القضاء السوري يلوح بمذكرات ملاحقة لقيادات لبنانية «تدعم المجموعات المسلحة»

سليمان وبري ينددان بظاهرة خطف السوريين.. و«المجلس الوطني» يتهم جهات أمنية وحزبية

TT

أعلن النائب العام الأول في دمشق القاضي مروان لوجي، أن السلطات القضائية السورية تستعد لملاحقة نواب وشخصيات لبنانية بتهمة دعم «المجموعات المسلحة» في سوريا ومدها بالسلاح والمال.

ونقلت قناة «المنار» اللبنانية، الناطقة باسم حزب الله، عن لوجي قوله، إن القضاء السوري يعد مذكرات ملاحقة واستجواب بحق شخصيات ونواب لبنانيين بتهمة «تأمين المأوى والملاذ الآمن، والتحريض والتمويل وتقديم السلاح للمجموعات المسلحة السورية الخارجة على سلطة الدولة والقانون». وقال «هناك حاليا نواب لبنانيون متهمون بالمشاركة والدعم للجماعات الإرهابية في سوريا؛ سواء بالمال أو السلاح أو الغذاء، وتسهيل دخولها إلى سوريا».

وفي حين لم يكشف لوجي عن الجهات والشخصيات التي ستتم ملاحقتها بانتظار انتهاء التحقيقات، نقلت قناة «المنار» عن مصادر سورية أخرى اتهامها مسؤولين ونوابا في تيار المستقبل، منهم رئيسه سعد الحريري والنائبان خالد ضاهر وعقاب صقر، إضافة إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بدعم مجموعات معارضة.

وقال رامي الريس، مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يتزعمه جنبلاط، لـ«الشرق الأوسط» إن «الخبر قلما يستحق التعليق لأنه صادر عن نظام لا يحترم القانون والمؤسسات، وهو آخر من يحق له أن يصدر مذكرات توقيف»، مؤكدا أن «ضميرنا مرتاح جدا بالوقوف إلى جانب الثورة والشعب السوري».

ويأتي الإعلان عن هذه المذكرات بعد ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية في لبنان سامي صادر على الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة بتهمة التخطيط لعمليات إرهابية واغتيال شخصيات دينية وسياسية وإثارة الاقتتال الطائفي في لبنان ونقل وتخزين عبوات ناسفة من سوريا إلى لبنان بالتعاون مع مدير مكتب الأمن القومي السوري علي مملوك.

وفي سياق متصل، أكد مصدر قيادي في تيار المستقبل الذي يرأسه الحريري لـ«الشرق الأوسط» أن «تحريك هذه المذكرات يأتي بعد الانهيار الواضح لأركان النظام السوري وانكشاف المخطط الإرهابي لرأس هرم هذا النظام بواسطة ميشال سماحة»، معربا عن اعتقاده بأن «الهدف منها هو محاولة التغطية والتعمية عن ملف سماحة، تماما كما حاولوا التغطية على قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، رئيس الوزراء الأسبق، عندما اخترعوا ملف شهود الزور».

وكانت السلطات القضائية السورية أصدرت في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) 2010 مذكرات توقيف بحق 33 شخصية لبنانية وأجنبية، بينهم سياسيون وأمنيون وقضاة وإعلاميون، بشبهة تورطهم بـ«فبركة شهادات زور» أمام لجنة التحقيق الدولية المكلفة بالنظر بجريمة اغتيال الحريري.

في موازاة ذلك، استنكر الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس «خطف رعايا سوريين وأتراك من قبل جهات لبنانية بقصد المبادلة، وهو عمل لا يساعد في حل القضية، بل يزيدها تعقيدا ويعرقل الجهود الرسمية المبذولة لإطلاقهم، فضلا عن أنه يسيء إلى سمعة لبنان وصورته». وأعرب عن أسفه وحزنه لعدم تمكن المخطوفين اللبنانيين في سوريا من تمضية عيد الفطر مع أهلهم وذويهم، داعيا قادة الدول الصديقة الفاعلة والمؤثرة لبذل الجهود من أجل إطلاقهم.

وشدد سليمان، خلال سلسلة اتصالات أجراها في اليومين الأخيرين مع المسؤولين القضائيين والأمنيين المعنيين على أن «المطلوب من السلطات القضائية المختصة التحرك فورا وإصدار الاستنابات اللازمة في موضوع الخطف والمواضيع الأمنية الأخرى التي حصلت سابقا وتحصل اليوم»، معتبرا أنه «لا يجوز إطلاقا اللجوء إلى الخطف واستباحة الأوضاع وكرامات الناس ومشاعرها وبث القلق في نفوس اللبنانيين والرعايا العرب والأجانب على السواء وهو أمر مرفوض من الجميع بكل استثناء ويجب وضع حد نهائي له».

من ناحيته، وجه رئيس مجلس النواب نبيه بري نداء بعنوان «نداء للعقل في لحظة الجنون»، سأل فيه: «أي مشهد وطني هذا الذي نتطلع إليه ويتطلع العالم إليه؟ خطف وقنص وقطع للطرقات ومجالس عسكرية للعشائر والمذاهب؟ من يغطي ما يجري؟ من الذي يريد للبنان كل هذا الشر». وأضاف: «غياب للمسؤولية السياسية ولدور المرجعيات والأحزاب والقوى إزاء ما يحصل؟ تقسيم وتقاسم للأدوار والشوارع والمناطق في وطن أصغر من أن يقسم؟ ترى هل تحول الوطن إلى رقعة للطوائف والمذاهب والجهات والفئات المتقاطعة؟ ألا نعلم أن من خطف أبناءنا أثناء عودتهم، أو في دمشق، إنما يريد خطف لبنان؟ كل يريد لبنان ساحة له، وبالتالي أين مساحتنا وساحتنا كلبنانيين؟ أم أننا ننسج مجلس (لوياجيرغا) اقتباسا من التجربة الأفغانية». وشدد على أنه «ليس من حاضن للجميع سوى الدولة رغم القصور والتقصير».

وتزامن موقفا سليمان وبري مع اتهام المجلس الوطني السوري «جهات أمنية وحزبية» بالوقوف خلف «حملة خطف واعتقال تعسفي» يتعرض له المواطنون السوريون في لبنان، من دون أن «تحرك السلطات الرسمية ساكنا تجاه تلك الحملة الشرسة التي تخالف القانون الدولي وحقوق الإنسان».

وأشار إلى أن مصير نحو 36 سوريا مخطوفين «لا يزال مجهولا»، منتقدا مداهمة «مخابرات الجيش اللبناني منزل الناشط وائل الخالدي الذي يعمل في مجال الإغاثة واعتقال اثنين من العاملين معه»، واعتقال المحامي السوري أحمد السوقي.