«إخوان مصر» يلوحون بقلب قواعد اللعبة الدستورية بالحديث عن تطبيق «الشريعة»

موسى لـ «الشرق الأوسط»: اللجوء للتصويت في «التأسيسية» خطر على مصداقية الدستور

TT

بدأت قيادات بارزة في جماعة الإخوان المسلمين في مصر الحديث صراحة عن حق الأغلبية في تطبيق «الشريعة الإسلامية»، وهو أمر يثير مخاوف المسيحيين المصريين والقوى الليبرالية، في وقت تسيطر فيه قوى الإسلام السياسي على أغلبية مقاعد الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد.

لكن شخصيات ليبرالية مرموقة تشارك في أعمال «الجمعية التأسيسية» لا تزال تطمئن المصريين بأن عمل الجمعية يعتمد مبدأ التوافق، وإن حذرت من خطر اللجوء إلى التصويت كآلية لاعتماد نصوص الدستور الجديد، وهو ما اعتبره عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عضو الجمعية التأسيسية، بمثابة «خطر على مصداقية الدستور».

وفي تغريدة له أمس، قال القيادي الإخواني البارز الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان: « يصح لديمقراطي أن يعترض على حق الأغلبية في تطبيق الشريعة الإسلامية».

العريان وهو عضو في الجمعية التأسيسية للدستور تحدث أيضا عن أنه لا يمكن لـ«عاقل» أن يلغي الدين من حياة المصريين، وهو ما أعاد إلى الأذهان حديث الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان، قبل أيام، عن أن «الشريعة الإسلامية» هي الدستور الحاكم «لكل مفاهيم الحياة»، وأن القرآن جاء ليصلح حال الناس، مسلمين وغير مسلمين.

وتنص المادة الثانية في الدستور الذي اعتمدته مصر خلال العقود الثلاثة الماضية على أن «الإسلام هو دين الدولة وأن اللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع».

وأعلنت قوى إسلامية ممثلة في الجمعية التأسيسية عن عزمها الضغط من أجل أن تصبح أحكام الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وهو أمر قد لا يرضى عنه نحو 8 ملايين مسيحي مصري، ومعظم القوى السياسية الليبرالية واليسارية.

ونجح مرسي خلال الشهر الحالي في تعزيز قبضته على السلطة بعد أن أحال المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع رئيس المجلس العسكري، والفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش إلى التقاعد، وأسقط أيضا الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره «المجلس العسكري»، واحتفظ فيه بحق تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور إذا ما أعاق عمل الجمعية الحالية أي عائق، وهو أمر محتمل أن تواجهه الجمعية للمرة الثانية، حيث تنتظر حكما يفصل في مدى قانونيتها.

وتنامت مخاوف قوى ليبرالية من إحكام سيطرة مرسي على مقاليد السلطة، وما يمكن أن يترتب عليه من تغيير القواعد الدستورية في البلاد، لكن شخصيات ليبرالية مرموقة مشاركة في عمل الجمعية التأسيسية لا تزال تطمئن المصريين على سير العمل في الدستور الجديد.

وأكد عمرو موسى، عضو الجمعة التأسيسية، لـ«الشرق الأوسط» أن الجمعية تعتمد مبدأ التوافق في قراراتها، لكنه علق على حديث القيادات الإخوانية بشأن تطبيق الشريعة قائلا إن «أي مواد تتعلق بالشريعة لا بد أن تكون منضبطة جدا.. الشريعة لها الاحترام الكامل إنما لكل مقام مقال.. هذا الدستور هو وثيقة اليوم وغدا ولا بد أن يخرج الدستور الجديد معبرا عن التنوع في المجتمع المصري، خاصة ونحن نسترشد بوثيقة الأزهر.. المهم أن يكون الأساس فتح آفاق الحياة والإبداع والفكر».

وأشار موسى الذي خاض الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلى وجود أصوات داخل الجمعية التأسيسية ترغب في فرض أفكارها على الدستور الجديد، بما قد يؤثر على مبدأ مدنية الدولة.

وحذر موسى من اللجوء إلى التصويت في إقرار مواد الدستور الجديد، قائلا إن «اعتماد آلية التصويت لإقرار مواد الدستور سيكون له رد فعل خطير على مصداقية الدستور.. ونحن نعمل على أن يظل التوافق حول المواد هو الأصل والقاعدة».

وكانت القوى السياسية قد توافقت على أن تكون آلية اعتماد مواد الدستور بالتوافق أولا، وإذا لم يحدث فبموافقة 67 عضوا، وفي حالة الخلاف يتم إرجاء التصويت لمدة 48 ساعة ويتم إقرار المادة محل الخلاف بموافقة 57 عضوا. وعقب تشكيل الجمعية التأسيسية الثانية انسحبت قيادات ليبرالية من عضويتها قائلة إن القوى الإسلامية ضمنت لنفسها الأغلبية.

وقضت محكمة قبل شهور بحل التشكيل الأول للجمعية التأسيسية بسبب وجود برلمانيين في عضويتها، وقد هيمن الإسلاميون الذين حازوا أغلبية البرلمان على تشكيل الجمعية التأسيسية الأولى.