الجزائر: عائلة رئيس الوزراء الأسبق تهدد بالتوجه إلى القضاء الدولي لإعادة فتح ملف اغتياله

شقيقاته يرفضن الرواية الرسمية التي تحمل المتشددين الإسلاميين مسؤولية الاغتيال

TT

أعلنت عائلة رئيس الوزراء الجزائري الأسبق قاصدي مرباح، بمناسبة مرور 19 سنة على اغتياله، رفضها الرواية الرسمية التي تفيد بأن قياديا بارزا بالجماعات الإسلامية المسلحة، دبَر ونفذ عملية الاغتيال التي توصف بأنها من أشهر الاغتيالات السياسية في تاريخ الجزائر.

وقالت شقيقات عبد الله خالف (الاسم الحقيقي لقاصدي مرباح) في بيان وزعنه على الصحافة أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «أصحاب السلطة الذين سبق أن مارسوا مسؤوليات في الـ20 سنة الأخيرة، يجب أن يعلموا أننا لن نتخلى أبدا عن حقنا الثابت في المطالبة بالحقيقة بخصوص ما جرى بالضبط وعزيمتنا هذه صلبة لن تتزعزع».

وذكر البيان أن التحقيق الذي جرى في حادثة الاغتيال، التي وقعت في 21 أغسطس (آب) 1993 «كان مقصَرا ومتراخيا لأنه اختار الحل السهل»، يقصد توجيه تهمة الاغتيال لأحد قادة «الجماعة الإسلامية المسلحة» آنذاك، حسان حطاب الذي أصبح فيما بعد قائدا لـ«الجماعة السلفية للدعوة والقتال» (تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي حاليا). وأضاف البيان: «لقد اعتمد التحقيق على استجواب بعض الشحاذين البؤساء لأجل إلصاق الجريمة النكراء بهم، فلم تشرح الجثث ولم يتم سماع الشهود ولم تجر دراسات باليستية، ولا تحريات معمقة مثلما حدث في اغتيالات أخرى لم تحسم بعد»، يقصد اغتيال الرئيس الأسبق محمد بوضياف في صائفة 1992، على أيدي «عسكري متشبع بأفكار الجهاد»، بحسب الرواية الرسمية.

واغتيل مرباح في مدينة برج البحري بالضاحية الشرقية للعاصمة، في كمين نصبه مسلحون في الصباح الباكر، بينما كان متوجها إلى العاصمة. وكان مرباح حينها قد غادر منصب رئيس الوزراء، إذ أقاله الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد في عام 1988 بعد شهور من توليه المنصب، لأسباب سياسية. وكان قبل ذلك رئيسا لجهاز الاستخبارات العسكرية في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين (1965 - 1979).

وقتل في العملية شقيق مرباح ونجله وسائقه وحارسه الشخصي. وعاشت الجزائر ظروفا حالكة مطلع تسعينات القرن الماضي، نتيجة تشكل جماعات مسلحة كرد فعل على تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي فاز بها الإسلاميون (نهاية 1991).

ولم يقتنع الرأي العام بالجزائر أبدا بفرضية «العمل الإرهابي» كتفسير لاغتيال مرباح. لأن الجميع يدرك أجنحة في النظام لم تغفر له أبدا خروجه من السلطة لما أسس حزبا معارضا، فهو في نظر الجميع بمثابة خزان أسرار في الدولة بحكم وظيفته وخبرته بجهاز المخابرات.

وأدان القضاء 10 أشخاص بالسجن مدى الحياة، اتهمهم باغتيال قاصدي والأربعة الذين كانوا معه. وهي محاكمة لم تقنع أحدا لاعتقاد الجميع أن الفاعل الحقيقي جهة في السلطة ربما كان مرباح يقلقها بما يحمل من «ملفات» عنها.

وقالت شقيقات مرباح الثلاث في بيانهن إن «بعض وسائل الإعلام تسعى إلى حقن بعض السذج بدهاء وسخافة بفكرة اعتداء الإسلاميين (على الضحايا الخمسة)، أما عائلة المرحوم فلن تتوقف عن مطالبة أعلى سلطة سياسية في البلاد (الرئيس عبد العزيز بوتفليقة)، بتحقيق قضائي جاد من شأنه الكشف عن الجناة الحقيقيين المدبرين لهذا الفعل الشنيع».

وهددت صاحبات البيان، ضمنا، باللجوء إلى القضاء الدولي، بقولهن: «سنختار الطرق الخارجية لمراجعة المحاكمة الخاصة بهذا الاغتيال السياسي الذي أودى بحياة خمسة من خيرة رجال الجزائر، في حال عدم تعيين قضاة مستقلين ونزهاء متحررين من كل القيود لإعادة المحاكمة». وأعلنت شقيقات مرباح استعدادهن للتأسيس كطرف مدني في القضية والمساهمة في تحقيق مفترض حول ظروف وملابسات الحادثة.