الظهور الإعلامي يجعل الرأي العام ميالا إلى تصديق خبر انشقاقه بسرعة»، جازما بوجود «حالة من عدم الرضا بين الشرع والنظام السوري منذ بدء الثورة السورية».

ويؤكد المعارض السوري معلومات عن أن «الشرع يخضع لإقامة جبرية في منزله، مفروضة عليه من قبل النظام السوري؛ بعد تصادم حول ملفات عدة متعلقة بإدارة الأزمة السورية وتحديدا ما يتعلق بدرعا - مسقط رأس الشرع ومهد الانتفاضة السورية». ويضيف: «عدم ظهور الشرع ومشاركته في السلطة - كما اعتدناه خلال السنوات الماضية - ساعد على نشر شائعات حول اختفائه وانشقاقه وحتى تصفيته»، مذكرا بـ«باع الشرع الطويل في النظام السوري وحضوره أكبر الاجتماعات التي كان يعقدها الأسد منذ بات وزيرا للخارجية، وهو ما لم يحصل منذ بدء الثورة السورية».

وكان الظهور الإعلامي الوحيد للشرع في الأشهر الماضية خلال التشييع الرسمي لقتلى تفجير مبنى الأمن القومي في قاسيون، حيث ظهر في شريط فيديو بثه الإعلام الرسمي وهو يسير في موكب التشييع الرسمي ويضع أكاليل من الزهر على نعوش القادة الأمنيين، وكان لافتا تركيز وكالة الأنباء السورية الرسمية على حضور الشرع وإشارتها إلى أنه تقدم موكب التشييع من دون من سواه، رغم حضور شخصيات عدة، أبرزها رئيس الحكومة المنشق رياض حجاب.

ومنذ بدء الانتفاضة السورية، غاب الشرع عن الظهور السياسي والإعلامي، رغم كونه من أبرز المقربين من الرئيس السوري بشار الأسد والعالمين بتفاصيل إدارة النظام خلال 36 سنة، حيث لم يقم بأي دور ولم يصدر عنه أي موقف ولم يظهر في أي اجتماع أو لقاء.. بينما أكد ناشطون مرارا وتكرارا في وقت سابق أن الشرع يخضع لإقامة جبرية داخل منزله مفروضة عليه من قبل النظام السوري. وكان اثنان من أبناء عم الشرع قد أعلنا في وقت سابق انشقاقهما عن النظام، وهما رئيس فرع المعلومات في الأمن السياسي في دمشق العقيد الركن يعرب الشرع وشقيقه الملازم أول كنان الشرع، اللذان وصلا إلى الأردن في الخامس من الشهر الحالي، ويقيم عدد كبير من أفراد عائلة الشرع خارج سوريا.

وبينما يؤكد معارضون سوريون وجود حالة تصادم بين الأسد والشرع، أبعدت الأخير عن صنع القرار في سوريا منذ أكثر من عام، لكنها وضعته تحت «مجهر النظام وحراسته المشددة»، فإن انشقاق الشرع «الحاصل عمليا والمؤجل نظريا»؛ وفق أحد الناشطين في الحراك الثوري السوري، من شأنه أن يساهم أكثر في زعزعة نظام الأسد، بعد تفجير خلية الأزمة وانشقاق شخصيات عدة ليس آخرهم رئيس الحكومة رياض حجاب.

تجدر الإشارة إلى أن الشرع، وهو سياسي ودبلوماسي، تقلب في مناصب ومسؤوليات عدة بعدما بدأ مسيرته المهنية في شركة الطيران السورية من عام 1963 حتى عام 1976 - تاريخ تعيينه سفيرا في روما لمدة 4 سنوات. وفي عام 1980، عين الشرع وزير دولة للشؤون الخارجية ثم وزيرا للخارجية بعد 4 سنوات، وبقي في منصبه حتى عام 2006، قبل أن يعينه الأسد نائبا له خلفا لعبد الحليم خدام الذي أعلن انشقاقه عام 2005.