مرسي يحتفل مع المصريين بالعيد والخطيب يدعو له بالتوفيق لتحرير بيت المقدس

الملايين توجهوا للمساجد.. وشيوخ التيار الإسلامي تقاسموا المنابر

مرسي يصلي العيد في مسجد عمرو بن العاص وبجانبه كل من نائبه المستشار محمود مكي ورئيس مجلس الوزراء هشام قنديل وأحمد الطيب شيخ الأزهر، والفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي، القائد العام للقوات المسلحة (إ.ب.أ)
TT

في مستهل أول عيد للفطر يمر عليه وهو رئيس لمصر، أدى الدكتور محمد مرسي صلاة عيد الفطر صباح أمس (الأحد) بمسجد عمرو بن العاص بمنطقة مصر القديمة بالقاهرة، في خطوة تحمل دلالات رمزية، إذ إن هذا المسجد هو أول مسجد بني في مصر عقب الفتح الإسلامي لها. ودعا له خطيب صلاة العيد بأن يوفقه الله لتحرير بيت المقدس. وكان لافتا الحضور الشعبي الكثير في الصلاة، إذ أدى الصلاة مع مرسي آلاف المواطنين في المسجد الذي يقع في منطقة شعبية جنوب القاهرة، على عكس ما كان يفعله الرئيس السابق حسني مبارك، الذي كان يصلي في مساجد القوات المسلحة في مختلف المحافظات، ولا يسمح للمواطنين بأداء الصلاة في المسجد نفسه. وألقى الدكتور إسماعيل الدفتار، خطيب المسجد وأستاذ علم الحديث بجامعة الأزهر الشريف، خطبة العيد ودعا الله أن يوفق الدكتور مرسي إلى «ما فيه الخير لمصر، وأن يهيئ له الأسباب وإصلاح الأحوال والنهوض بالأمة واسترداد بيت المقدس». كما دعا الدفتار قائلا: «اللهم أصلح ذات بيننا، وطهر فساد ألسنتنا، وأعز الإسلام وانصر المسلمين، وانصر عبادك المجاهدين، ونجنا برحمتك، واجعل بفضلك هذا البلد آمنا».

وتحدث الدفتار في الخطبة عن قيمة التسامح في الإسلام وضرورة إعلاء القيم العليا بما فيه صالح المجتمع، مؤكدا أن أهم الدروس المستفادة من شهر رمضان المبارك هو أن يكون المسلم متسامحا مع الجميع ويصل من قطعه ويعطي من حرمه ويعفو عمن ظلمه، مشددا على ضرورة دعم برنامج مرسي والوقوف بجانبه لدعم استقرار البلاد، بينما خص الدفتار الرئيس مرسي بدعاء استمر لنحو خمس دقائق في نهاية الخطبة، وهو أمر فعله أغلب أئمة المساجد في ربوع مصر.

أدى الصلاة مع الرئيس مرسي كل من نائبه المستشار محمود مكي، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور هشام قنديل، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي القائد العام للقوات المسلحة، والدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية، ووزير الأوقاف الدكتور طلعت عفيفي، وآلاف المصريين. وكان لافتا انتشار رجال الشرطة والحرس الجمهوري بشكل مكثف خارج المسجد، ونصب رجال الأمن بوابات إلكترونية لتفتيش المصلين، بينما شق رجال الحراسات الخاصة صفا وسط المصلين مر منه مرسي إلى داخل المسجد وخرج منه بعد انتهاء الصلاة.

وعقب انتهاء الصلاة، صافح مرسي كبار رجال الدولة، وسط هتافات من المواطنين مؤيدة للرئيس مرسي، وحاول الكثير منهم مصافحته، إلا أن الحرس الخاص به منعوهم، كما هتف المصلون لثورة 25 يناير ورفعوا أعلام مصر ولافتات مؤيدة للرئيس مرسي.

وفي ميدان التحرير، أدى نحو 3 آلاف مصري صلاة عيد الفطر، التي أمها الشيخ مظهر شاهين خطيب مسجد عمر مكرم، الذي أكد في خطبته، أن الشعب لن يحتفل بثورته إلا بعد أن يخرج جميع المعتقلين من السجون، مشيرا إلى أن الجميع حضر اليوم لأداء الصلاة بالميدان، لشم نسائم شهداء مصر بعد انتخاب رئيس مدني، مطالبا بالقصاص العاجل لهم، وأن يقدم الرئيس مرسي القتلة الحقيقيين في أحداث شارعي محمد محمود ومجلس الوزراء.

وأعرب شاهين عن تأييده للرئيس مرسي، بشرط تنفيذه لجميع مطالب الثورة غير منقوصة، وقال: «لا أنتمي إلى تنظيم الإخوان المسلمين، لكن الشعب اختار رئيسه، وعليه أن يحمي شرعية اختياره»، معتبرا أن الدعوات لمظاهرة مليونية يوم الجمعة المقبل تحت شعار «إسقاط الإخوان» هي دعوات لإسقاط الشرعية، وطالب القوات المسلحة والشرطة بمنعها بالقانون، ودعا الشعب المصري لحماية ثورته بشكل سلمي خلال مليونية بميدان التحرير.

