بن حميدان لـ «الشرق الأوسط»: قوى الثورة المضادة في تونس تمارس «انتفاضة الديك الذبيح»

كشف عن فساد تورط فيه سياسيون وإعلاميون في عهد الرئيس السابق بن علي

TT

كشف سليم بن حميدان القيادي بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (الحزب الذي أسسه المنصف المرزوقي سنة 2001) ووزير أملاك الدولة والشؤون العقارية في تونس، عن وجود حركة ثورة مضادة تقودها أطراف معنية بالكثير من ملفات الفساد التي كشف عن تفاصيلها بعد تسلمه مقاليد الوزارة، مشيرا إلى «أن الكثير من القوى المضادة للثورة التونسية المتورطة في الكثير من القضايا تمارس حاليا (انتفاضة الديك الذبيح) ولكنها لن تقدر على إرجاع عجلة التاريخ إلى الوراء» على حد تعبيره.

وقال بن حميدان في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «ملفات فساد في مجال التصرف في أملاك الدولة ومقاسم سكنية وأراض فلاحية ومساكن مملوكة للدولة كانت محل فساد وتلاعب خلال فترة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي»، واعتبر أن أصحابها سيكونون محل متابعة قضائية خلال الفترة القادمة وهم من يحاولون تأليب الشارع التونسي ضد الحكومة الحالية. وكشف أيضا عن ورود نحو 1500 شكوى إلى الوزارة خلال الستة أشهر الأولى من السنة الجارية تخص ملفات فساد وتلاعب في أملاك الدولة، وقال: إن تلك الملفات أحيلت على أنظار القضاء التونسي وقد حسم البعض منها ولا يزال البعض الآخر في الطور الابتدائي.

وأكد بن حميدان على «صعوبة فض بعض الملفات، خاصة المتعلقة منها بالأراضي الفلاحية حيث إن النظام السابق أسند آلاف الهكتارات عن طريق الموالاة والمحاباة وبطرق مخالفة للقوانين، وتمكنت الوزارة بعد أشهر من التقصي والتحقيق من استرجاع آلاف الهكتارات من أراضي الدولة وإعادة إدماجها في عمليات التنمية والتشغيل»، مشيرا إلى أن «الإدارات الجهوية والمحلية التابعة للوزارة لا تخلو من ملفات فساد مالي وإداري ويشمل سوء التصرف، خاصة عقود ملكية مدلسة وسيحال أصحابها على أنظار القضاء التونسي».

وعبر عن وضوح الرؤية بالنسبة لحكومة حمادي الجبالي واعتبر أن «مفاجآت من العيار الثقيل سيقع الإعلان عنها في القريب العاجل وهي تشمل مقاسم سكنية تحصل عليها أصحابها عن طريق المحاباة وتشمل القائمة سياسيين ونقابيين وإعلاميين»، وقال: إن «هؤلاء يشنون حاليا على وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية (حربا إعلامية) ويحرفون البعض من تصريحاتي الإعلامية لأغراض شخصية».

وبشأن تعطل المشاريع التنموية في الجهات الداخلية ما أدى إلى موجة جديدة من الاحتجاجات في مدينة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية، قال بن حميدان إن «غالبية أسباب تعطيل المشاريع التنموية تعود إلى مشاكل عقارية في تلك الجهات» واعتبر أن تلك المشاكل قد أجلت تنفيذ مجموعة كبيرة من المشاريع في جهات داخلية على غرار سيدي بوزيد (أراض اشتراكية تشترك المجموعة في ملكيتها) وقابس وبن قردان في الجنوب التونسي.

ونفى بن حميدان من ناحية أخرى الأخبار المتداولة حول وصفه الأحداث التي عرفتها مدينة سيدي بوزيد «بثورة مضادة يقودها مارقون عن القانون» وقال: إنه «تناول الموضوع من زاوية المطالب الاجتماعية الشرعية وإن من حق أبناء الجهة المطالبة بنصيبهم من الثروة والتنمية وتشغيل أبنائهم المعطلين عن العمل»، إلا أنه مع ذلك أنكر أعمال التخريب والعنف غير المبرر واستعمال القوة لنيل المطالب وتحقيقها وقال: «إن هناك من يقف وراء تلك العمليات ويحرض على الثورة المضادة». ووجه بن حميدان التهمة إلى «أطراف لم تسلم بعد بأن عجلة التاريخ قد دارت وأن موازين السلطة قد تغيرت، لذلك تراهم يسعون بوسائل عدة إلى كيل الاتهامات إلى الحكومة الحالية ووصفها بالعجز عن إنجاز المشاريع التنموية والحال أن الكثير من تلك الأطراف سعت خلال مراحل ماضية إلى تعطيل تلك المشاريع ولا تعمل على إنجاح عملية التوزيع الجديد للثروات» على حد قوله.

وحول عودة حركة نداء تونس التي يقودها البادي قائد السبسي رئيس الحكومة السابق، إلى واجهة الأحداث ومدى تأثيرها على التوازنات السياسية، قال بن حميدان إن «تلك المبادرة التي علقت عليها جيوب الردة الكثير من الآمال، لا مستقبل لها طالما أنها تسعى إلى الرجوع إلى الوراء» واعتبرها نواة أساسية لجمع فلول التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل (حزب الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي)، وهي كذلك قطب للثورة المضادة وقال: «إن هامش المناورة لديها ضعيف وهي لن تقدر على مجاراة نسق الأحزاب والشخصيات التي قادت المعارضة ضد نظام بن علي خلال سنوات الجمر».

ونفى بن حميدان من ناحية أخرى الأخبار المتداولة حول إمكانية ترشح محمد عبو لرئاسة الجمهورية بعد مغادرته حكومة حمادي الجبالي نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، وأكد من جديد أن المنصف المرزوقي هو مرشح حزب المؤتمر من أجل الجمهورية للانتخابات الرئاسية القادمة في حين سيقدم عبو ترشحه لرئاسة حزب المؤتمر الذي سيعقد مؤتمره العام نهاية الشهر الحالي، ما عدا ذلك فهو من قبيل بث البلبلة في صفوف الحزب على حد تعبيره. وقال: إن الحزب ارتكب بعض الأخطاء بعد دخوله إلى الائتلاف الثلاثي إلا أن ذلك مرتبط بطبيعة المرحلة السياسية.

وقال بن حميدان إن «المؤتمر الثاني للحزب سيكون ديمقراطيا وسيفرز قيادات جديدة كما سيصحح الكثير من المسائل وسيبني تحالفه مع حركة النهضة وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات على أسس جديدة وأولويات مختلفة».