نائب رئيس الحكومة السورية: مستعدون لمناقشة استقالة محتملة للأسد

أوباما: الأسلحة الكيماوية «خط أحمر».. ومجرد نقلها قد «يغير حساباتي» > روسيا والصين تحذران من تجاوز الأمم المتحدة

TT

أعلن نائب رئيس الحكومة السورية، قدري جميل، أمس، أن سوريا مستعدة لمناقشة استقالة محتملة للرئيس السوري، بشار الأسد، في إطار مفاوضات مع المعارضة. وذلك عقب يوم من تحذير وجهه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، للأسد من عواقب تخطي «الخط الأحمر» باستعمال أسلحة كيماوية وبيولوجية ضد شعبه، موضحا أنه لم يصدر أوامر (حاليا) بتحركات عسكرية معينة نحو سوريا، لكنه قد يغير «حساباته» إذا ما أقدم النظام السوري على استخدام أسلحة كيماوية، حتى لو كان ذلك بمجرد نقل أسلحة غير تقليدية بشكل ينطوي على تهديد، بينما حذرت روسيا والصين الغرب من القيام بعمل منفرد في سوريا، مؤكدتين على الحاجة إلى «الالتزام بصرامة بمعايير القانون الدولي والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وعدم السماح بانتهاكها».

وأعلن قدري جميل، في مؤتمر صحافي بموسكو، أن سوريا مستعدة لمناقشة استقالة محتملة للرئيس السوري، بشار الأسد، في إطار مفاوضات مع المعارضة. وقال المسؤول السوري: «خلال عملية المفاوضات يمكن دراسة كل المسائل، ونحن مستعدون حتى لدراسة هذه المسألة»، لكنه اعتبر أن فكرة «الاستقالة، كشرط لإجراء حوار، تعني أن من المستحيل البدء بهذا الحوار».

كما أوضح جميل أن التدخل العسكري الخارجي في سوريا «مستحيل»، لأنه سيؤدي إلى مواجهة تتجاوز حدود البلاد. وكان قدري يرد في ما يبدو على تهديد أوباما بأن تتحرك القوات الأميركية إذا استخدمت سوريا أسلحتها الكيماوية. وقال جميل إن «التدخل العسكري المباشر في سوريا مستحيل، لأن من يفكر فيه أيا كان، إنما يدخل في مواجهة أوسع نطاقا من حدود سوريا»، مشيرا إلى أن تهديد أوباما لـ«الاستهلاك الإعلامي».

وكان أوباما قال في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، مساء أول من أمس: «أوضحت مرارا أن الرئيس بشار الأسد فقد شرعيته، وأن عليه الاستقالة من منصبه. لكن، حتى الآن لم ينفذ ذلك، وبدلا من ذلك يعمل على مضاعفة العنف ضد شعبه». وأضاف أن المجتمع الدولي بعث رسائل واضحة إلى الأسد بأنه بدلا من جر بلاده إلى حرب أهلية، ينبغي عليه التحرك نحو الانتقال السياسي.

لكن أوباما عبر عن تشاؤمه بأن الأسد سيفعل ذلك، وقال: «في هذه المرحلة، يبدو احتمال هبوط سهل بعيدا جدا». وأشار أوباما إلى أن الولايات المتحدة تحرص على أن تقدم مساعدات إنسانية كافية للمتضررين من الحرب في سوريا، وأن جملة ما قدمته وصل إلى 82 مليون دولار، وستقدم المزيد، وذلك حتى تتأكد من أن مئات الآلاف من اللاجئين الذين يفرون من الحرب لن يعانوا كثيرا أو يسببوا زعزعة استقرار بعض الدول المجاورة لسوريا.

وعن دعم الولايات المتحدة للمعارضة السورية، قال أوباما: «نقدم - بالتشاور مع المجتمع الدولي - بعض المساعدة للمعارضة حول كيفية تحقيق انتقال سياسي، وحول المبادئ التي ينبغي التمسك بها عن حقوق الأقليات وحقوق الإنسان».

وعبر أوباما عن قلقه بسبب أسلحة الأسد الكيماوية والبيولوجية، وقال: «في الوقت الحاضر، لم أصدر أمر مشاركة عسكرية.. لكن موضوع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية موضوع مهم. هذه مسألة لا تتعلق فقط بسوريا، ولكن لدينا حلفاء في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل. وهذه مسألة تتعلق بنا أيضا، ونحن لا يمكن أن نقبل وضعا تصل فيه الأسلحة الكيماوية والبيولوجية إلى الناس الخطرين»، موضحا أن الحكومة الأميركية أبلغت نظام الأسد مرات كثيرة، وأيضا دولا في المنطقة، بأن ذلك الموضوع «خط أحمر». وخلال المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض، الذي عقد من دون إعلان سابق وركز فيه أوباما على الانتخابات الرئاسية، أجاب أوباما عن سؤال عن مدى اطمئنانه حول أسلحة الأسد الكيماوية والبيولوجية، بقوله: «في هذا الوضع المتقلب، لا أقول إنني واثق تماما. لكن أقول إننا نرصد الوضع في عناية فائقة.. وضعنا مجموعة من خطط الطوارئ، وأبلغنا بعبارات لا لبس فيها دول المنطقة أن هناك خطا أحمر بالنسبة لنا. وستكون هناك عواقب هائلة إذا بدأنا نشهد تحركات حول الأسلحة الكيماوية.. سيغير ذلك حساباتي تغييرا كبيرا».

