مصر تواصل العملية «نسر».. وقوات الأمن تستجوب فلسطينيين دخلوا البلاد بصورة غير شرعية

قلق إسرائيلي بعد دخول دبابات مصرية إلى شمال سيناء

مدرعات مصرية إلى شمال سيناء عقب مقتل 16 جنديا مصريا على الحدود مع إسرائيل قبل أسبوعين (أ.ب)
TT

قالت تقارير إسرائيلية أمس إن إسرائيل طالبت مصر من خلال الولايات المتحدة بوقف إدخال الدبابات المصرية والآليات الثقيلة إلى شبه جزيرة سيناء وإخراج القوات التي دخلت بالفعل، معبرة عن قلقها من وجود دبابات مصرية في شمال شبه الجزيرة. تأتي هذه التطورات وسط استمرار عمليات الجيش المصري بشمال سيناء لتطهيرها من البؤر الإرهابية. وداهمت قوات الأمن المصرية أمس عددا من المناطق في شمال سيناء واعتقلت عددا من الفلسطينيين يتم استجوابهم بشأن علاقتهم بقتل 16 جنديا مصريا على الحدود مع إسرائيل قبل أسبوعين.

ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن صحيفة «معاريف» أمس أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعث بواسطة البيت الأبيض الأميركي رسالة «شديدة اللهجة» إلى مصر، مطالبا بسحب الدبابات التي أدخلتها مصر - دون تنسيق مسبق مع إسرائيل - إلى شمال سيناء بصورة فورية، وطالبت الرسالة الإسرائيلية مصر بوقف إدخال قوات الجيش إلى سيناء بدعوى أن ذلك يشكل «خرقا خطيرا» لاتفاقية السلام بين الدولتين.

وأدخلت مصر قوات ومعدات عسكرية بينها دبابات ومعدات ثقيلة إلى شمال سيناء لمحاربة جماعات جهادية مسلحة ألقت مصر اللائمة عليها إثر مهاجمة نقطة أمنية مشتركة لقوات الشرطة وحرس الحدود المصرية قتل على أثرها 16 جنديا مصريا قبل نحو عشرة أيام، وهو ما عده مراقبون اختبارا مبكرا للرئيس الإسلامي الدكتور محمد مرسي في مواجهة التيارات المتشددة والتي تتبنى أفكارا متطرفة وتبيح قتل الجنود المصريين، ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن إسرائيل قلقة من الدبابات المصرية الموجودة في شمال سيناء، وإن «هذا خرق سافر لاتفاقية السلام». وتحظر اتفاقية السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل عام 1979، وجود قوات مسلحة تسليحا كاملا داخل المنطقة الأمنية (ج) من الجانب المصري والمنطقة (د) من الجانب الإسرائيلي، لكن وزير الدفاع المصري، المعين حديثا، الفريق أول عبد الفتاح السيسي أكد خلال زيارته لسيناء أول من أمس أن الجيش سيضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه العبث بأمن سيناء في إشارة ربما إلى اتخاذ الجيش المصري كافة الإجراءات اللازمة لتطهير سيناء من العناصر الجهادية، وكانت الحكومة الإسرائيلية المصغرة للشؤون السياسية والأمنية صدقت قبل أسبوع على إدخال مصر خمس مروحيات قتالية من طراز أباتشي إلى سيناء وإبقائها هناك من دون تحديد فترة زمنية.

ويقول اللواء دكتور أحمد عبد الحليم، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن إدخال قوات مصرية إلى سيناء لن يؤثر على العلاقات المصرية - الإسرائيلية نهائيا رغم الأصوات العالية التي تخرج من إسرائيل، وتابع عبد الحليم: «ما دامت مصر قررت أن تنتهي من الإرهاب في سيناء ودفعت بأجزاء من الجيش الثاني والجيش الثالث في سيناء فلا يجب أن تتوقف العمليات ضد الإرهابيين إلا بعد أن تحقق كل أهدافها».

إلا أن الصحيفة الإسرائيلية قالت إن حكومة تل أبيب تواجه وضعا معقدا في سيناء، فمن جهة توجد لإسرائيل مصلحة في محاربة مصر للخلايا المسلحة في سيناء، ومن الجهة الأخرى توجد لدى إسرائيل حساسية كبيرة تجاه وجود قوات كبيرة في سيناء خاصة في ظل الحكم الجديد للإخوان المسلمين في مصر، وهذا ما جعلها مرتبكة في رد فعلها حيال دخول قوات الجيش المصري إلى سيناء.

