الأزمة السورية تلهب أسعار ملابس العيد في أسواق العراق

تجار ومستوردون لـ«الشرق الأوسط»: معظم معابر التجارة أغلقت ونبحث عن بدائل

TT

تشهد الأسواق العراقية، لأول مرة منذ سنوات، ارتفاعا غير مسبوق في أسعار منتجاتها، خصوصا ملابس العيد ومستلزماته الأخرى، بسبب الأحداث الأخيرة في سوريا، وتراجع إمدادات البضائع المستوردة منها، مما دعا التجار إلى البحث عن بدائل أخرى كالاستيراد من تركيا أو الصين أو دول شرق آسيا.

ومع مرور نحو 17 شهرا على الانتفاضة السورية تتراجع إمدادات البضائع السورية للعراق ببطء، في حين اضطر رجال الأعمال السوريون إلى إنهاء أعمالهم، وتجد الشاحنات صعوبة بالغة في عبور الحدود وسط التوترات والإجراءات الأمنية المشددة التي تشهدها.

ويقول البائع حيدر مناتي، في سوق الرصافي وسط بغداد، إحدى أشهر أسواق الملابس، لـ«الشرق الأوسط»، إن معظم التجار عزفوا عن الاستيراد من سوريا هذا الموسم بسبب خطورة الأوضاع الأمنية فيها، مما استدعى اختيار دول أخرى مثل تركيا والصين لسد حاجة السوق العراقية. وأضاف «الملابس التركية تمتاز بجودتها لكن أسعارها مرتفعة وغير ملائمة لذوي الدخل المحدود أو حتى المتوسط، أما الصناعة الصينية فهي رديئة ولا تناسب أذواق الجميع على الرغم من اكتساحها الأسواق وانخفاض أسعارها». وشكا مناتي من صعوبة التعامل مع المستوردين من دول أخرى بسبب فرضهم أسعارا مرتفعة على بضاعتهم واستغلال حاجة السوق العراقية، في وقت تعاني فيه الصناعة المحلية من انهيار كبير بسبب عدم توفير المستلزمات الأساسية لنهوضها، وتوقف معظم المصانع المهمة في البلاد منذ أحداث عام 2003 وحتى الآن.

أما التاجر حسام الدين شريف، صاحب محلات «الكوخ» الشهيرة في بغداد، فقال «إن الواردات العراقية تبحث الآن عن موانئ أخرى. كما أن النقل البري يزداد صعوبة. وهناك ثلاثة معابر حدودية بين العراق وسوريا أحدها خضع لسيطرة مقاتلي المعارضة لفترة وجيزة قبل أن تستعيده قوات الأسد».

ويعد معبر «البوكمال – القائم» على بعد نحو 300 كيلومتر إلى الغرب من بغداد على الطريق السريع، المطل على نهر الفرات، من المسارات التجارية الرئيسية في الشرق الأوسط لكنه مغلق أمام التجارة منذ نحو عام بسبب أزمة سوريا.

وأضاف شريف «حصول الارتفاع في الأسعار نتيجة معروفة بسبب نقص البضاعة السورية المطلوبة في العراق بشدة لجودتها وقلة تكاليفها، على الرغم من أن بعض التجار عمدوا إلى تخزينها قبل شهور تحسبا للأزمة». وتابع «كنت أحصل على 50 علبة في طلبية واحدة، لكن في الأسبوع الماضي حصلنا على أربع فقط.. إنهم يخشون الوضع الأمني على الطريق لأن الكثير من الشاحنات تسرق أو تتعرض للخطر».

ويقول مسؤولون عراقيون في مجال التجارة والأعمال إن قدرة سوريا على التصدير تقلصت أيضا بسبب العقوبات الأوروبية والأميركية الصارمة. وأغلقت العديد من الشركات السورية مصانعها أو قللت من الإنتاج.

وبقيت النقطتان الحدوديتان العراقيتان الأخريان مفتوحتين أمام شاحنات البضائع، لكن مصادر في الجمارك فيهما قالت إن عدد الشاحنات العابرة تقلص بشدة خلال الأسابيع الأخيرة بسبب خطورتها وانعدام الأمن هناك.

بدوره، دعا المواطن ياسين نعمة (35 عاما) السلطات إلى حماية السوق العراقية من جشع التجار، وتحكمهم في الأسعار والحد من استيراد البضائع الرديئة كونها تشكل عبئا على البلاد من الناحية الاقتصادية في ما بعد. وتقول المواطنة بشرى صادق، إحدى المتبضعات من سوق شارع النهر، إحدى الأسواق القديمة، إن «غالبية البضائع الموجودة في السوق إما رديئة وفاسدة أو غالية الثمن، لكن التجار يجدون العيد فرصة ذهبية لتصريفها واستغلال حاجة الناس لملابس العيد». وأضافت «حاجة الناس لملابس العيد دفعتهم إلى العودة مجددا إلى أسواق البالات (الملابس المستعملة) بعدما تراجع نشاطها في السنوات الأخيرة».