من جهتها، وفي الوقت الذي انتقدت فيه موسكو ما صدر عن فيكتوريا نولاند، المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية، حول أن واشنطن لا تستبعد التعامل مع سوريا خارج إطار مجلس الأمن الدولي لأنها لا تتوقع أن يتمكن أعضاء المجلس من حسم خلافاتهم حول سوريا، أعلن سيرغى لافروف، وزير الخارجية الروسي، في معرض لقائه مع داي بينغو، عضو مجلس الدولة الصيني، أمس، في موسكو، اتفاق بلاده مع الصين حول ضرورة رفض أي عمل يستهدف أي دولة لا توافق عليه الأمم المتحدة.

وأشار الوزير الروسي: «لدى روسيا والصين، في إطار تنسيق السياسة الخارجية، معيار موثوق به لتحديد خطواتهما كافة، في مجال السياسة الخارجية، وهو المعيار الذي يستوجب التقيد بمبادئ القانون الدولي وعدم انتهاك مبادئ ميثاق الأمم المتحدة». وأضاف بقوله: «إن هذا هو الطريق الصحيح في الظروف الحالية». وكان المبعوث الصيني التقى في موسكو أيضا كلا من الرئيس فلاديمير بوتين، ونيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن القومي.

وكان لافروف استقبل، أمس، أيضا في موسكو، قدري جميل، نائب رئيس الحكومة السورية للشؤون الاقتصادية، حيث استهل اللقاء بإعرابه عن أمله في الاستماع إلى تقدير الوفد لمجريات الأوضاع في سوريا ومعرفة ما يضمرونه من خطط للانتقال بالوضع إلى مسار الحوار السياسي، حتى يتمكن السوريون من تقرير مصيرهم بأنفسهم ومن دون تدخل خارجي، حسب تعبيره.

ومن جانبه، أكد قدري جميل أن «التدخل الخارجي يعد المشكلة الرئيسية في عملية تسوية الأزمة بطرق سلمية»، وقال إن «الحكومة السورية تحاول إيجاد مخرج من الوضع الحالي، وتعمل تحت شعار المصالحة الوطنية».

وكانت وزارة الخارجية الروسية أصدرت بيانا تدعو فيه إلى التوقف عن إمداد المعارضة بالأسلحة، مشيرة إلى ما جرى الإعلان عنه حول تهريب هذه الأسلحة الواردة من بلدان أخرى، ومنها تركيا وليبيا ولبنان، بتمويل من جانب بعض الدول.

وكان لافروف استبق لقاء الأمس بتصريحات قال فيها إن «الدول الغربية لا تستطيع، بل لا تريد، الاتفاق على حل الأزمة السورية»، مشيرا إلى أن ممثليها لدى مجلس الأمن الدولي رفضوا اقتراح روسيا لإصدار قرار باتخاذ البيان الصادر عن اجتماع مجموعة العمل حول سوريا في جنيف أساسا للمباحثات الهادفة إلى إنهاء النزاع في سوريا، وأضاف أن هذا الموقف «يثير قلقنا». واتهم لافروف الغرب بأنه يجنح نحو حل الأزمة السورية عبر ما وصفه بـ«ديمقراطية القنابل». وكانت الخارجية الروسية عادت إلى تأكيد عدم جواز تهريب السلاح إلى سوريا، بينما حذرت من مغبة مثل هذا النشاط.

وأشارت إلى أن تسليح المعارضة مسألة خطيرة جدا، لا سيما في ظل تزايد نشاط «العناصر الإرهابية» على الأراضي السورية، التي ترتبط (حسب قولها) بشبكات الإرهاب والتطرف الدولية.

وأضاف لافروف أنه «بالنظر إلى ما نشهده في سوريا، نرى أن ما تم اتخاذه من خطوات لحل الأزمة ليس كافيا، ولكننا نعتقد أنه لا سبيل أمام سوريا سوى الاستمرار في هذا الخط (المصالحة الوطنية)». وأكد أن الوضع السوري يتأثر بـ«العوامل الخارجية»، مشيرا إلى «حقيقة أن قسما كبيرا من الشعب السوري ليس راضيا عن أحواله، ولهذا تغدو المصالحة الوطنية المهمة في المقام الأول».

وعاد الوزير الروسي إلى تأكيد ضرورة تنفيذ اتفاق وقف العنف وبدء الحوار بين الحكومة والمعارضة، وهو الاتفاق الذي قبلته الحكومة السورية. وأضاف: «إننا نتمسك باتفاقات جنيف التي تطور وتدقق خطة كوفي أنان. ونعتقد أن ذلك هو الطريق الوحيد للوصول إلى وقف إراقة الدماء في أسرع وقت».