ويقول اللواء طلعت مسلم، الخبير الأمني والعسكري، إنه من الممكن أن يؤدي الدفع بقوات مصرية كبيرة على الحدود مع إسرائيل إلى تعكير صفو العلاقات بين البلدين. وتابع: «إسرائيل من الممكن أن تقبل تدخل القوات تحت ظروف معينة لكنها لا تسمح بتعديل أو تغيير بنود معاهدة السلام، وهي تعرف أن هذه الآليات مطلوبة لإتمام العملية والقضاء على البؤر الإرهابية خاصة الطيران المسلح والهليكوبتر خاصة أن الخلايا الإرهابية الصغيرة تختبئ غالبا في مخابئ غير معروفة ومناطق جبلية وعرة يصعب السيطرة عليها إلا باستخدام معدات عسكرية بعينها وأعتقد أن هناك نقصا معلوماتيا حول أماكن المسلحين وأماكن تجمعهم مما يؤخر ظهور نتائج هذه العمليات التي تقوم بها القوات المسلحة المصرية».

وميدانيا، قالت مصادر أمنية مصرية إن أجهزة الأمن المصرية شنت حملة مداهمات موسعة على الشاليهات والفنادق الموجودة بمدينة العريش لفحص جميع الفلسطينيين الموجودين داخل الأراضي المصرية والتأكد من هويتهم ودخولهم الأراضي المصرية بطريقة شرعية.

وقالت المصادر إن قوات من الشرطة المصرية تشارك مع قوات الجيش في العملية الأمنية «نسر» التي تنفذها السلطات المصرية ضد بؤر لجماعات متشددة. وأضافت المصادر أن أجهزة الأمن المصرية تقوم حاليا باستجواب عدد من الفلسطينيين الذين دخلوا الأراضي المصرية بطريقة غير شرعية متسللين عبر الأنفاق لمعرفة مدى علاقتهم بحادث الهجوم على النقطة الحدودية برفح.

وتابعت المصادر أنه لم يتم حتى الآن توجيه الاتهام إلى أي فلسطيني ممن يتم استجوابهم في الحادث، إلا أنها قالت إن بعض الموقوفين لهم صلة بتنظيمات جهادية داخل مصر وخارجها، وتابعت إنه تم خلال الفترة الماضية تحديد أماكن عشرات البؤر الإرهابية التي يختبئ بها الجهاديون خاصة بصحراء الشيخ زويد ورفح وإنه سيتم حصارها وضربها خلال الفترة المقبلة مدعومة بالعربات المدرعة وراجمات الصواريخ.

وعلى صعيد ذي صلة نددت حركة شباب الشيخ زويد في بيان لها، نشرته على صفحتها على الإنترنت، بقيام الحملات الأمنية بمداهمة منازل الأبرياء بناء على أجندات أمن الدولة السابقة واعتقالهم، وحذرت الحركة الأمن من عدم احترام عادات وتقاليد سيناء، خاصة الاقتراب من المرأة أو المساس بها، وحذر البيان القيادات الأمنية من استهداف المدنيين العزل بعشوائية بحجة القضاء على المتطرفين كما حدث في اعتقالات 2004 من قبل أمن الدولة المنحل، وتابع: «نحذر من استهداف المنازل بعشوائية دون تحديد الأهداف المراد استهدافها بدقة.. إذا أراد الأمن تحويل الشيخ زويد إلى إقليم بيشاور في باكستان فلا نستبعد أن تتحول المدينة إلى معاقل لطالبان»، مؤكدين دعمهم للأمن بشرط أن يكون عادلا.

ويقول اللواء عبد الحليم، إن تنمية سيناء أمر ضروري لمنع وجود البؤر الإرهابية مرة أخرى عقب القضاء عليها في هذه العملية. وقال: «إذا لم يصاحب العملية الأمنية عمليات تنمية وتعمير لسيناء ونقل أجزاء من السكان لها فإن الإرهاب سيعود مرة أخرى لسيناء في المستقبل خاصة أن التنظيمات الإرهابية منذ عمليات أفغانستان تطورت، فبعد أن كانت تنظيمات مركزية أصبحت تنظيمات لا مركزية تعتمد على خلايا نائمة في العديد من الدول والأماكن لا تعلم شيئا عن بعضها البعض ويتم تحريكها عن طريق بعض الجهات وهي ستظل موجودة ما دامت الأوضاع السياسية كما هي وما دامت إسرائيل ترفض حل مشكلة فلسطين وما دامت هناك أراض فلسطينية محتلة فستظل هناك عمليات مقاومة ضد إسرائيل».