إلقاء عبوة ناسفة على سيارة القنصل المصري في بنغازي.. من دون سقوط ضحايا

الأمن الليبي يلقي القبض على 32 متورطا في التفجيرات ويتهمهم بمناصرة النظام السابق

سحب السيارة التابعة للدبلوماسي المصري في بنغازي التي استهدفت أمام مقر إقامته أمس (رويترز)
TT

ألقى مجهولون عبوة ناسفة على سيارة القنصل المصري في مدينة بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية، أمس، فيما اتهم رئيس الوزراء الليبي مجموعات موالية لنظام العقيد الراحل معمر القذافي بمحاولة «تعكير صفو المسيرة الظافرة للشعب الليبي ووضع العراقيل أمام بناء ليبيا الجديدة»، مؤكدا أن هذه الأعمال الجبانة تزيد الليبيين إصرارا على تحقيق أهداف الثورة التي أطاحت العام الماضي بنظام الرئيس معمر القذافي.

وقال شهود عيان وسكان محليون في بنغازي لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من بنغازي، إن سيارة القنصل المصري تعرضت لتلفيات إثر إلقاء عبوة ناسفة عليها، لكن القنصل لم يكن موجودا بداخلها.

ويأتي الحادث فيما يدعو ناشطون ليبيون إلى مظاهرات شعبية يوم الجمعة المقبل للمطالبة بطرد السفير المصري والعمالة المصرية من ليبيا، احتجاجا على ما يشاع عن موافقة القمر الصناعي المصري «نايل سات» على بث قنوات موالية لنظام القذافي يشرف عليها بعض أعوانه الهاربين في مصر. لكن مصادر في الحكومة المصرية والشركة المسؤولة عن إدارة «نايل سات» نفت لـ«الشرق الأوسط» أي صلة للقمر المصري بالقنوات التي يلتقط الليبيون بثها التجريبي منذ أيام.

وقال مسؤول مصري: «لم يحدث أي تعاقد مطلقا على بث قنوات ليبية معادية للثورة أو موالية لنظام القذافي، مصر لا يمكن أن تتورط في أي عمل يهدد أمن واستقرار ليبيا».

وتتحدث مصادر ليبية عن ضلوع أحمد قذاف الدم ابن عم القذافي والمنسق السابق للعلاقات المصرية - الليبية، وعلي الكيلاني مسؤول التلفزيون الليبي السابق عن تمويل قناتين فضائيتين مناهضتين للثورة الشعبية في ليبيا.

من جهته، حث رئيس الحكومة الانتقالية الليبية عبد الرحيم الكيب، في كلمة متلفزة مساء أول من أمس مواطنيه على الوقوف صفا واحدا والتعاون مع أجهزة الأمن في كشف ما سماها «البؤر المظلمة الحاقدة والقوى اليائسة الحاقدة من أزلام النظام المنهار».

وجاءت تصريحات الكيب متزامنة مع إعلان السلطات الليبية اعتقال جميع أفراد الخلية التي كانت وراء الانفجارين اللذين وقعا في العاصمة طرابلس في الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر المبارك والذين بلغ عددهم 32 شخصا.

وقال مكتب شؤون الإعلام باللجنة الأمنية العليا إن المنفذين هم من الأشخاص المتورطين في قتل الليبيين مع نظام القذافي، فيما أعلن العقيد محمود الشريف رئيس جهاز الأمن في طرابلس أن الموقوفين ينتمون لنفس الخلية النائمة نفسها التي لم يتم توقيف كل أعضائها بعد الهجوم الذي نفذته بسيارة مفخخة في الثالث من الشهر الحالي في وسط العاصمة.

وبعدما أوضح أن المتفجرات والوسيلة التي استخدمت للهجوم هي نفسها، لفت إلى أن هذه المجموعة ممولة من أعضاء في النظام السابق الموجودين في تونس والجزائر.

وكان نائب وزير الداخلية الليبي عمر الخدراوي قد أبلغ وكالة الصحافة الفرنسية أن أجهزة الأمن كانت تمتلك بالفعل معلومات عن هجمات محتملة منذ ثلاثة أيام قبل وقوع التفجيرات الأخيرة في طرابلس، قائلا: «كانت لدينا معلومات عن هجمات ممكنة من هذا النوع منذ ثلاثة أيام، لكن مع هذا العدد من الأسلحة في البلاد يصعب ضبط كل شيء»، مشيرا إلى أنه «يجري البحث عن سيارات مفخخة أخرى».

لكن حركة المقاومة الليبية (الموالية لنظام القذافي) قالت في المقابل إنها غير مسؤولة عن التفجيرات الإرهابية في طرابلس، وأوضحت في بيان لـ«الشرق الأوسط» أنها تستنكر هذه الأساليب اللاأخلاقية التي شهدتها مدينتا طرابلس وبنغازي، والتي استخدمت فيها السيارات المفخخة والتي غالبا ما يسقط فيها أبرياء عزل.

واعتبرت أن تصريحات مسؤولي وزارة الداخلية الليبية تدل على جهل القائمين عليها، مضيفة: «سوف لن نستخدم هذه الأساليب الرخيصة لأننا لا نقبل أن تصبح ليبيا كالعراق، وعليهم أن يبحثوا في داخلهم عن عصابات الزندقة.. الذين يعملون لهدم الوطن ويكفرون المجتمع». وتابع البيان: «إننا عندما نقرر استهداف تحرير ليبيا من فلول الناتو فلن نقبل بسقوط الأبرياء من أبناء شعبنا الذين يواجهون اليوم أبشع أنواع الغطرسة والحقد الأعمى والغرور بنصر وهمي صنعته صواريخ الناتو».

وتركت الإطاحة بالقذافي ومقتله بعد 42 عاما من حكم الفرد فراغا في السلطة شغلته ميليشيات محلية وجماعات مسلحة أخرى تسعى قوات الأمن جاهدة لإخضاعها لسيطرتها وكذلك حوادث إطلاق نار متقطع وانفجارات.

وتصاعدت أعمال العنف خلال شهر رمضان ومنها انفجار سيارة ملغومة في طرابلس قرب مقر الشرطة العسكرية وانفجار في مقر خال للمخابرات العسكرية السابقة في مدينة بنغازي بشرق البلاد ومهد الثورة ضد القذافي.

وتجس الهجمات الأخيرة نبض المؤتمر الوطني الذي جعل من تحسين الأمن أولوية له عندما تسلم السلطة في وقت سابق من الشهر الحالي من المجلس الوطني الانتقالي الذي أطاح بالقذافي.

وستكون مهمة المؤتمر الوطني الأساسية فرض سلطته على الجماعات المسلحة العديدة وأغلبها ميليشيات شاركت في الانتفاضة وترفض إلقاء أسلحتها. ولا يزال نزع أسلحة هذه الميليشيات يمثل تحديا.

وسيعين المؤتمر الوطني المؤلف من 200 عضو رئيسا جديدا للوزراء سيختار الحكومة ويقر القوانين ويقود ليبيا إلى انتخابات برلمانية كاملة بعد صياغة دستور جديد العام المقبل.

ويؤثر استمرار العنف على علاقات ليبيا مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية التي تحتاج طرابلس لمساعدتها في مسعاها من أجل الاستقرار والأمن وإعادة الإعمار الاقتصادي.