المصريون يبحثون عن الاستقرار السياسي بعد ماراثون «رمضاني» عاصف

حددوا أولويات المستقبل ببناء حياة عادلة وكريمة

TT

بحس فكاهي لخص أعضاء موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي أحداث شهر رمضان السياسية المتلاحقة في مصر، وبإطلالة ساخرة من (شيطان) يحدث المصريين قائلا: «يعني أسيبكم 30 يوم أرجع ألاقي الجنزوري اتشال وطنطاوي اتشال وكمان عنان والرويني وبدين، وكمان الإعلان الدستوري اتلغى»، مختتما حديثه آسفا بعبارة سينمائية شهيرة: «شقى عمري راح». وتلخص العبارة أحداثا ساخنة على الساحة السياسية، عاشها المصريون على مدار شهر رمضان المبارك، نتيجة قرارات رئاسية مفاجئة وصفت بـ«القنبلة»، تلخصت في قيام الرئيس محمد مرسي بإحالة وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان إلى التقاعد وتعيينهما مستشارين له، وكذلك تقاعد عدد من قادة الأفرع الرئيسية بالقوات المسلحة، وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة في شهر يونيو (حزيران) الماضي، وإصدار إعلان دستوري جديد منح نفسه بموجبه سلطة التشريع، وما سبق ذلك من قرارات أخرى بإقالة قائد الشرطة العسكرية اللواء حمدي بدين، ومدير المخابرات اللواء مراد موافي، وقائد الحرس الجمهوري ومحافظ شمال سيناء، على خلفية حادث تفجير رفح الحدودي الذي راح ضحيته 16 مجندا.

وشهد شهر رمضان أيضا تطورات أخرى منها تعيين نائب للرئيس هو المستشار محمود مكي، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الدكتور هشام قنديل خلفا لحكومة الدكتور كمال الجنزوري، ثم تعيين وزير جديد للدفاع.

وهي حزمة القرارات التي وصفها مراقبون ومحللون بأنها تصب في مصلحة مرسي لتعزيز قبضته على السلطة في البلاد، بينما ينظر إليها رجل الشارع باعتبارها بداية لمرحلة جديدة بالبلاد، يتمنى فيها الجميع أن يسود الاستقرار السياسي، والتنعم بالهدوء بعد أشهر طويلة من الصخب والصراع السياسي.

وهي الأمنيات التي يمكن الاستماع إليها على ألسنة المصريين حاليا وهم يقضون عطلة عيد الفطر، والتي يعتبرونها بمثابة «فاصل» على طريقة البرامج التلفزيونية، يعودون بعدها إلى مائدة السياسة مرة أخرى.

في إحدى وسائل المواصلات العامة، يقول الخمسيني رضا متولي: «أحداث كثيرة شهدها شهر رمضان الذي ودعناه قبل ساعات، لكنها ستحدد شكل العمل في الأشهر القادمة». ويتابع: «بعد مرحلة التطهير التي بدأها الرئيس مرسي، يجب أن يدخل على مرحلة البناء وتعمير البلاد، أتمنى أن ننعم بالاستقرار بعد حالة طويلة من الارتباك السياسي». وينهي حديثه داعيا الله: «رب اجعل هذا البلد آمنا»، مبينا أنه الدعاء الذي لم يفارق لسانه طوال شهر رمضان.

وبلغة رياضية يتحدث الشاب محمد وهدان (28 سنة) قائلا: «لعب الرئيس مرسي بذكاء، فجاء الفوز لصالحه بضربة معلم في الوقت القاتل». ويضيف: «الآن خيوط اللعب كلها بأيدي الرئيس، يجب عليه أن ينفذ وعوده الانتخابية التي قطعها على نفسه، الشعب ينتظر منه نتيجة تصب في صالحه». ولا تخلو أحاديث المصريين في الوقت الراهن من الإشارة إلى أولويات رئيس البلاد، وما يجب عليه خلال الفترة المقبلة من أجل تحديد ملامح المستقبل. وهو ما تذهب إليه الطالبة الجامعية، ندى مجدي، التي ترى أن الرئيس مرسي الآن أمام مسؤولياته كاملة، بمعنى أنه هو الوحيد المسؤول عن تصريف شؤون مصر، موضحة أن ما يقع على عاتقه الآن هو إعادة الاستقرار للشارع على كافة المستويات.

، بداية من إعادة الأمن العسكري في سيناء والقضاء على الجماعات الإجرامية بها، مرورا بالأمن المعيشي من خلال توفير الكهرباء والماء للبسطاء، وانتهاء بالأمن الاجتماعي بضمان حياة كريمة لكل المصريين.

وعلى المنوال نفسه يرى خالد محمد (27 عاما) أن «الرئيس أمام مهمة صعبة جدا بعد مرور أكثر من خمسين يوما في السلطة»، مضيفا: «صفقنا للرئيس على ما اتخذه من قرارات صائبة، لكن عليه الآن أن يبدأ مرحلة الجد، الناس تنتظر منه الكثير خارجيا وداخليا، فيجب عليه أن يعمل جاهدا لكي تستعيد مصر سريعا مكانتها وقيمتها الحقيقية، وأن يكفل لنا العيش والحرية والعدالة الاجتماعية».