تجار «أسلحة» الأطفال في العراق يزاحمون الجماعات المسلحة

عراقيون لـ «الشرق الأوسط» : ثقافة العنف استشرت في عقول صغارنا والحكومة لا تفعل شيئا

صبية عراقيون مدججون بـ«أسلحة» بلاستيكية يحاكون عملية خطف (أ.ب)
TT

لم يتوعد تنظيم القاعدة أو الجماعات المسلحة العراقيين بالمزيد من التفجيرات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة أو اللاصقة خلال أيام العيد فحسب، بل تهيأ للعيد تجار متسلطون ومقربون من أصحاب القرار عبر مزيد من العمليات التجارية المخربة التي لا تقل إرهابا ورعبا عن العمليات الإرهابية التي تتعرض لها البلاد بين فترة وأخرى.

وطبقا للإحصاءات الرسمية التي توردها الجهات الصحية والأمنية خلال أيام الأعياد خصوصا، فإن هناك العشرات من الأطفال ومثلما هو في كل عام، أصيبوا بعاهات مستديمة، أو حتى تعرضوا للموت، بسبب إغراق السوق العراقية بألعاب العنف والقتال البلاستيكية بأشكالها وأسمائها المشابهة لأسلحة الكبار كالبـ«البي كي سي» والقناص و«الكلاشنيكوف» وغيرها وبعضها يحمل أجهزة ليزرية أو يطلق أعيرة تحتوي مادة متفجرة أو طلقات بلاستيكية صلبة قد تؤذي العينين في حال تعرضهما مباشرة لتلك المواد.

يقول البائع ماهر أحمد من سكان منطقة السيدية، جنوب غربي بغداد، لـ«الشرق الأوسط»، « معظم الصغار يطلبون ألعاب السلاح، خصوصا في أيام الأعياد، وهي متوفرة في أسواق الجملة بشكل كبير على الرغم من الدعوات الكثيرة التي طالبت بها جهات عدة لأجل منعها من التداول». ويضيف «الأطفال تأثروا كثيرا بأحداث العنف التي واجهت العراق طيلة السنوات الماضية وانعكس ذلك على اختياراتهم في الألعاب ويحاولون عبرها التشبه بالمارينز الأميركيين أو حتى القوات الأمنية العراقية المنتشرة بكثرة في الأحياء والأزقة».

المواطن أبو ياسر من سكان منطقة المنصور، أب لطفلين، قال «بعض قطع الأسلحة تشبه إلى حد كبير الأسلحة الحقيقية، وباتت تتسبب بمشاكل لدى العائلة العراقية التي تحاصرها الأسلحة والإطلاقات النارية حتى داخل بيوتها، وقد تجر لمعارك عنيفة بين أبناء الحي الواحد تصل إلى مراكز الشرطة أو الفصل العشائري لا سيما عند إصابة طفل بعاهة بسبب سلاح ناري، أو اختراق خرز صغيرة جسده بسلاح آخر من النوع المسمى بـ(أبو الصجم)». ويضيف: «حروب النظام السابق وتشجيعه على حمل الأسلحة بل عسكرته للمجتمع سبب في انتشار مثل تلك الألعاب، لكن عدم اتخاذ إجراءات صارمة من قبل الحكومة الجديدة يؤكد حقيقة أساسية وهي استشراء الفساد المالي والإداري في كل مفاصل الدولة».

وكثيرا ما حذرت جهات رسمية وشعبية ومجتمعية من النتائج المترتبة على استيراد هذا النوع من الألعاب الخطرة على الإنسان العراقي لا سيما الصغار بعد أن دخلت ثقافة العنف كجزء من تكوينه. وكانت وزارة الداخلية العراقية قد طالبت الأمانة العامة لمجلس الوزراء بتشريع قانون يمنع استيراد ألعاب الأطفال المحرضة على العنف، وفرض ضرائب عالية على مستوردي الألعاب من دون ضوابط الأمر الذي رفضته الأمانة بسبب عدم وجود غطاء قانوني لتلك الضرائب. وتضمنت تعليمات الوزارة منع تداول الألعاب المحرضة على العنف، والتي تثير الرعب لدى الصغار مثل المفرقعات والألعاب ذات الأصوات النارية العالية مع حصر منشأ الألعاب في الصين واليابان فقط، محذرة من الطرق غير المشروعة لإدخالها للأسواق العراقية عبر المنافذ الحدودية وتحديدا محافظة السليمانية إذ تدخل عبر وضعها في علب الحلوى أو المأكولات الخاصة بالأطفال.