استمرار حملة المداهمات في سيناء ومسلحون يهاجمون حاجزا أمنيا قرب العريش

مخاوف من تصاعد غضب القبائل بعد سنوات من «التهميش».. والحكومة تضع خطة للتنمية

TT

وسط مخاوف من تصاعد غضب القبائل بعد سنوات من «التهميش والإهمال»، قالت مصادر أمنية مصرية إن المواجهات في سيناء لملاحقة عناصر جهادية استمرت في وقت هاجم فيه مسلحون حاجزا أمنيا فجر أمس بمنطقة الريسة قرب العريش. وعززت أجهزة الأمن من إجراءاتها داخل شمال سيناء خلال أول أيام عيد الفطر. وحملت قيادات قبلية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» الحكومات المتعاقبة مسؤولية الإهمال وتأخير التنمية ما أدى إلى تدهور أواضع سيناء، إلا إن مسؤولين في حكومة الدكتور قنديل قالوا إن خططا عاجلة يجري تنفيذها للإسراع بخطى التنمية في شبه الجزيرة بالمشاركة مع مستثمرين من القطاع الخاص. وعلى صعيد العمليات الأمنية على الأرض أمس، قالت المصادر إن مسلحين كانوا على متن شاحنة صغيرة هاجموا الحاجز الذي يضم قوات من الجيش والشرطة مدعومة بالعربات المدرعة وجرت اشتباكات بين القوات المتمركزة عند الحاجز والمهاجمين الذي تمكنوا من الفرار، مشيرة إلى أن الاشتباكات لم تسفر عن وقوع أي خسائر بين الجانبين.

وواصلت السلطات المصرية للأسبوع الثاني على التوالي العملية الأمنية (نسر2) التي تستهدف تطهير سيناء من البؤر الإرهابية والتي بدأت في أعقاب الهجوم المسلح الذي تعرضت له نقطة حدودية مصرية في الخامس من الشهر الجاري وأسفر عن مقتل 16 جنديا مصريا، حيث أنحت مصر باللوم في هذا الهجوم الدامي على «متشددين إسلاميين».

وقالت مصادر أمنية إن الحملة الموسعة مستمرة خلال فترة العيد ويتم تحريكها بناء على المعلومات التي تصل إلى أجهزة الأمن حول أماكن اختفاء المطلوبين، وذلك بعد أن تمكنت العملية المشتركة من قوات الجيش والشرطة من مداهمة بؤر للمتشددين وألقت القبض على عناصر منهم وضبطت أسلحة أيضا.

وانتشر عدم الاستقرار في شمال سيناء وهي منطقة يكثر فيها السلاح ويشعر سكانها بسخط بسبب إهمال القاهرة لمنطقتهم، على الرغم من أن خبراء يقولون إن سيناء غنية بثرواتها، ولا تحتاج إلى إدارة جيدة لاستغلال الصحراء والجبال والسواحل الممتدة على البحرين الأحمر والمتوسط. ومنذ 39 عاما حرر الجيش المصري سيناء من قبضة الاحتلال الإسرائيلي الذي استمر في إدارتها سبع سنوات.

وتحدثت مصادر محلية عن وجود مخاوف من غضب القبائل بعد مقتل وتوقيف عدد من أبنائها على أيدي الحملات الأمنية على شبه الجزيرة. ويقول مسعد أبو فجر، مؤسس حركة «ودنا نعيش» في سيناء، وهي حركة تطالب بحقوق البدو، إن سيناء تعاني من ضعف الموارد وفرص التنمية، ويعيش سكان منطقة الوسط في فقر مدقع حيث لا تتوافر فرص عمل وتنعدم الزراعة لعدم وصول مياه ترعة السلام إلى المنطقة بالإضافة لسوء العلاقة بين البدو والأجهزة الأمنية بسبب كثرة المداهمات وحملات الاعتقال الواسعة عقب أحداث تفجيرات سيناء في الأعوام الماضية.

وشهدت سيناء مواجهات مسلحة وعنيفة بين البدو وأجهزة الأمن على مدار السنوات الماضية على خلفية القبض على المئات من أبناء البادية التي قالت أجهزة الأمن عنهم إنهم متورطون في أعمال إرهابية وتفجيرات وقعت بالمنتجعات السياحية بسيناء في أعوام 2004 و2005 و2006 وأسفرت عن مقتل العشرات من المصريين والسياح الأجانب. ويضيف أبو فجر أن قناعة الشرطة بأن البدو متهمون في أي أحداث تشهدها البلاد، كرست مفهوم الثأر بينهم وبين البدو.. «فقد أصبح في كل عشيرة وقبيلة قتيل أو مصاب أو معتقل على يد الشرطة»، مشيرا إلى أن «حملات المداهمات التي تقوم بها الشرطة يتم فيها إطلاق الرصاص بشكل عشوائي، مما تسبب في قتل الكثير من الإبل وإتلاف خزانات المياه، إضافة إلى حالة الرعب والهلع التي تنتاب الأطفال والنساء بسبب عمليات إطلاق الرصاص».

ويقول سالمان أبو عياد من سكان منطقة الوسط إن المدارس لا تتوافر في منطقة الوسط مما يرفع من نسبة الأمية، ولا تتوافر لهم فرص عمل سواء في السياحة أو شركات البترول. وكشف مؤتمر تنمية سيناء الذي عقد في جامعة قناة السويس بحضور كبار العواقل والمشايخ بسيناء مدى المعاناة التي يعيشها بدو سيناء، والتي تبدأ من فقر الخدمات والمرافق والتعنت في التعامل مع البدو وتمتد إلى حرمان أبناء سيناء من الالتحاق بالكليات العسكرية وكليات الشرطة وعدم مساواتهم في حق التمليك للمسكن والأرض وإضعاف دور شيوخ القبائل من خلال تعيينهم والنظرة إليهم كمرشدين للأمن مما اضعف دورهم. ويقول الشيخ أحمد الهريش، شيخ الثوار بالمنطقة: «لدينا مشكلات تتعلق بعدم اتخاذ أي قرار جاد حتى الآن بشأن الأحكام الغيابية ضد المئات من أبناء البدو، على الرغم من معرفة من يحكمون الآن أن هذه القضايا كانت ملفقة في النظام القديم». ويضيف الشيخ سليم سويلم أحمد من قبيلة العليقات أن البدوي لا يتمتع بأي حقوق للمواطنة.. «المياه تصل إليهم يوميا 7 ساعات فقط».

ومن جانبها بدأت الحكومة في العهد الجديد، أي بعد انتخاب الرئيس محمد مرسي رئيسا للبلاد، في العمل على إسراع وتيرة التنمية في سيناء. وقال اللواء محمود مغاوري رئيس الجهاز المركزي للتعمير في وزارة الإسكان، إن الجهاز قرر زيادة التنمية في سيناء. بينما أوضح صلاح عبد المؤمن، وزير الزراعة المصري، أن بروتوكولات سيتم توقيعها مع مستثمرين مصريين وعرب وأجانب لتنفيذ مشروع زراعة وتنمية مليون فدان، وذلك بعد إحكام السيطرة الأمنية على سيناء.