مصر تستأنف مفاوضات «صندوق النقد» ومخاوف من تحمل الفقراء العبء

سياسيون: الشروط غامضة ورفع الدعم عن الطاقة كارثة

TT

تستأنف مصر اليوم مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي للاتفاق حول قرض بدأ الحديث عنه قبل نحو عام. ويثير القرض الذي قد تصل قيمته إلى نحو 5 مليارات دولار مخاوف قوى سياسية بشأن التوجه الاجتماعي والاقتصادي للبلاد في ظل حكم رئيس ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.

ومن المنتظر أن يجلس وفد صندوق النقد الدولي الذي وصل أمس إلى القاهرة قادما من واشنطن مع ممثلي حكومة الرئيس محمد مرسي، الذي سبق لحزبه (الحرية والعدالة) التحفظ على الاقتراض من الصندوق في ظل غياب الشفافية بشأن الشروط التي قد يطلبها البنك لإنجاز الاتفاق.

وتقول قوى سياسية معارضة إن الاقتراض في ظل غيبة برلمان منتخب واحتفاظ الرئيس مرسي بحق إصدار مراسيم بقوانين يؤثر على مبدأ الشفافية، خاصة أن حكومة الدكتور هشام قنديل الحالية، وحكومتي الدكتور عصام شرف والدكتور كمال الجنزوري السابقتين لم يكشفوا عن أبواب إنفاق القرض ولم يبينوا آليات سداده.

ورفعت ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك شعار العدالة الاجتماعية، لكن خبراء قالوا إن السياسات الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومات المتلاحقة منذ عام ونصف العام لم تنعكس إيجابيا على المواطنين الذين جأروا بالشكوى من تردي أحوالهم المعيشية بعد الثورة.

ويقول القيادي اليساري البارز عبد الغفار شكر إن «تجربة المصريين مع الاقتراض من صندوق النقد الدولي في عام 1991 كانت تجربة مؤلمة، فالفقراء تحملوا عبء ما سمي حينها ببرنامج الإصلاح الاقتصادي.. والذي بدأ بتخفيض الأجور.. وتغيير العلاقة الإيجارية للأراضي الزراعية، وخصخصة القطاع العام».

وتابع عبد الغفار شكر، وهو قيادي في حزب التحالف الشعبي: «نسمع الآن من وزير المالية (ممتاز السعيد) كلاما غامضا عن دعم الطاقة، وهو حديث مقلق جدا بل كارثي فرفع الدعم عن الطاقة يعني رفع أسعار الوقود وهو أمر لن يتحمله سوى الفقراء وتردي أحوالهم أكثر وأكثر».

وانتقد سياسيون إقدام حكومة قنديل ليس فقط على المضي قدما في مفاوضات صندوق النقد بل زيادة قيمة القرض من 3.2 مليار دولار إلى 4.8 مليار دولار، وقال الصحافي الاقتصادي وائل جمال في صحيفة «الشروق» المحلية إن «الاقتراض من الصندوق هو الحل السهل الكسول ومهرب سياسي يضمن استمرار مصالح نخبة الحكم الاقتصادية التي تصوغ حاليا عهود تصالحها مع نخب الحكم السياسية الجديدة».

ونظم آلاف العمال وقفات احتجاجية ودخلوا في إضرابات على مدار العام ومنتصف العام المنصرم، ورضخت الحكومات المتعاقبة لبعض مطالب العمال، لكن الإجراءات التي اتخذت لم ترض معظم المصريين الذين يعانون من فقر رزح تحت وطأته نحو 40 في المائة منهم.

وتشكو حكومات ما بعد ثورة 25 يناير من تردي الأوضاع الاقتصادية والبنية التحتية والفساد والترهل الإداري الذي طال جهاز الدولة وتحمل مسؤولية هذا الإرث لنظام مبارك، وتطالب مواطنيها بالصبر.

وكان وفد صندوق النقد قد وصل إلى القاهرة أمس، يترأسه الدكتور عبد الشكور شعلان، ممثل الشرق الأوسط في الصندوق، ومسعود أحمد، مدير عمليات الشرق الأوسط وآسيا بالصندوق، ومن المتوقع أن تجتمع رئيسة الصندوق كريستين لاغارد بالوفد، وتلتقي اليوم مسؤولين مصريين.