علماء القطيف ينبذون العنف ويرحبون بدعوة خادم الحرمين لتأسيس مركز لحوار المذاهب

الشيخ آل ربح: نحن ضد أي تفرقة سواء كانت في المذاهب أو القبائل أو المناطق

TT

أكدت شخصيات دينية سعودية تمثل المواطنين الشيعة في القطيف، شرق البلاد، ترحيبها بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى تأسيس مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية، مقره الرياض، كما أدانت كل أشكال العنف، وأكدوا أن خيارهم الوطني «هو احترام هذا النسيج وعدم المساس بالثوابت الوطنية».

وأصدر سبعة من كبار رجال الدين في القطيف بيانا مساء أول من أمس، طالبوا فيه مواطنيهم بالابتعاد عن كل ما يخل بالأمن، بالإضافة إلى «الوقوف بحزم ضد العنف بكل أشكاله، واستنكار الاعتداءات التي تطال الأنفس والممتلكات والمؤسسات العامة، فهو من أعظم المحرمات التي شدد عليها الإسلام العظيم».

ووقع البيان: الشيخ عبدالله الخنيزي، السيد علي السيد ناصر السلمان، الشيخ حسن الصفار، الشيخ عبد الكريم الحبيل، الشيخ علي مدن آل محسن، الشيخ يوسف المهدي، والشيخ جعفر آل ربح. وباستثناء السيد علي السيد ناصر السلمان الذي يعتبر أبرز الشخصيات الدينية للمواطنين الشيعة في الدمام والخبر، فإن المشايخ الباقين يعيشون في محافظة القطيف.

وندد البيان بأي استخدام للعنف، ودعا لحماية السلم الأهلي، وقال الموقعون إن «الاعتداء على كل ذي حرمة ممن يتعايش سلما مع المسلمين هو من المحرمات المغلظة فضلا عن الاعتداء على المسلم، فكيف بمن يجمعنا معهم دين وأخوة ووطن واحد؟! فيجب علينا جميعا أن نحافظ على حرمة الدماء وأمن المواطن واستقراره».

وقال المشايخ السبعة في بيانهم: «إننا نعيش في دولة ذات طوائف متعددة منذ مئات السنين وننعم في أمن وأمان أرسى دعائمهما قادة هذه البلاد، ولا مساومة أو مزايدة على حفظ هذا التاريخ الذي حمله الأجداد والآباء ويواصله الأبناء في مؤسسات المجتمع والدولة على امتداد بلادنا الغالية، إن خيارنا الوطني الذي نصر عليه هو احترام هذا النسيج وعدم المساس بالثوابت الوطنية».

وأكد رجال الدين: «إننا نؤيد وندعم دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله) ونلتف حول مساعيه الداعية لرفض التقسيمات المذهبية والمناطقية والآيديولوجية التي تفت في وحدة المجتمع وتماسكه كما أشار (حفظه الله) في ندائه الأخير في مكة المكرمة وتوصيته بإنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية المختلفة يتخذ من الرياض مقرا له, حيث فتح (حفظه الله) آفاق الحوار الوطني بين أطياف هذا المجتمع الذي نأمل أن يؤتي ثماره المرجوة تدعيما لأسس الحوار وإرساء لدعائم المجتمع المدني الذي يجب أن يحترم فيه المواطن وتحفظ فيه كرامته وتصان حقوقه».

ومن جانبه قال الشيخ جعفر آل ربح أحد الموقعين على البيان لـ«الشرق الأوسط» إن الجميع يقدر لخادم الحرمين هذه المبادرة التي تعبر عن حرقة لما يتعرض له العالم الإسلامي من فرقة وتشرذم جعلته من أضعف الأمم. وأضاف آل ربح: «يجب أن نكون واضحين مع أنفسنا ونقول الحقيقة ولا نقفز على واقعنا، حيث إن الفتنة بدأت فعلا تخترق مجتمعنا السعودي، وهناك من يحاول فك اللحمة الوطنية من خلال الإساءة للآخرين ممن يشتركون معه في الإسلام لكنهم يختلفون في المذهب، ونحن ضد أي تفرقة سواء كانت في المذاهب أو القبائل أو المناطق، فكلنا نعيش تحت مظلة واحدة وتحت قيادة واحدة وسقف واحد، ويجب أن يتم وأد هذه الفتنة في المهد قبل أن تتشعب أكثر مما هي علية الآن، فهي لا تزال تحت السيطرة». وتابع: «يجب أن تكون مبادرة القائد الملك عبد الله بمثابة السيف الذي يقطع دابر كل من يسعون لشق اللحمة الوطنية في الوطن الواحد لأن الجميع خاسر إذا – لا قدر الله - حصلت فتنة، وسيكون الوطن أكبر الخاسرين، ويجب وقف المتشددين من الجانبين عند حدهم بوضع قوانين صارمة».

وأوضح الشيخ: «إننا نشاطر وندعم الملك عبد الله في توجهه ولن نسمح لأي كان بأن يمزق هذا التعايش ويهدد الوحدة الوطنية أيا كان سنيا أو شيعيا، ويجب أن يتدخل العقلاء في سبيل وأد الفتنة في مهدها والكل يتمنى أن لا نصل للمرحلة التي لا يمكن فيها السيطرة على العاطفيين الذين تصدر منهم أفعال لا إرادية ردا على أفعال صدرت من أي طرف».

ومن جانبه، اعتبر محمد رضا نصر الله عضو مجلس الشورى أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بشأن الدعوة لإنشاء مركز حوار للمذاهب في العاصمة الرياض «يأتي بهدف لم شمل الأمة الإسلامية في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به وهي محاطة بعدد من التحديات العاملة على تمزيق وحدتها وتفريق كلمتها، ومن هنا جاءت هذه المبادرة الكريمة من الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي له مكانة عالية في الوسط الإسلامي بوصفه قائدا لبلد عظيم فيه الحرمان الشريفان ومواريث الحضارة العربية والإسلامية».

واعتبر نصر الله مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز فرصة ذهبية لتجنيب الأمة الإسلامية الصراعات المذهبية والحروب الأهلية. وقال إن «مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية سيكون له دور فعال في تقريب وجهات نظر علمائها نحو المشترك العام القائم على كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة». وتمنى نصر الله أن تجد هذه الدعوة أصداءها الواسعة في عموم المجتمعات في المؤسسات المدنية والأكاديمية والبحثية ليقوم مركز الحوار المقترح في الرياض على أساس تجاوز الخلافات المتراكمة بين أبناء الأمة الإسلامية خاصة في هذا الظرف الدولي والإقليمي.

كما أكد المهندس نبيه الإبراهيم، رجل الأعمال والعضو السابق في المجلس البلدي، أن هذا البيان «جاء معبرا عن شريحة كبيرة من المواطنين التي يهمها تأكيد أن أبناء القطيف جزء لا يتجزأ من هذا الوطن الشامخ، وفي مقدمة من يحامي عن همه ووحدته ويسعون إلى تنميته وازدهاره، شأنهم في ذلك شأن جميع المواطنين في المملكة».

وقال الإبراهيم إن البيان يؤكد على نبذ العنف، واحترام النظام والقانون، وتثمين دعوة خادم الحرمين لنبذ التعصب والدعوة للحوار. وهو يستند على حقيقة أن جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، وأبناء القطيف جزء أصيل من النسيج الوطني، وهم يشاطرون أبناء وطنهم الانتماء لهذا الوطن وقيادته.