وعلى صعيد متصل، سيطر خطباء الإخوان المسلمين والسلفيين على منابر المساجد الكبرى في القاهرة والمحافظات، فمن جانبه، حذر الدكتور عصام العريان القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، في خطبة عيد الفطر التي ألقاها بعدما أم المصلين في قاعة سيد درويش بأكاديمية الفنون بالهرم، من العودة لسياسات النظام السابق، وتلا قوله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».

وقال العريان: «إن الرئيس السابق مبارك ديكتاتور سجين بإرادة الله وحده، بينما نصر الله عبده الرئيس مرسي لينصر الدين في وجه الظلم»، مستشهدا خلال خطبته عقب صلاة العيد بعدد كبير من الآيات القرآنية.

وأضاف: «إن (الإخوان) كانوا قليلا مستضعفين وقد نصرهم الله.. إن اليوم أعظم فرحة وعيد في تاريخ الإسلام منذ فجر الإسلام، لأن الله نصر عباده الصابرين المتوكلين عليه، ونحن في انتظار باقي وعود الله في كتابه العزيز لنصرة المؤمنين الذين صبروا على الأذى والظلم والطغيان».

وأكد العريان أن الإخوان المسلمين سينفذون أوامر الله، قائلا: «إننا في معية الله، إياكم أن تخافوا، إياكم أن تنزعجوا لأن الله يقول (فلا تخافوهم وخافوني)، فلا تخافوا إلا الله أيها المؤمنون».

أما حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح السلفي السابق لانتخابات الرئاسة، فقد أم آلاف المصلين في أحد مساجد حي شبرا الشعبي شمال القاهرة، وقال أبو إسماعيل في خطبة العيد: «هذا العيد مختلف، لأنه أصبح لدينا رئيس منتخب من قبل الشعب المصري، وعلينا الالتفاف حوله والدعاء له لنصرة الإسلام والأمة الإسلامية»، معتبرا أن «ثورة 25 يناير كشفت عن أننا نسير بطرق خاطئة».

وقال أبو إسماعيل: «إن المصريين الآن يحتفلون بأعياد، منها الاحتفال بسقوط حكم العسكر، وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل، اللذين بوجودهما كان يتم اغتصاب الشعب المصري وتسرق الدولة من شعبها».

وأضاف: «تخلصنا من حكم العسكر وإلغاء الإعلان الدستوري، فإرادة الله جعلت كل هذه الأشياء تنتهي مع أول أيام شهر رمضان، والانتهاء من حكم عسكر الرئيس المخلوع، وهذا دليل على أن الأمة استلمت مقاليد الحكم مرة أخرى».

وتابع قائلا: «لقد أنعم الله علينا بثورة 25 يناير التي طهرت الأمة بأكملها من جميع أنواع الفساد، ومرسى يسعي جاهدا لتحقيق مشروع النهضة».

وهاجم أبو إسماعيل أنصار التيار الليبرالي قائلا: «إن هناك تيارا سياسيا خصم لنا، يجمع نفسه على فكرة واحدة، وهى أن يكون ضد الدين، ويجب أن نعلم أننا أمة واحدة، ولا يجب البحث في فكرة التفكيك لجماعات وأحزاب معينة».

وأضاف: «إن أنصار التيار السياسي لا يجدون من يصدهم عن أفكارهم الرذيلة، فهم أهل باطل يريدون أن ينهوا فكرة الإسلام، وتقاسم الوطن، وتفريق الأمة، وعلينا مواجهة هؤلاء الضالة بفتح الحوار مع المجتمع المصري بكل طوائفه، حتى تستعيد الأمة الإسلامية عقيدتها الصحيحة من أوسع الأبواب ولظهور الحق وإعلاء رفعة الإسلام».

وطالب أبو إسماعيل المصريين بضرورة التوحد والوقوف صفا واحدا خلف ولي الأمر من أجل مصلحة البلاد للنهوض بمصر العزيزة، والعمل على تطهير الإسلام من الشوائب، وألا يتحملوا وزر من سماهم «أحد من العناصر الشاذة التي تسعى إلى الإضرار بمصالح الوطن»، على حد قوله.

من جانبه، قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية في خطبة العيد: «يوجد من يعارض أحكام شرع الله، ويأبى أن يكون هو المصدر لتشريع هذه الأمة، التي ارتضت ربها والإسلام دينا، ومحمد رسول الله نبيا، فيوجد من يعارض، وبإذن الله سيعود هذا الشرع لحكم الناس في حياتهم لتنتشر الرحمة».

وأضاف برهامي: «هناك من يعترض على أن ينص في الدستور على أن الذات الإلهية مصونة، لأن ذلك سيؤدي إلى تضييق حرية الإبداع، أتريدون أن تسبوا الله ورسوله باسم الإبداع؟». وفي محافظة قنا، بصعيد مصر، كان الدعاء للرئيس محمد مرسي بالتوفيق، والتحذير من المشاركة أو مساندة مظاهرة 24 أغسطس (آب) المقبل، هو القاسم المشترك في مختلف الساحات والمساجد بالمحافظة، على اختلاف توجهات الأئمة.

كما شن الكثير من الخطباء هجوما عنيفا على فلول النظام السابق، متهمين إياهم بمحاولة الانقضاض على الثورة من جديد، ومحاولة تعطيل مسار التنمية ومسيرة رئيس الجمهورية باختلاق المشاكل وافتعال الأزمات لكي يتمكنوا من العودة مرة أخرى لما كانوا عليه.