مخاوف أقباط مصر «على المحك» انتظارا للدستور

بعضهم لا يثق بالتطمينات الشفهية وآخرون يؤكدون تضخيم الأحداث

مواطن مصري مسلم يقف فوق سطح أحد المنازل بتابع موكب الرئيس المصري محمد مرسي بعد أدائه صلاة العيد بمسجد عمرو بن العاص وقد ظهرت خلفه أقبية كنيسة مصر القديمة (أ.ب)
TT

بين مزايدات سياسية مستمرة ترقص على أوتار حقوقهم وحرياتهم الدينية والشخصية، من جهة، ومحاولات جاهدة لتخويفهم من القادم في ظل نظام إسلامي، من جهة أخرى، يواجه مسيحيو مصر قلقا متزايدا، على الرغم من تطمينات «شفهية» من قيادات التيار الإسلامي تملأ فراغات الصحف ووسائل الإعلام المصرية، حول احترام حقوق وحريات الأقليات في مصر في النظام المصري الجديد الذي بدأ في التشكل. لكن يبدو أن عادل منير (24 عاما)، موظف بأحد البنوك المصرية، لم ترضه هذه التطمينات المتتالية، وجلس مع صديقيه «المسلمين» بعد أن هنأهما بعيد الفطر المبارك، متحدثا عن قلقه من سيطرة «التيار الإسلامي على مفاصل الدولة تباعا». وقال منير: «سيحصل الإخوان والسلفيون على أغلبية مقاعد البرلمان القادم.. وكل ما أتمناه من الرئيس مرسي أن يضمن لنا دستورا مدنيا يعبر عن الجميع ويعاملنا جميعا كمصريين ولا يفرق بيننا بسبب الدين أو يحرمنا من حقوقنا وحرياتنا الشخصية والدينية.. الدستور سيكون أقوى ضمان لنا».

مخاوف منير عبر عنها الاستشاري بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، دينيس روس الذي هاجم جماعة الإخوان المسلمين في مقالة له بصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، قائلا إن هذه المخاوف دفعت 100 ألف من مسيحيي مصر إلى الخروج من البلاد منتقدا في الوقت ذاته، بعد أن عدّد نجاحات مرسي في استعادة صلاحياته التنفيذية والتخلص من وزير الدفاع ورئيس الأركان السابقين، محاولة مرسي للهيمنة على بقية مفاصل الدولة بعد تعيين وزير إعلام ينتمي إلى جماعة الإخوان وإحاطة مرسي نفسه بأعضاء جماعة الإخوان وعدد من المتعاطفين مع آيديولجيته.

لكن سالي رأفت (35 عاما) لا تتفق مع رؤية روس لأحوال الأقباط في مصر، قائلة إن هناك من يحاول تضخيم الأمور دائما، خاصة فيما يتعلق بالأقباط ومخاوفهم، ليس هناك إلا حوادث بسيطة، لكن هناك أطرافا سعت لتضخيمها ولا نشعر بما يقول البعض إنه مخاوف.

ومن جانبه يرى تامر باهور (27 عاما)، ويعمل بشركة اتصالات، أن كثيرا من الذين يتحدثون عن حقوق الأقباط في مصر هم أكثر الناس تزييفا ولا يظهرون وجههم الحقيقي، ويحاولون الحصول على مكاسب سياسية من وراء متاجرتهم بهذا الموضوع. ويتابع باهور: «الإخوان يسعون إلى الحكم لأطول فترة ممكنة، ولذلك فإنهم يحاولون إظهار معاملة طيبة للأقباط بينما يقومون بأفعال تغضب الأقباط من وراء الستار». وشهدت مصر خلال الفترة الانتقالية، قبل انتخاب مرسي رئيسا للبلاد، حوادث دامية كان المسيحيون طرفا أصيلا فيها، ما بين حرق عدد من الكنائس، على خلفية اشتباكات مع إسلاميين متشددين ينتمون للتيار السلفي، ومواجهات مع قوات للجيش، مرورا بحوادث اشتباكات طائفية بين مسلمين ومسيحيين وعمليات تهجير محدودة بداية من برج العرب نهاية بحادثة دهشور الأخيرة، والتي منع الأمن المصري تجددها أمس بعد أن رفع مسلمون لافتات للمطالبة بالقصاص، منذرين بتجدد الاشتباكات مرة أخرى، حيث يخشى مسيحيون أن يتسبب وصول مرسي إلى الحكم في تقييد حرياتهم الدينية والشخصية والتضييق عليهم من قبل تيارات متشددة قد تطلق يدها في عهد مرسي وتفرض قيودا من تلقاء نفسها على حرية المسيحيين.

من جانبها، قالت ماري أشرف (20 عاما)، طالبة بكلية الفنون الجميلة، إن المخاوف الآن ليست متعلقة فقط بالمسيحيين ولكنها مخاوف كثير من المواطنين المصريين من أن يتغير شكل مصر بغض النظر عن الجانب الديني أو المخاوف المتعلقة بطائفة دينية دون غيرها، وما بين المتاجرة لأغراض سياسية بقضايا مسيحيي مصر من جهة ومخاوف حقيقية.

من جهة ثانية، يصر تيار الإسلام السياسي في مصر على أنه سيطبق الشريعة الإسلامية التي تتسامح مع غير المسلمين دون تشدد أو تفريط بل تحفظ حقوق الجميع.